التعبير عن الرأي ... ليس خصومة
فاضل حاتم الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فاضل حاتم الموسوي

إن تعدد الأفكار واختلاف الآراء من الأمور الطبيعية في المجتمع لأنه في الأغلب ناتج عن تفاوت في المعرفة ولا يقتصر هذا التفاوت على مجال محدد بل يشمل سائر المجالات , فلا ينبغي أن يدفع هذا الاختلاف والتعدد الى الخصومة والقطيعة .
إن الاحترام المتبادل بين الطرفين يجعل من ميدان الحوار هو الفكر وليس الذات , ومن هنا جاءت التعاليم الإسلامية محذرة من الوقوع في الخصومة والقطيعة لأن ذلك ليس من صفات العقلاء , بل العكس من ذلك ما نشاهده من انعقاد الندوات والمحافل العلمية لمناقشة الآراء والاستماع لوجهات النظر الأخرى المختلفة من حيث الدين أو المذهب أو الانتماء , ولأن الخصومة تستنزف طاقة الإنسان وجهده التي كان الأجدر به أن يستفيد منها نحو الخير وتنمية القدرات , ورد عن الإمام الصادق (ع) انه قال : إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عز وجل وتورث النفاق وتكسب الضغائن . وعنه (ع) أيضا قال : فلا تخاصموا الناس لدينكم فان الخصومة ممرضة للقلب . ( بحار الأنوار , ج2 , ص 128 ) .
ومن خلال التجربة رأينا كثيراً من اختلاف الرأي يكون بسبب تفاوت المعرفة عند الناس الذي هو في الحقيقة أمر طبيعي , قال تعالى : بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون . فالإنسان الذي لم تتضح له الأمور بشكل جيد يُعرض عن الحق فضلا عن إتباعه , فالمطلوب أن يوضح صاحب الرأي والفكرة مراده بشكل واضح كما قال تعالى : واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .( طه : 27 ) , وقال تعالى أيضا :﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ ( النحل : 125 ) , ثم بعد ذلك تستطيع أن تعرف الموافق لك من المخالف . أما ما يجري اليوم من تبادل الاتهامات لمجرد عدم التوافق بالرأي أو عدم فهم الأخر كما هو يريد , وانعكاس ذلك على الساحة الفكرية وانتشار ظاهرة الخصومات في كيان المجتمع وإصابته بالتفكك والضعف أمرٌ مخيب للآمال حقيقة وخصوصا بين الطبقات المثقفة . ورد عن الإمام الرضا (ع) انه قال : وإياك والخصومة فإنها تورث الشك وتحبط العمل وتردي بصاحبها , وعسى أن يتكلم بشيء لا يُغفر له . ( مستدرك الوسائل , ألنوري , ج 9 , ص 77 ) , وبغض النظر عن أسباب الخلاف ودوافعه , فانه يدفع صاحبه لارتكاب مختلف المعاصي من غيبة ونميمة وبهتان من أجل الانتصار على عدوة وبالتالي الابتعاد عن تقوى الله تعالى والانتصار للنفس , ورد عن أمير المؤمنين (ع) انه قال : من بالغ في الخصومة أثم ومن قصر فيها ظلم , ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم . ( قصار الحكم : 289 ) .
فاختلاف الرأي في مسالة ما لا تعطيك الحق بأي شكل من الإشكال التجاوز على الطرف الأخر فهو إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat