الفروضُ الكتابية تقنية علمية وركيزة مهارية
نبيل نعمه الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نبيل نعمه الجابري

بالرغم من كلّ العمليات الإصلاحية التي تقوم بها المؤسسة التعليمية والتربوية، من أجل النهوض بواقع المناهج التعليمية، إلا أنها ما تزال تقليدية من حيث الشكل والمضمون وتعاني – إن صحّ التعبير - من الثبات، إذ يعم عليها الطابع النظري في التلقين المعرفي، مع تراجع واضح فيما من شأنه أن يولى للجانب التطبيقي، أو المهاري، وهذا الثبات منشؤه أكثر من محور؛ تشير أغلبها إلى القطيعة بين التراث والمعاصرة، والتعكز على الماضي في عدم مواكبة روح التطور التكنولوجي والعلمي الذي يشهده العالم، والذي أحال العملية التعليمية إلى تراجع في كل المستويات المهنية والمهارية، كون المناهج التعليمية ما زالت متوقفة في أساليبها وطرقها، ومكلفة في مصاريفها، ورافضة لمنطق التجديد والتحديث.
وبين عملية التحديث للقيم والتقنيات التي تحويها العملية التربوية، نقف عند أولوية مهمة من أولويات تطوير المهارات التطبيقية، والمتمثلة بالفروض المدرسية، التي كلما تقادم الزمان عليها أصبحت أكثر استيفاءً لمتطلبات العصر، فهي لا تحتاجُ إلا لمعلم بارع يعي جيداً كيف يحول الفروض والأعمال الكتابية المنزلية إلى نشاط وعمل مفيد، يقبل عليه المتعلم بكل رغبة وطواعية، وقبل أن نوغل في جدوى استعمال الفروض الكتابية، وكيفية تنمية المهارات لدى المعلمين حتى يتم إيصالها بكل يسر وسهوله للمتعلمين، علينا أن نعرف ما هو الهدف من الكتابة؟، وكيف نُسهم في خلق وتعزيز جيل قادر على رفع مستوى العملية التعليمية من خلال إستعمال هذه التقنية؟
فالهدف من العمل الكتابي، كيفما كان نوعه - تمريناً، أو واجباً منزلياً - هو أن يدفع بالمتعلم إلى تطبيق وتوظيف المبادئ والمعارف التي تلقاها أثناء الدرس، ومن هنا تكمن أهميته القصوى، كونه الجنبة التطبيقية الوحيدة التي من خلالها نستطيع تحريك الركود الذي تعاني منه العملية التعليمية، فضلاً عن كونها تضع المتعلم في حراك مستمر، وتجعله يكتسب مجموعة من المهارات التفاعلية بين المادة والمتعلم، وتعمل على تنمية قدراته المعرفية والعلمية، وتعويده على التحكم فيها، وفي الوقت عينه، تجعله يثق بنفسه وبما سيكتسبه من خبرات عن طرق المداومة لتكرار الواجبات المختلفة، الأمر الذي يساعد المتعلم على تنمية روح المبادرة لدية، وكل هذه الأمور وما يدخل غيرها، ضمناً تعمل على تطوير العملية التعليمية.
أما كيف نسهم في رفع مستوى العملية التعليمية من خلال استعمال الفروض الكتابية، فإن أغلب المربين ينتهجون أساليب متنوعةً، تختلف شدة فاعليتها من مربٍّ لآخر، حسب الموهبة التي يمتلكها، والمهارة التي يستشعرها بنفسه، والتي تتوافق ضمناً مع مستويات تلامذته، عن طريق:
1- إمداد المتعلمين بالمزيد من المهارات الكتابية، وتوسعة الرقعة المخصصة للواجب الكتابي، يؤدي إلى تحسين الإملاء، ومراقبة كتابة المتعلمين ورسم الحروف والكلمات بشكلها الصحيح، شريطة أن لا يتم الإفراط بكثرة الفروض الكتابية؛ لأن الزيادة في هذا المضمار تعمل عمل النقصان.
2- عدم إقصار المتعلمين على نوع واحد فقط من الفروض الكتابية، مراعاة للفروق الفردية الموجودة بين التلاميذ؛ لذا على المعلمين أن يحرصوا على إمداد المتعلمين بصنوف متنوعة منها: (الفروض الروائزية، والفروض التطبيقية، وفروض التمارين المنتوعة، والفروض الإعدادية والتهييئية، وفروض التفكير)، كل هذه الفروض ستجعل من المتعلم في حراك مستمر، تفاعل خلاق، لا يشعر بالسأم، ويتجه نحو الإبداع والخلق والابتكار.
3- التدرج في إعطاء الفروض الكتابية، بما يتناسب وقابلية الفرد التي تتوافق مع المستوى العمري، والنمو العقلي، لضمان إثارة التشويق، والانتباه لدى المتعلمين، وذلك بالابتعاد عن الروتينية، من خلال استعمال فروض كتابية جذابة تفتح شهية المتعلمين للعمل الكتابي، وتبعث فيه الفضول العلمي والمعرفي.
إذا ما تمّ العمل بهذه المهارات في تطبيق تقنية الفروض الكتابية لدى المتعلمين، سيحقق المتعلمين الهدف الأسمى من العملية التربوية والتعليمية، وإزالة اللبس الحاصل في مسألة ثبات العملية المقرونة بثبات المنهج؛ كون لا ثبات في المنهج، إذا ما توفر عنصر من عناصر العملية التعليمية، باستطاعته تحريك العملية برمتها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat