إسقاطات نجيب محفوظ
احمد فؤاد القيسي
احمد فؤاد القيسي
رواية حديث الصباح والمساء أنموذجاً
الكثير من الدلالات التعبيرية تشير إلى إسقاطات ايديلوجية لأدب (نجيب محفوظ) فهو يرى التعبير عن الذات حق سواء اتفق مع القواعد العامة أم لم يتفق- وفي لقاء آخر صرح:- ليست هناك قواعد أبداً- ليعلن بذلك عزلته عن الوجود الموضوعي مستخدماً الدس بعبارة التضمين الخفي- تقول راضية إحدى شخصيات حديث الصباح والمساء :-(الله لا ينسى عباده، ومن توكل على الله لا يحزن) ثم يعبر عن هذا التفاؤل بالهرطقة والهذيانات كالاتصال بعوالم غيبية ساخرة.. (نشأ مؤمناً لكنه بلا قيود خلاف أسرته فهو لم يؤد الصلاة ولا الصيام وستتطبع أسرته بطابعه فيما بعد) يعني هذا انه يرى: أن الصوم والصلاة قيود والمستقبل ينقاد إلى ترك الدين بالتطبع ولذلك استبدل العمائم بالطرابيش- في حال يقدم عائلة يهودية بمستوى تربوي عالٍ يسميه بالتعليم التهذيبي...
ويرى في إحدى بطلاته: أنها لم تنطق بكلمة تخدش إيمانها إلا أنها تجهل دينها تماماً- ومن هذه التناقضات يرسم لنا شخصية (داود) كاسم له رمز معلوم- بأنه الشخص الملتزم الذي لم يتخل عن فرائضه الدينية أبداً، وبالمقابل نجد أن (عامر بن عمرو) لا يتجرأ أن يذكر زوجته في أن الصيام واجب في شهر رمضان، مع الكثير من الشخصيات التي تعاني الازدواجية بين الدين والفساد على غرار شخصية (أحمد عبد الجواد) في الثلاثية ويرسم لنا شخصية أخرى بطراز خاص هو (قاسم بن راضية) ليظهر التزامه بالدين ناتج عن عدة عوامل منها الوحدة والحرمان ومرض الحمى والصرع والتخلف- ويلجأ إلى لعبة الأسماء التي يمارسها بتمكن، فأسم الجد الأول هو المعلم يزيد- وإعطاء سمعة المعلمة ذوبان في بوتقة المجتمع- وهو رجل التمس طريق النجاة تخلصاً من وباء ألمّ بأهله حتى يصل به قمة التماهي بأن أحد الأولياء يزوره في المنام ويدعوه إلى بناء قبره قرب الضريح، وشخصية أخرى هي الشيخ معاوية رجل الدين الملتزم الوحيد الذي شذ عنه أحفاده فهجروا الجبب والقطاطين إلى لبوس العبث والمجون- والشخصية الوحيدة التي تجسدت في عوالم الشر الغيبي والذي يظهر دائماً لراضية حتى تمكنت من طرده يحمل لقب الرمز الأول في الإسلام بعد الرسول (ص)...
ومثل هذه المخادعة تحمل الكثير من إسقاطات ازدواجية الكتاب أنفسهم ظناً منهم أنها تخفى على أهل الاختصاص في حال أغلب النقاد بدأوا وللأسف يتبعون الأسماء الرنانة بعمى شديد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat