صفحة الكاتب : الشيخ علي عبد الجواد

التوبة
الشيخ علي عبد الجواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قال تعالى: ((فَمَنْ تَابَ مِن بَعدِ ظُلمِهِ وَأَصلَحَ فَإِنَّ الله يَتُوبُ عَلَيهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ)) المائدة: 39
إنّ من نعم الله تعالى وفضائله ومننه التي لاتعد ولاتحصى، أن فتح لنا باباً أسماه التوبة، نعود من خلاله ونزيل عنّا ما اقترفناه من الذنوب والمعاصي، فلنستثمر ذلك ونعود الى بارئنا، ونخلص التوبة، فتصفى سرائرنا ونيّاتنا، ولننزع عنّا لباس المعاصي والذنوب بما فيها من الأدران والرذائل، ونستبدله بلباس جديد بحلّة جديدة ناصعة البياض، حلّة التقوى والايمان، تسر الناظر إليها. 
من منّا لا يرغب برضى الله تبارك وتعالى عنه، فلنرضه بالتوبة الخالصة لوجهه تعالى، والسير على ماخطّه لنا عن طريق نبيه وعترته الطاهرة عليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم. فالتوبة لا تحتاج منّا الجهد الكبير ولا بذل النفيس، ماهي إلا أن يصفّي الإنسان قلبه، ويوجهه نحو بارئه نادماً عمّا بدر منه، والعهد بعدم العود، ومن يفعل ذلك فانّ الله سبحانه وتعالى من منّه وفضله، وعد التائب بأن يمحي ذلك عنه، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((من تاب تاب الله عليه وأمر جوارحه أن تستر عليه وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتبه عليه)). فمن عظمة الباري عزّ وجلّ أنه لايكتفي بأن يمحي سيئاته، بل ينسي حفظته وجوارحه والبقعة التي اقترف فيها الذنب، فأي رب هو ربّنا جلّ اسمه، فهو بدلاً من أن يعاتب على أقل تقدير، فهو يستر على عبده، ولا يجعل أحداً مطّلعاً على ذنوبه، فهل نحن مدركون من نعصي ونخالف، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
ولا يكفي ذلك بل نجد انّ الله تبارك وتعالى يفرح بالعبد التائب العائد الى ساحته الكريمة، فقد جاء عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه (ع): قال رسول الله (ص): ((إن الله جلّ وعلا يفرح بتوبة عبده إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها)). بل أكثر من ذلك فهو عهد على نفسه تعالى بأن يبدل تلك السيئات حسنات، في قوله تعالى: ((إِلَّا مَن تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا))، فأي عظمة هذه، نعصي ونتجرأ عليه سبحانه وتعالى، ومن ثم يتوب علينا إذا ما وجد عندنا الرغبة الصادقة بالتوبة، ألا نستفيق من غفلتنا، ونتجه الى هذا الربّ العظيم، بأن نتوبَ إليه ونسأله المغفرة والرضوان... فلا ييأس أحدنا من عظيم ذنبه وطول الفترة فانه يقبل التوبة من عباده: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ))، فهو الغفّار الرحيم ويقبلها حتى آخر العمر، ولكن ليس الأمر بأن يمنّي نفسه بالتوبة في المستقبل مع التفاته الى معصيته، فهو بذلك يجاهر الله بالعصيان، ثم من أين له ذلك العهد ببقائه للحظة، فضلاً عن بقائه لفترة طويلة يتوب من بعدها.
إذن فلنفرغ حمولتنا غير المرغوب فيها، ولنتزود بالحمولة التي يرضاها الله سبحانه وتعالى وترضي أئمتنا عليهم السلام، ولنعوض عمّا فات، فانّ الله تبارك وتعالى يحب التوابين: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) ومن يحبه الله تعالى لا يعذبه أبداً...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ علي عبد الجواد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/19



كتابة تعليق لموضوع : التوبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net