الكذب من أكبر الرذائل وأخبث العيوب، وأقبح الذنوب قال الله تعالى: "إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ" النحل/105، فالكذب هو ليس من صفات المؤمنين وذنب من الذنوب التي لا يغفرها الله تعالى، وهو مذموم من قبل الله تعالى والناس أجمعين.
وهناك قصة معروفة نريد أن نكرر معناها، إذ قالوا: إن صبياً كان يسخر من أهل قريته فيدعي الغرق، ويصيح مستغيثاً طالباً النجدة سأغرق انجدوني، وعندما يهبون لإنقاذه يسخر منهم ويضحك مستهزئاً بهم، حتى جاء اليوم الذي طغى موج البحر عالياً، فكان الصبي منهك القوى، وأشرف فعلاً على الغرق، ولكن الناس اعتادوا على سخريته، ولكذبه المتكرر لم ينقذوه ولم يهب احد لنجدته، وغرق الصبي دون أن يشعر أي انسان بالأسى، وقال الجميع: لقد دفع حياته ثمنا لكذبه، ولا أحد يصدق كذاباً..!
إن الكذب وببساطة يلغي وجود الانسان، وهو مجرد ان يتصف الانسان بالكذب ويعرف عنه بعدم مصداقيته، فإن أبواب الحياة والناس كلها تغلق في وجهه، ويتحول الى شخص لا قيمة انسانية له، وهو من اكبر المصائب؛ لكونه مفتاحاً لكل أنواع الشر. علينا أن نعي أن الكذب يسقط كرامة المرء في سوء سمعته، وانعدام الثقة به وهو دليل على مهانة الكاذب لنفسه، وقد قال رسول الله (ص): "لا يكذب الكاذب الا من مهانة نفسه" والكذب هو سبب مهم من اسباب الكراهية، يشيع الكراهية بين الناس، وسبب مهم من أسباب تضييع الوقت؛ كونه عبثاً يقف حائلاً لمعرفة الحقائق.
يقال إن بعض الكذب محمود، وهذا يعني الكذب الذي يسعى للإصلاح بين الافراد هو كذب محمود؛ لأنه يأتي لغايات المحبة واشاعة روح المودة بين الناس، لكن المرعب عندما يصبح عادة متمرسة بدافع الطمع، ومن أجل مصالح شخصية خاصة، ومن أجل تضخيم الشخصية لنفسه طلبا لعلو شأن زائف، والسعي لادعاءات زيف يتبنى فيها مصادرة جهد الاخرين، وتنسيب الجهد لنفسه، فهو ينسب ما ليس له من صالح الأعمال لنفسه.
الصدق هو مفتاح النجاح والمنجي من الفشل والصدق وحده يبعد الانسان عن المشاكل المتربة على الكذب، قال النبي (ص): "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي الى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا".
وقال سيد البلغاء والمتكلمين مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): الصدق ينجيك وان خفته، والكذب يرديك وأن آمنته، فالمصاب بمرض الكذب عليه ان يبدأ بالعلاج وفورا بقول الصدق والحق والابتعاد عن الكذب، كل شيء بالكذب لا خير فيه يقول الشاعر:
إذا لم يكن الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله ... ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا تقادم عهده ... ويظهر أمرا كان بالأمس قد خفى
سلام على الدنيا اذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat