الوسائلُ التعليمية وخيارات التنويع.. الأهمية والأثر
نبيل نعمه الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نبيل نعمه الجابري

تحتل السنوات الست التي يقضيها المتعلمون من حياتهم في المرحلة الابتدائية، أهمية بالغة في نمو الطفل، ومستوى تطوره، وتكيّفه مع أفراد الجماعة مستقبلاً، ففي هذه المرحلة من أعمارهم؛ تتم تنمية قدرة الطفل العقلية والحركية، وتحسين الأداء الاجتماعي، بغية خلق إنسان متكيف مع البيئة والمجتمع؛ لذا حرصت المؤسسات التربوية على توفير برامج تسعى ما أمكنها إلى فرض التدخل المبكر، بكل ما يتعلق بالمتعلمين، وهذا التدخل يكون عبر إمدادهم بالمهارات الإدراكية، والمثيرات السمعية والبصرية، لإحداث تغيير في القدرات العقلية، ومساعدتهم في اكتساب مختلف المفاهيم اللغوية والسلوكية والاجتماعية، بما يتناسب مع مستوى وحاجة المتعلم.
الوسائل التعليمية كفيلة في إحداث هذه التغيرات، بما تمتلكه من تأثير سحري على المتعلمين، خصوصاً في سني حياتهم بالمرحلة الابتدائية، من خلال تدريبهم على مهارات سمعية وبصرية وسلوكية، تعمل على بناء التفكير وصقل ذواتهم بأنواعها وأساليبها المختلفة، لذا وجدنا أن نوردَ هنا أنواع الوسائل التعليمية، حسبما يصنفها الخبراءُ (التربويين)، وهم يستقون تأثيراتها الحسية لخلق الإدراك لديهم:
1- الوسائل البصرية: وتشمل كل الوسائل التي يتم تلقيها من قبل المتعلم، عن طريق حاسة البصر، والتي تعمل على استثارة الباصرة، لخلق صورة ذهنية أخرى للصورة الحسية التي تقدمها لهم، وهذه الوسائل تستعمل في مدارسنا، ولكنها على نطاق ضيّق؛ إذ يتم الاكتفاء بالسبورة والصورة المعبرة، والخرائط والبطاقات، ويتم الاستغناء عن الكثير من الوسائل التي من شأنها أن تحدث أثراً فكرياً، كالشرائح، والأفلام المتحركة، والنماذج والعينات، ووسائل الاتصال المرئية المهمة، ذات التوجه التقني كجهاز العرض TV، وتقنية الانترنت.. ونحن إذ نضع الأهمية التي ستحدثها هذه الوسائل في ذهن المتعلم، كون حاسة البصر من أهم الحواس التي يتعامل بها المتعلمون في خلق عملية التفكير، نهيب بالمعنيين في مديرية الوسائل التعليمية، أن يسعَوا ما أمكنهم لإنتاج الكثير من الوسائل التعليمية المرئية، بما يتلاءم والتطور الحاصل في المجتمع والنظام الكوني.
2- الوسائل السمعية: حاسة السمع لا تقل أثراً عما تحدثه حاسة البصر لدى التلاميذ، خصوصاً إذا تم التعامل معها بحرفية قصوى من قبل المعلمين؛ وفي مفردات المواد الدراسية التي يتم التعامل معها سمعياً، كمفردات دروس اللغة عموماً، ودروس المواد الدينية، ومدارسنا حاليا، تعاني من قصور في هذا الجانب، من أجل إحداث نقلة نوعية بتفكير المتعلمين، ومن هذه الوسائل، الإذاعة المدرسية، التي تعنى ببث برامج تربوية وعلمية تجذب المتعلمين لإعمال عمليتي الاستماع والإنصات، والتي تبعث بالمتعلم للتدبر والتأمل، كذلك الحاكي (المايكروفون)، وأجهزة التسجيل الصوتية، بما تقدمه من تجويد للأصوات، وإتقان للفظ.
3- الرحلات التعليمية: وهي تعد من أنجع الوسائل التي تمنح المتعلم سعة في الاطلاع، وتثير فيه روح الاستكشاف والابتداع، وتنمّي لديه التصور والربط بين ما تعلمه وما سيعرفه، خصوصاً إذا ما تم التعامل معها علمياً لبناء هدف تعليمي، وتعمل على تحقيق أهدافه، بما يتوافق ومفردات المواد الدراسية التي تتعلق ومحتواها بالطبيعة، كالعلوم والمواد الاجتماعية.. ومدارسنا التعليمية تكاد تكون قد ألغت العمل بهذه الوسائل، تحت حجج هي في أعمها الأغلب تتعلق حقيقة بعدم قراءة الاستبطان الذي ستحدثه في نفسية المتعلمين..
ومن هذه الرحلات: الرحلات الاستكشافية، ومخيمات الكشافة التي تعمل على نقل المتعلمين من جو الأسلوب الرمزي المجرد، إلى مشاهدة الحقائق على طبيعتها، فتقوّي لديهم عملية الإدراك، وتبث فيهم عناصرها الأخاذة، كذلك المعارض التعليمية كونها تشكل دافعاً للخلق والابتكار، في إنتاج الكثير من الوسائل التعليمية من قبل المتعلم عينه، وتعمل على جمع العديد منها، لإبراز جانب النشاط المدرسي خارج حدود الفصل الدراسي، وغيرها الكثير من وسائل الرحلات، كالمتاحف بأنواعها الداخلية والخارجية، والمعارض المدرسية.. الخ.
إن العملَ على إمداد العملية التعليمية والتربوية بالوسائل التعليمية، يعد جزءاً مهماً من نظام الدعم المتكامل الذي تحتاجه العملية التعليمية لتلافي صعوبات التعلم، فكل ما يتم تقديمه من أدوات وأجهزة وبرامج عمل، تكوّن إمكانية مضافة لتحسين أداء المتعلمين، وبإمكان المعلمين الاستفادة أيضاً من الوسائل التقنية المساندة لاحتياجات المتعلمين، من أجل خلق جو تشاركي تتفاعل من خلاله كل الأطراف في العملية التعليمية، لإحداث الأثر المرجو.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat