صفحة الكاتب : علاء تكليف العوادي

السوشيال ميديا (برامج التواصل الاجتماعي) أدوات الحركة الاعلامية لنقل الإشاعة
علاء تكليف العوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعريف الإشاعة لغة واصطلاحا:

الإشاعة لغةً من أشاع: أي أذاع وأفشى، وثلاثيّه: شاع، أي ذاع وفشى..، والإشاعة ـ فيما سيتّضح ـ موضوع للمطلوبيّة فيما لو كان المشاع خيراً، كما أنّها موضوع للمبغوضيّة فيما لو كان شراً، وسنعرض لهذا..
وأمّا في الاصطلاح فالإشاعة المبغوضة هي: بث ما هو صادق أو كاذب؛ لتحقيق ما هو غير مشروع.
وقد يكون غير المشروع هذا، منفعة شخص أو فئة، أو إضراراً بشخص أو فئة، أو مجموع الجميع؛ أي منفعة الشخص والفئة مع الإضرار بالآخرين(1).
وما الإشاعة ـ في معناها المبغوض ـ ليس لها عنوان خاص عند فقهاء الفريقين سنّة وشيعة، وإنّما يذكرونها تارة في باب قذف المؤمن كما هو الغالب، وأخرى في باب الغيبة، وثالثة في البهتان، ورابعة في باب الكذب وهتك الحرمة ونحوهما، كلّه على نحو الاستطراد وجري الكلام(2).
بعد بيان هذه المقدمة نقول: لم تكن الاشاعة وليدة اليوم ولا العهد الجديد بل انها كانت السلاح الفتاك في الحروب القديمة من خلال بثها عبر الجواسيس والعيون التي تتمركز في ضمن الجيوش او الشعوب المتصارعة فيما بينها فكان لها اليد الطولى في السيطرة على مسيرة التاريخ واللعب بمعارف العقل الإنساني وبديهيّاته، بل الشـرع وضروراته، فتشبه الأفكار التي تريد نشرها بالحقيقة مع أنّها زيف أو خرافة أو أسطورة، وهو ما عبّر عنه القرآن الكريم بالمتشابه، حيث قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (3)، فمنذ زمن الرسول (صلى الله عليه وآله)، عمد أداء الرسالة المحمدية الى الاعتماد على الإشاعة في حوادث كثيرة منها: هجرة الحبشة ومعركة أحد وحادثة الإفك وغيرها، كل ذلك الغايات منها الإساءة للإسلام.
ولاشك ونحن نعيش عصر التطور المتسارع لتقنية التكنلوجيا وما تقدمه من خدمات عبر برامج التواصل الاجتماعي التي اصبحت اليوم المرافق الاول لكل فرد منا وما يحمله هذا التصور من نفع في تقدم العلم والوصول للمعلومة وفتح المجال الابداء الآراء والافكار وتبادل وجهات النظر فيما بين الاشخاص لكونها المنصة الواسعة التي لم تحجم حرية الرأي لكن وللأسف ان هذا العلم الجانح الذي ليس لمستوى تقدمه من توقف في ضل منافسة القائمين عليها لم يكن له اداة حقيقة لنبذ ومحاربة ما يفسد الحياة الاجتماعية لذا نراه اليوم اصبح يستخدم في ما لم يعهد منه لرفد العالم بما يصلح حاله العلمي والاجتماعي لكن على عكس ذلك نراه اصبح اداة بل الأداة الاولى لحركة الاعلام الخارجي لتحريك الشارع بما يخدم المصالح العالمية بزرع الاشاعة وبث الافتراءات التي اصبحت الاداة الفاعلة لتحقق المأرب المشبوه في أي مكان تكون للجهات المناوئة والمستفيدة غرض من تحقيق عمقها الاستراتيجي وبما إن الإشاعة الأكثر فتكاً ودماراً للفرد والمجتمع بل يعد هذا النوع من السلاح لتحقيق الغرض أكثر من الأسلحة الكيماوية و النووية لأنها اختراق للعقول لا الأجساد، فينشط مروجو تلك الاشاعات  في الاوقات التي يراد فيها اشعال الحروب والكوارث والفوضى في بلد ما لان الناس في هذه اللحظات يكونون أكثر توجها لقبول الاشاعة لما يتوقعونه من حدوث الشرور وما لا يحمد عقباه فتجدهم يتفاعلون مع الاشاعة كأنها حقيقة الوقوع من غير ان يكون في نقلها تحقق وتمحص لمعرفة صحتها من عدمها، فتكون السبب في غفلة وعمي الناس عن الحق والصراط المستقيم، وهي بالتالي تكون أداة وبيئة خصبة للفاسدين والمفسدين وأصحاب القيل والقال، ولذلك فهي معول هدم لا بناء، وتجذّر الطاقة السلبية والانهزامية وعدم الثقة.
