الكلفة الباهضة للإصلاح الشامل
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حميد مسلم الطرفي

منذ مدة وأنا أشكو من عدم وجود إشارة جيدة لقناتي آي فيلم ( ifilm arabic ) وكربلاء الفضائيتين ، والأولى مختصة ببث دراما محتشمة تصلح للمتابعة من كل أفراد الأسرة وفيها الكثير من المسلسلات لاجتماعية الهادفة والثانية معروفة ولعل أحوج ما تكون اليها أيام المناسبات لتنقل لك بثاً مباشراً من صحن الامام الحسين عليه السلام وأخيه العباس أصوات الآذان والزيارات والادعية والشعائر الحسينية . شكوت الأمر لأصدقاء كثر وكل نصحني بنصيحة فاتبعت الجميع ولم أفلح . اضطررت لإخراج مختص إلى المنزل ومعه كل اجهزة الفحص الضرورية وصعد السطح ، وحرك الصحن اللاقط شمالاً وجنوباً ، شرقاً وغرباً ، كان الجهاز اللاقط ( الصحن) على السطح العلوي فوق ( البيتونة) أنزله على سطح الدار ، استبدل الأسلاك الموصلة ( أصلي ومو أصلي) ، ومعها ( الفيش) ، غيّر الأولمبي ، كل هذا وجهاز قراءة الاشارة لا يفارقه . أنا أراقب المشهد وأنتظر النتيجة اليقينية بانتهاء المشكلة وصدور الإشارة . لم أشأ أن استبق عمل المختص رغم الحاح نفسي علي أن أسأله أين وصلت وما هو السبب ؟ وكأن الرجل قرأ ذلك على عيني ، فقال لي متنهداً : للأسف عليك استبدال الدار التي تسكنها لكي تحصل على إشارة هاتين القناتين !! بصراحة ضحكت ضحكة مريرة تجمع بين اليأس والسخرية والعجب . فقال صديقي الفني : من حقك ان تضحك ولكن هذا الامر حقيقي وانا صادفته قبلك في احد المنازل ، إن موقع بيتك هو السبب ما لم تعدل هذه القنوات من تردداتها ، وانت بالخيار بين الصبر على اختفاء اشارة هاتين القناتين أو استبدال الدار !! شكرت صديقي واستحى ان يأخذ أجراً رغم مابذله من جهد . هذه القصة أرويها للقارئ الكريم ليس للطرفة والترفيه عن حجر كورونا ، ولكني وجدتها معبرةً تماماً عن الاصلاح ودعوات الاصلاح في النظام السياسي الحالي في العراق ، فكلفة الاصلاح الحقيقي باهضة الثمن ، ربما الى الحد الذي يفضل البعض منا التريث في بقاء الحال على ما هو عليه على الكلفة الباهضة لاجرائه . فبعد تظاهرات شلت البلد أربعة أشهر وسقوط مئات الشهداء وتشريع قانون الانتخابات وحل مفوضيتها وتشريع قانون جديد لها واستقالة الحكومة المنتخبة ومجيء أخرى ، لا يبدو اننا بحالٍ أفضل . استبدال الدار هو الحل ولكنه في ظروف اليوم مغامرة ومقامرة أكثر من كونه خارطة طريق للاصلاح ، فمازالت شروط استبدال الدار بأمان معطلة محلياً واقليمياً ودولياً ، وكل من حاول استبدال الدار قبلنا وفي مثل ظروفنا وقع في الأسوأ فبدل أن يخسر قناتين خسر كل القنوات ، واليمن وليبيا وسوريا خير دليل . دعونا نبدع في ايجاد حلول بديلة ، أنا شخصياً في مشكلتي استعضت بالانترنيت ومواقع القناتين على اليوتيوب ونقلها من الكومبيوتر الى الشاشة ، فكان . لسنا مع الركون الى الفساد ، ولكن التفاؤل يجب أن لايذهب بعيداً . حمى الله العراق واهله .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat