الإمامُ الحسين (ع) قتيل السجدة..
الشيخ علي عبد الجواد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ علي عبد الجواد

الثورة التي قام بها الإمام الحسين (ع) ما هي إلاّ ثورة جنود الرحمن ضد جنود الشيطان.. وهذه الحرب ذات جذور قديمة في الحقيقة، منذ الصراع بين قابيل وهابيل، بل منذ السجدة التي أمر اللهُ بها الملائكة لآدم (ع)، وكان بينهم إبليس ((وَإِذْ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبلِيسَ أَبى)) طه: 116.. وتلك السجدة كانت هي الحاجز بل الإعلان بالحرب من قبل إبليس على بني آدم، فقال: (.. فبما أَغوَيْتَنِي لأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقِيمَ)، فظهرت مقولته واضحة، حين أغوى آدم وأخرجه من الجنّة، ولكن تحدّى آدم الصعاب وأخذ بالبكاء والندم، فتاب عليه ربّه، فانحسر إبليس وانزوى، إلاّ إنّه كان يتحين الفرص، ويكيد المكائد، الى أن بانت بوادره، فقتل قابيل أخاه هابيل..
وظلت الأمور على نحو هذا السجال، ففعل إبليس، ونطق على أشرّ الخلق من بني آدم، فتارة يؤذون الأنبياء، وأخرى يكذبونهم، وثالثة يعذبونهم ويقتلونهم.. الى أن وصلَ الأمر الى نبينا الأكرم (ص)، ولاقى ما لاقى من قومه، حتى قال عليه الصلاة والسلام: ((ما أوذي نبي مثل ما أوذيت قط))، الى أن استتب الأمر، وساد الاسلام، وأرسيت القواعد الأساسية له، وأخذ الشيطان يختلق شتى الطرق للاطاحة بهذا النبي ثم الدين، فلم يتيسّر له ذلك..
وعاد اللعين هذه المرّة، وقويت شوكته، حين مرض النبي (ص) بمرض الموت، فأراد (ص)، أن يقوّي أركان الإسلام، ويضعه على أسس قوية، لمّا علم (ص) بنية القوم، فنطق إبليس على لسان أحدهم فقال: انّه يهجر..! وتسيّد الرجيم الأمر عند السقيفة، فجاء الأمر كما أراده، فعلت رايته عالياً..
ولكن كما يقال: إنّ للباطل جولة، وللحق جولات، فانكسر اللعين، وتهدّمت أركانه، عندما ولي الأمر أمير المؤمنين (ع)، ورفرفت راية الحق عالياً، فاستعاد الإسلامُ مساره الصحيح.. ولكن لم يبقَ الشيطان ساكناً، بل حشّد الحشود، ولم تبقَ محاولة إلاّ وأتى بها، ولكنها كانت تبوء بالفشل؛ لأنّ هناك، وبصريح القرآن الكريم: ((رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)).
وسارت الأمور، الى أن وجد اللعين أشرّ الخلق، فكانت تلك الضربة القاضية للاسلام في مسجد الكوفة؛ وتكالبت الأحداث والفتن، على الإمام الحسن (ع)، حتى وصلت الى المصالحة للأسباب التي استدعت ذلك.. وهنا تسيّد اللعين من جديد بصورة معاوية، فتسلّط على رقاب المسلمين.. واستمر الحال الى أن أقبر معاوية، فجاء من هو أشد شرّاً على الاسلام.. فلزم من الأمر أن تكون هناك وقفة صارمة للحفاظ على بيضة الاسلام، ورفع راية الحق.. فكانت تضحية الامام الحسين (ع)، ليسود الحق على الباطل، فانتصر الدم على السيف، وما كان منه (ع)، إلاّ أن قال: ((إنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة))، فبالتأكيد إنّ إحياء أمر الله، وإعادة الدين الى مساره الصحيح، يستحق التضحية، وبذلك تكون منتهى السعادة..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat