أطفال الشوارع في كربلاء..ملامح بريئة غيّرتها قسوة الحياة وأنقذتها أيدي الخيرين
طارق صاحب
بسبب ظروف البلد الإستثنائية، يزداد عدد الأطفال المشردين أو ما يطلق عليهم (أطفال الشوارع) يوماً بعد يوم في عدة مدن عراقية وبأعداد كبيرة، وقد يتعرض هؤلاء للأعتداء، أو التنمر في بعض الحالات، أو إستغلالهم للجريمة والإدمان، ممّا دفع بجمعيات المجتمع المدني للمطالبة بالعمل على الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
وبالفعل سارعت العتبة العباسية المقدسة إلى تشكيل مركز (رُحَماءُ بينهم) لرعاية الأطفال المشردين، لتقدم بعض الخدمات إليهم ومساعدتهم للتحرر من حياة التشرد، فتساعد بعضهم مثلاً؛ كي يحصلوا على الدعم لإصلاح علاقتهم بعائلتهم، أو لينالوا فرص تعلم بعض المهارات الأساسية، وأكتساب لقمة العيش الحلال.
هذا المشروع ساهم في تأهيل عدد كبير من الأطفال الفاقدين للرعاية الأسرية، الذين اضطرتهم ظروف الحياة الصعبة إلى اتخاذ الشوارع وتقاطعاتها كمكان لإعانة أهلهم، وهذا ما أثر على سلوكياتهم وبناء شخصيتهم.
لذلك ومن هذا المنطلق، فقد احتضنت العتبة العباسية المقدسة مركز (رُحَماءُ بينهم) وألحقته بقسم التربية والتعليم العالي، ويُدار من قِبل مجموعة شبابية إنسانية تعمل تحت عنوان: (الدالُّ على الخيرِ كفاعله)، فقد عملت على تأسيس المشروع العراقي الوطني الأول من نوعه في كربلاء، الذي يعمل على إنقاذ حياة الأطفال (الذكور والإناث) من التشرد والضياع في التقاطعات والأماكن العامة إضافة إلى المعنفين أُسريّاً.
وحصلت هذه المجموعة على دعم المرجعية العُليا في النجف الأشرف المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)، ودعم الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة متمثلة بسماحة المتولي الشرعي السيد أحمد الصافي (أعزه الله).
وكانت لصدى الروضتين وقفة مع بعض شخصيات الداعمة للمشروع، للتعرف على مهامات هذا المركز الحيوي الذي يصب في خدمة المجتمع عموماً والشارع الكربلائي خصوصاً، وأبتدءتها مع نائب الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة المهندس عباس موسى أحمد الذي قال:
تنطلق العتبة العباسية المقدسة لتلبية كافة متطلبات نجاح هذا المركز الهام، وذلك تبعاً لخطة علمية مدروسة تهدف الى الرقي بمستواهم التربوي والعلمي، فأهنئ أولاً القائمين عليه من الشباب المتفانين ليلاً ونهاراً، ونحن نتواصل معهم ونعلم ماذا يعملون وماذا يفعلون، وحقيقةً هم من المجاهدين ونسأل الله أن يوفقهم جميعاً.
وقد تحدث عضو مجلس إدارة العتبة المقدّسة الدكتور عبّاس رشيد الموسويّ، قائلاً:
تعدّ الأسرة تشكيلاً مجتمعياً يحفظ للإنسان إنسانيته ويصونه، من خلال قيامها على توزيع الأدوار والمهام وتقسيم الحقوق والواجبات، وحين من الله تعالى على الإنسان القديم بنعمة الرسالات السماوية ركزت بدءاً على مكانة الأسرة، ولهذا شرعت العتبة العباسية المقدسة بتأسيس مركز نوعي فريد من نوعه، أُسس بنيانه على نواة طيبة زاكية تشكلت بنوايا طيبة من ثلة طيبة من الشباب، فأصبحوا بذرة صالحة لخدمة الطفل العراقي وتعويضه عما فقده من شتى الخدمات المجتمعية. لذا أقدم شكري لكل من دعم هذا المركز المتميز وأشكر كادره فرداً فرداً، كما أشكر جميع الأطفال الذين نجح بهم هذا المشروع داعين للجميع بالمزيد من الخدمة والقبول.
أما مدير مركز (رحُماء بينهم) الأستاذ أمير حسن عباس، فقال: نتقدم بالشكر الجزيل إلى الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة على كل ما قدمته وما ستُقدمه من دعم ومساهمة ومشاركة لإنجاح هذا المشروع العراقي الوطني الإنساني الإصلاحي، ونحن اليوم أبناء كربلاء من أرض الحسين (عليه السلام) أرض الإصلاح والتضحيات، نجدد العهد لأول من أسس نهجاً لم يكن كالبرق يخطف وينطفئ إنما سراجاً منيراً، وهو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) الذي بدأ بالطفل وكان نهجاً لرعايته.
وأضاف: كانت رؤية المركز الذي افتُتِح قبل أكثر من ثلاث سنوات هي المساهمة في خلق إنسانٍ فاعل في المجتمع، بعد أن يتم إخضاعهم في برنامج تربوي وتعليمي وصحي ومهاراتي، يضمن إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع أُسوةً بأقرانهم، وبإشراف كادر تدريبي وتعليمي متميز، ليكونوا قادرين على خدمة أنفسهم ومجتمعهم وبلدهم.
ويسعى المركز إلى تحقيق الأهداف الآتية:
- تحسين المستوى التربويّ والتعليميّ.
- تقديم الدعم والعون الصحّي والقانونيّ والمادّي.
- تطوير الجانب المهاراتيّ.
- دمج الأطفال اجتماعيّاً.
واستطاع المركز أنّ يحقّق جملةً من الأهداف التي رسمها وكان أبرزها:
- لمّ شمل 26 طفلاً بعوائلهم وتوفير متطلّبات العيش الكريم لهم، وتسجيلهم في مدارس مجموعة العميد التعليميّة التابعة للعتبة العبّاسية مجّاناً وفي مدارس أُخَر.
- المساهمة في إيواء 34 طفلاً وتسجيلهم في المدارس، وزرع الأمل والابتسامة لأكثر من 300 طفل، من خلال توفير بعض الاحتياجات لهم التي تُدخل السرور على قلوبهم.
- تأسيس (رحماء بينهم/ الفريق النسويّ) الذي يُعنى برعاية الإناث من الأطفال وتأهيلهم نفسيّاً وسلوكيّاً وتربويّاً وتعليميّاً.
- تأسيس فريق (الطفل الرحيم) التطوّعي الذي يقودُهُ أطفالُنا بعد تأهيلهم وتطويرهم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat