"مجتهد بلا عمامة" مشروع يثبت فشله بجدارة وفساد آثاره!
محمد حسين عمار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد حسين عمار

لم نرَ في يومٍ من الأيام حاخام يهودي تجرد عن زيه الديني التقليدي لينزل إلى "الساحة" أو "الشارع" اليهودي ويهدي شبانهم ويدعوهم إلى الألتزام!
ولا رأينا قس مسيحي أخفى شعار الصليب؛ لكي لا يُميّز عن غيره ويتكلم معهم بكل أريحية!
وهكذا أكثر علماء الأديان وطلابها يعتزون بزيهم الخاص وطريقة لبسه؛ لأنه يمثل جزء من هوية الدين الذي ينتمي إليه والقيمة الرمزية التي تربط الناظر وتنقله إلى المتزي الأول بهذا الزي، فهاهم كبار الحاخامات والقساوسة والرهبان حينما يريد أن يبشر ويدعو لدينه لا يتجرد عن زيه بل يعتز به غاية الاعتزاز وكأن هذا الزي يمده بالمزيد من الثقة والاعتزاز بالنفس ويعتبره وسيلة أولية للتعريف عنه ثم ينطلق بدعوته بكل أريحية!
على المستوى المذهبي لم نعهد هذا الأمر سابقاً في حوزاتنا ومدارسنا الدينية ولم يرشد إليه مشهور علمائنا!
فحين دخول البدلة وربطة العنق والطربوش "زي الباشوات" لم يتأثر به طلبة العلم ولم يدنوا منه لإستثماره والتزيي به ولو بدافع محاربة التيارات والتوجهات التي كانت تأخذ من الشباب مادة لها فيحل "الطربوش" بدلاً عن العمامة؛ لكي يكون الخطاب ولغة الحوار أكثر أريحية وتقبل!
بل على العكس رفضوا ذلك وخصوصاً حينما أجبروا الطلبة من قبل أحد الحكام في إيران سابقاً على لبس البدلة والطاقية لمن لم يصل إلى رتبة الإجتهاد حتى أن أبناء العلماء حينما دخلت المدارس النظامية وأنضموا إليها كانوا في المدارس يعتمرون العمائم ويلبسون الزي الحوزوي؛ حيث كان ذلك منهم اعتزازاً بالهوية والانتماء.
أما اليوم يريد البعض أن يضفي لمسة الحداثة على الطالب ويلتمس أن يكون الأمر سواء بين طالب العلم الحوزوي والجامعي!
كل ذلك بداعي التطور في الدعوة والإقتراب أكثر!!!.
متى كانت العمامة عائقلاً في دعوة الناس إلى الله؟!
متى كان "الجينز" أكثر تأثيراً من الزي؟
فعلى نحو الواقع الملموس حينما يكون طالب العلوم الدينية بين الشباب من دون زيه وتطرح مسألة ما ويدلو الطالب بدلوه فينقض ويبرم، وينفي ويثبت، ويبرهن ويستدل كل ذلك بقوة ومتانة علمية لكنهم في نهاية المطاف لا يأخذون بكلامه على نحو اليقين بل يجابهونه بجملة (أتصل لنا بالشيخ أو السيد من أساتذتك لنتأكد أكثر) أو يعرضون فيما بعد ما طرحه على معممٍ يثقون به!!!
بيد أنه لا يقتصر الأمر على الزملاء فحتى أبناء الأسرة الكبيرة الواحدة كذلك إذا كان أحدهم طالب علوم دينية لكنه غير معمم -وهم أعرف الناس به- !!!
فكل هذا لم يجد نفعاً بل بقيت العمامة مصدر أصالة وثقة لهم.
لم يجن هذا المشروع إلا زيادة كفة سلبياته على الإيجابيات فقد أخذ الكثير من الشباب المخالطين "للطلبة بلا عمامة من زملائهم" يتجاسرون على طلبة العلم بذريعة أن هذا كزميلنا الطالب ليس إلا !!!
ثم أخذت العمامة تفقد شيئاً من قدسيتها في أعينهم فراحوا يمترون طالب العلم ويزدرونه ويتعاملون معه كأحدهم!!!
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat