التسلحُ العالمي ونمو (ثقافة السلاح)
محمد كامل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  دأبت الدولُ بصورة تقليدية على التمسك بـ(ثقافة السلاح)، فهي تجد نفسها في غمرة سباقات تسلح تذكيها من بين أشياء أخرى المصالح القوية المتأصلة في (التجمع العسكري - الصناعي) وكذلك في القوات المسلحة نفسها، وتضطلع البلدان الصناعية بالقسم الأعظم من الإنفاق العسكري، وإنتاج الأسلحة، ونقلها في اﻟﻤﺠتمع الدولي.
 لكن نفوذ (ثقافة السلاح) لا يقتصر على هذه الشعوب، فهو نفوذ حاضر أيضا في العام النامي ترعاه على حدّ سواء رغبة كثير من الحكومات في تحقيق الأمن عن طريق شراء الأسلحة، وتجارة السلاح العالمية المزدهرة، فقد ازداد الإنفاق العسكري في البلدان النامية عموما خمسة أضعاف منذ بداية الستينيات، وازداد نصيبها من إجمالي الإنفاق من أقل من عشر إلى حوالي الربع من مجموع الإنفاق، وبلغت بعض البلدان النامية مثل جمهورية كوريا مستوى عالياً من التطور رغم الإنفاق العسكري. 
 لكن التحليل المنهجي يشير إلى أن للإنفاق العسكري آثارا سلبية في الأداء الاقتصادي، ويضاف إلى ذلك أن الإنفاق العسكري هو أحد النشاطات التي تتسم بأعلى كثافة من الاستيراد، حيث يخلق عادة طلبا ثانوياً كبيراً على ما يستورد من قطع غيار وأعتدة وخدمات وتدريب ووقود... ويقدر أن ٢٠% من الدَّين الخارجي الذي اقترضته البلدان النامية غير النفطية في العقد الممتد لغاية ١٩٨٢ يعزى إلى استيراد السلاح. 
 ولا ريب في أن المستويات العالية من الإنفاق العسكري الذي تقف وراءه طائفة من الأسباب،  قد ساهمت في تفاقم أزمات التنمية في افريقيا، حيث ازداد الإنفاق العسكري على المؤشرات الحقيقية بنسبة ٧٬٨ % سنويا خلال الفترة الواقعة بين عامي (١٩٧١ – ١٩٨٢) وازدادت استيرادات السلاح بنسبة ١٨٬٥ %. وينبغي أن يلاحظ في هذا الصدد في حالة (دول المواجهة) الأفريقية، أنها اضطرت إلى زيادة قواتها المسلحة بسبب التهديد الآتي من جنوب أفريقيا. 
 وهناك الكثير من النزاعات المحتدمة في العالم الثالث - ما يربو على ٤٠ نزاعاً من دون حل - اندلع العديد منها بسبب الحدود التي رسمت في العهود الاستعمارية، وكان للأسلحة المتطورة أن تساعد على تحويل الصراع المحتمل إلى صراع دائر فعلا. 
 واستنادا إلى (فريق الخبراء الحكوميين حول العلاقة بين نزع السلاح والتنمية التابع للأمم المتحدة) فإنه (لم يعد هناك أدنى شك في أن شحة الموارد والضغوط البيئية تشكل مخاطر حقيقية وداهمة على رفاهية سائر الشعوب والبلدان في المستقبل. هذه التحديات هي من حيث الجوع تحديات غير عسكرية من الضروري معالجتها على هذا الأساس. وإذا لم يتم إدراك ذلك، فإن هناك خطراً جسيماً من تردي الوضع إلى نقطة حرجة، حيث كان اعتبار استخدام القوة عندها حتى لو كانت فرص النجاح ضئيلة وسيلة لإحراز نتائج بسرعة كافية. وهذا احتمال ليس مستبعدا بالمرة. فقد بدا في السنوات الأخيرة ميل ملحوظ في العلاقات الدولية إلى استخدام القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها ردا على تحديات غير عسكرية للأمن). 
إن نشوء (ثقافة سلاح) في العديد من البلدان النامية، يثير مخاطر خصوصا في سياق الضغوط البيئية، وتلك الناجمة عن الفقر. فانتقال اللاجئين على نطاق واسع، والتزاحم على الشحيح من الماء والأرض الخصبة ومكامن النفط والمواد الأولية والحدود سيئة الترسيم، وما إلى ذلك كلها تشدد على حدة التوترات وتزيد إمكانات النزاع. كما ازداد استيراد البلدان النامية للسلاح بسبب هذه النزاعات الفعلية أو المحتملة. 
 ويعمد منتجو السلاح إلى تشجيع ذلك بسبب الأرباح الطائلة القادرة بحد ذاتها على إدامة صنع السلاح في البلدان المصدرة. ولقد قدر تصدير السلاح بأكثر من ٣٥ مليار دولار سنويا، ويقدر أن تجارة السلاح التهمت ما يربو على ٣٠٠ مليار دولار خلال العقدين الماضيين ثلاثة أرباعها على شكل مبيعات للبلدان النامية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كامل

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/19



كتابة تعليق لموضوع : التسلحُ العالمي ونمو (ثقافة السلاح)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net