ومع تقدم التكنلوجيا وكثرة برامج التواصل المطروحة مثل الفيس بوك والوتساب والتلكرام  وانستكرام وغيرها من تلك التقنيات الحديث فقد بات انتشار الإشاعات ووصولها الى أكبر شريحة من أفراد المجتمع أمر في غاية السهولة إذ تؤدي دوراً كبيراً في تشكيل الرأي العام وتعبئة الجماعات فلم يحتاج الى عناء وعمل دؤوب لتمرير الإشاعة كما كانت الحال في قابل الايام حيث كانت الجهات المستفيد تبذل الجهد والمال لزعزعة نفوس المجتمعات فمثلا عندما لم يكن التطور قبل أكثر من خمسة عشر عام حينما ارادة القوى الكبر اسقاط أي نظام مجرم وزحزحته عن سدة الحكم تأخذ في تهيئة الاجواء لسنوات حتى تتمكن من أقناع تلك البلدان وهذا ما فعلته في ليبيا حينما اسقطت القذافي لكن اليوم لا تحتاج لكل ذلك فمن خلال نقرة زر من خلال تلك البرامج المتعددة تجدها قد تنجح ببث كل اهدافها وخلال بعض الساعات المعدودة فبذلك اصبح الاعلام ومن خلال تلك الادوات هو الوسيل الناجعة والسريعة لإيصال فكر تلك الجهات التي تجلس خلف منظومة عالمية لإدارة الازمات من خلال بث الاشاعة واليوم نجد هناك فنون متعدد وطرق مبتكر لفبركة الاخبار وتزييف الحقائق.
وللأسف بسبب تدني روح المصداقية في تلك المؤسسات الاعلامية بل لعل في الكثير منها انعدمت لتصبح وسيل لبث الإشاعة والاخبار الكاذبة والمزيفة وذلك لعدم استقلاليتها بل لتبعيتها في كثير من الاحيان لجهات هي تريد زرع البلبلة وتؤجج الاقتتال لتنال هي مغانمها وتصل الى مبتغاها. 
 ولذلك نقول فو صدّق الناس كل ما يقال في الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي من غير تبين وتحقق فإنهم في غفلة من أمرهم وساذجون وبعضهم سفهاء وغير قادرين على تمحيص الغث من السمين وربما غير قادرين على التثبّت أو بعضهم ليس رشيداً مصداقاً لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)(4).  
كيف نعلج الإشاعة وقبول أراءها؟
أولاً: من خلال تثقيف الجماهير على مدى الخطر الذي تخلفه الإشاعة.
ثانياً: زرع روح المصداقية بين الاخرين وعدم تخوين الطرف الأخر.
ثالثاً : عدم قبول الخبر من غير تمحص في حقيقته ومداليله.
رابعاً: التعامل مع الشائعة وردها بما يتناسب معها.
خامساً: معرفة شخص الناصل للإشاعة وكما اشارة إليه آية البينة.
سادساً: ارجاع كل ما ينشر الى اهل الاختصاص لمعرفة مدى مصداقيته من عدمها وكما اشار قوله الله تعالى: {و إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به و لو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}  (4).
ـــــــــــــــ
(1)الإتحاف في خطر الإشاعة والإرجاف، الشيخ باسم الحلي 13.  
 (2)نفس المصدر 15.  
 (3)سورة آل عمران: 7.  
(4)سورة الحجرات: 6.  
 (5)سورة النساء: 83.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء تكليف العوادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/11/30



كتابة تعليق لموضوع : السوشيال ميديا (برامج التواصل الاجتماعي) أدوات الحركة الاعلامية لنقل الإشاعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net