منهم الفضائيين ومزدوجي الرواتب.. غياب الإحصائيات الرسمية عن موظفي الدولة يصعب عملية الإصلاح الاقتصادي

تسعى كابينة الكاظمي في الأشهر القليلة المتبقية من عمرها، الاستمرار في ما تعتبره “عملية إصلاح مالي” تقلل من خلاله أعباء الواجبات الاقتصادية في ظل فساد متجذر في مؤسسات الدولة وتراجع إيرادات الدولة، لكن محاولات الحكومة تصطدم بأكثر من جدار أسمكها جدار غياب الإحصائيات الحكومية عن موظفيها وعمق الفساد الذي تجذر طيلة 15 سنة.

عضو اللجنة المالية جمال كوجر كشف في تصريح صحفي إن “وزير التخطيط، وخلال استضافته في الجلسة العامة مع رئيس الوزراء، أكد أنه ليس لديه العدد الدقيق لموظفي الدولة، وعليه يجب أن تكون هناك حلول بهذا الخصوص، منها أن تلجأ الحكومة إلى آلية معينة، كأن تعتمد على النظام البايومتري لإثبات عدد الموظفين، أو أن يتم تأسيس قاعدة بيانات لكل مؤسسة في الدولة”.

وأضاف أن “هذه القاعدة يجب أن تكون مبنية على أسس علمية تثبت أولاً وجود الموظف في تلك الدائرة ومدى حاجة الحكومة إلى ذلك الموظف لكي يتم تحريك التنقلات، لا سيما أن هناك مؤسسات مكتظة بالموظفين تقابلها مؤسسات تعاني نقصاً حاداً فيهم”.

وتابع “يجب أن يكون هناك تنظيم لهذا العمل”، مشيراً إلى أن “الوزارات سابقا كانت تقوم على المحاصصة، لذلك فإن كل وزارة كانت عبارة عن دولة بحد ذاتها، وبالتالي فإن عملية الإصلاح شبه مستحيلة”، مبينا أن “الحكومة الحالية هي الوحيدة التي لديها الجرأة في تشخيص الخلل، ويفترض أن يتم البدء بخطوات علاجية لهذا الخلل المتراكم الذي لا تتحمله الحكومة الحالية وحدها”، داعياً إياها الى أن “تضع آلية لاكتشاف الفضائيين”.

من جانبها رأت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية ندى شاكر جودت، أن توطين الرواتب سواء في إقليم كردستان أو باقي المحافظات، أمر ضروري لتأسيس نظام مالي صحيح، مشيرة إلى أن التوطين سينهي ظاهرة “الفضائيين” ومزدوجي الرواتب.

كذلك حذر الخبير الاقتصادي، ماجد الصوري، من انهيار الوضع المالي للبلاد، اذا ما لم يتم إعادة النظر بسياسة الحكومة الاقتصادية بشكل جدي، لافتا إن “موازنة 2021 خالية من التعيينات الجديدة والمشاريع الاستثمارية والخدمية، ولن تستطيع الحكومة تسديد رواتب الموظفين ‏لنهاية العام المقبل، إذا بقى الحال على ما هو عليه الان من ناحية اولاً المستوى الكبير من الإنفاق وثانياً هدر الأموال”.

وأضاف أن “عدم مكافحة الفساد الإداري وعدم القضاء على الفضائيين كسببين ثالث ورابع، سيضع البلاد على حافة الهاوية”، مشددا على “ضرورة المضي أيضاً بتخفيض رواتب الدرجات الخاصة والامتيازات لأنها أرهقت ميزانية الدولة”.

ربط رواتب موظفي الإقليم ببغداد

إلى ذلك أكد النائب عن حركة التغيير غالب محمد، مضي النواب الكرد والعرب بمشروع ربط رواتب موظفي إقليم كردستان بالحكومة الاتحادية مباشرة، مشيرا إلى إن إقرار هذا المشروع يمثل الحل الوحيد للقضاء على الأرقام الفضائية الخيالية لموظفين لا يعملون لكنهم مسجلون على انهم على الملاك الرسمي.

وقال محمد، إن ”جميع الأحزاب الكردية وافقت على هذا المشروع باستثناء الحزب الديمقراطي لأنه سيتضرر كثيرا، في حال تم توطين الرواتب مع بغداد”، مضيفا أن “أحزاب السلطة لديها عشرات الآلاف من الموظفين الفضائيين أو الذين لا يعملون ويستلمون رواتب وهم في الخارج أو يقومون بأعمال حزبية، وهؤلاء يتم استغلال أصواتهم في الانتخابات لصالح الأحزاب الحاكمة”.

وكانت الصباح الجديد نشرت مؤخرا، تقريرا خاصا أوردت فيه إن ما يربو على 112 عضوا بمجلس النواب، وقعوا على مشروع قانون يدعو الى ان تقوم الحكومة الاتحادية بصرف رواتب موظفي الإقليم مباشرة وعدم تسليمها الى حكومة الإقليم، بعد أن اتخذ أعضاء كرد في المجلس خطوات عملية باتجاه نقل رواتب موظفي حكومة إقليم كردستان على ملاك الحكومة الاتحادية، بعد فشل الأولى في تأمين رواتب موظفيها المتأخرة منذ أشهر.

وأفادت مصادر برلمانية إن هناك دعما واسعا للقانون من قبل أعضاء مجلس النواب من الكتل الشيعية والسنية، الذين وقعوا على مسودة مشروعه لافتة إلى أن هناك أيضا مسؤولين كبار في الحكومة الاتحادية عبروا عن تأييدهم للمشروع.

فاضل نبي الوكيل الأسبق لوزارة المالية العراقية اعتبر هو الآخر إنه من الضروري مناقشة المقترح مع حكومة إقليم كردستان أولاً “حتى لا يؤثر سلباً على كيان الإقليم”، وفيما استبعد “نجاح هذا المقترح بصيغته الحالية”، أوضح أنه “يوجد أكثر من مليون موظف في الإقليم، فما الذي ستطلبه بغداد مقابل دفع رواتبهم؟ لذا اعتقد أن العراق لن يعتمد هذا المقترح”.

النائب الكردي فاضل نبي نفى وجود مليون موظف في الإقليم، وقال: “هناك مئات الآلاف من الأسماء الوهمية وإذا ما نفذ المقترح فإنه سيتم استبعاد الأسماء الوهمية، كما أن الحكومة العراقية تسعى لفعل نفس الشيء مع موظفيها”، مشيرا أن “عدد الموظفين غير محدد بدقة، والحكومة العراقية لن تنفذ المقترح قبل أن تضع بعض الالتزامات على عاتق حكومة الإقليم، لذا على أربيل أن تكون أكثر حذراً واطلاعاً على هذا الموضوع”.

وتجد الحكومة العراقية صعوبة في تأمين رواتب موظفيها بسبب الأزمة المالية الناجمة عن تدهور أسعار النفط وتفشي جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها على كل مفاصل الحياة حتى باتت تهدد رواتب الموظفين، حيث لجأت الحكومة إلى اقتراض 12 ترليون دينار لتوزيع الرواتب حتى نهاية العام الحالي بموجب قانون تمويل العجز المالي من قبل البرلمان العراقي في 12 تشرين الثاني الجاري والذي حلَّ بديلاً عن موازنة 2020 حيث لم يتم التوصل لاتفاق بشأن تمرير القانون، وسط تأكيدات من رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بمواجهة مشكلة في توفير الرواتب اعتباراً من بداية 2021.

الموضوع السابق تزامنا مع بداية العام الدراسي.. وزارة الصحة توجه نداء للعراقيين وتطلق حملات فحص خاصة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat