مدينة الخضر تاريخ وعطاء
محمد قاسم الطائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد قاسم الطائي

مدينة تطل على الفرات عرفها العراق وتجاهلها رجال السلطة كثيراً، خطّت اسمها بالحبر الداكن على كل أحداث العراق حضوراً ومشاركة ومعاناة، هذه المدينة لم تبتعد في همومها عن مسار المدن الأخرى، فقد حفلت هذه المدينة بمواهب العلم والادب وجميع الطاقات المتنوعة والمستنيرة أنها مدينة الخضر التي فاح بين شواطئها ورملها عطر العذوبة والطيب، تجلّت فيها نكهة الجنوب السومري ولحن الحضارة الممتد، حتى انعجن بتربها ومائها عناصر الابداع والجمال، الذي انساب بين نخيلها والبساتين ملوحة الوسط وشمرة الشمال، وبحذا شوارعها ترى صور الورود الذابلة؛ أجل أنها صور الشهداء الذين أذبلت وجوههم رياح العراق الحارقة وقد اصطبغت جدرانها بلون أرواحهم الجليلة، نعم هذه المدينة الكريمة ظلت ولا تزال مصدر للعطاء والتضحيات الكبيرة .
أورد الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية لتاريخ العراق عن دور أهل قضاء الخضر البارز في ثورة العشرين يقول في يوم" ١٠/آب عام ١٩٢٠م "« كانت الباخرة الحربية "غرين فلاي" البريطانية تمخر النهر قادمة من السماوة جنحت في الطين على بعد خمسة اميال من الخضر. فتوقف السير وقد بذل الانكليز جهوداً مضنية لانقاذها دون جدوى، وانتهزت العشائر [أي عشائر أهل الخضر] تلك الفرصة وصارت ترمي الباخرة بوابل من نيران بنادقها بلا توقف ثم عطفت العشائر وأخذت ترميها بنيران بنادقها كذلك . يقول الدكتور الوردي : حينها أبرق الجنرال "نبيان" من الناصرية إلى[ الجنرال البريطاني] " هالدين " في بغداد يخبره بأن العشائر التي تجمعت حول محطة الخضر يبلغ مجموع افرادها الألفين، وهو يستفهم منه هل ينجد الحامية وتقويتها لأنه يعتقد أن انسحاب الحامية يجعل حامية السماوة في عزلة كما أنه قد يؤدي الى تهديد الناصرية والى تشجيع عشائر المنتفق على الثورة ولكن هالدين لم يصغ نصيحته وأصدر أمره بانسحاب الحامية إلى الناصرية بلا تردد» [م. لمحات اجتماعية ج٥-ص ٢٧٨-٢٧٩]
ثم عطف الوردي حديثه حول معركة القطار التي بذل بها أهالي الخضر دوراً بطولياً تجسد بغاية الروعة والصمود بخصوص إلحاق الهزيمة بالجيش البريطاني والذي بعد ذلك اشعل فتيل الثورة في باقي مدن العراق الأُخرى كالناصرية وغيرها - هذا نموذج صغير من تاريخ هذه المدينة العريقة والتي تعد من الناحية الرسمية أحد اقضية مدينة السماوة لمحافظة المثنى- وبهذا يتضح جليّاً لا قيمة لكل أشكال التنمر والسخرية سواء بهذه المدينة أو غيرها- التنمر الذي هو أحد نتاجات الهزائم النفسية التي تلقاها المشروع الاستعماري في طريقه.وأخيراً تحية طيبة ممزوجة بالمحبة والاعتزاز لهذه المدينة ولأهلها الكرام .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat