صفحة الكاتب : غسان الوكيل

الطائفة المسالمة
غسان الوكيل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعليق لطيف على مواقع التواصل الاجتماعي استقاه كاتبه من تأريخ التعايش في سوريا... انقل جزءا منه ومثلما ورد:

" في عام 1915 كنت تجد في حارات دمشق وباقي المحافظات السورية جثة طفل هنا وجثة شيخ هناك ، وتسمع صراخ المستغيثين جوعا من وراء جدران المنازل .

فالأتراك اخذوا القمح والشعير وكل ما يؤكل ليطعموا جنودهم في حرب السفر برلك ، وأخذوا معهم أيضا شبابنا مشيا على الأقدام بلا رجعة .

وكان الموت جوعاً قد اصبح من المشاهد العادية في دمشق وغيرها ،، وكان البطريرك غريغوريوس حداد السوري قد رهن كل املاك البطريركية واشترى القمح بأسعار غالية لينقذ ما يستطيع من البشر من الموت وكان كل من يمر على كنيسة المريمية يأخذ رغيفاً في اليوم يحميه من الموت ، وفي احد الأيام اشتكى الخوري الذي يوزع الارغفة من كثرة عدد المسلمين في ذلك اليوم ... فرفع البطريرك الرغيف وسأله هل كتب عليه للمسيحيين فقط ؟؟؟؟ فأجابه لا.

فقال عليك توزيع الخبز بمعدل رغيف يومي لكل من يريد ، وتدريجياً لم يبقى شيء من املاك البطريركية لم يتم رهنه ، ورهن البطريرك صليبه الماسي عند احد اليهود المرابين مقابل الف ليرة عثمانية ، ولكن احد المسلمين فك الرهن واعاد الصليب الى البطريرك الذي عاد فباعه سراً واشترى بثمنه القمح ....

توفي البطريرك عام 1924 وخرج في جنازته مسلمو ومسيحيو دمشق عن بكرة ابيهم وورث البطريرك الكسندروس طحان بطركية مثخنة بالديون والفوائد الفاحشة فباع املاك البطريركية ووفى ديونها".

هذا حال التعايش في بلدان المنطقة بين مختلف الطوائف والديانات حتى ظهور الصهيونية ودعوتها اليهود للهجرة واحتلالها فلسطين عام ١٩٤٨ ... وحتى ظهور الجماعات التكفيرية اواسط سبعينيات القرن الماضي والتي كفرت المسيحيين اولا ، ثم انطلقت الى تكفير جماعات اسلامية اخرى في التسعينيات ومع دخول العقد الاول من القرن الواحد والعشرين كفرت الكثير من الملل الاسلامية حتى وصلت الى تكفير كامل المجتمع ما دام لا يطبق تعاليمها.

وهكذا تعرض التعايش في العراق: الديني اولا والطائفي ثانيا وقد يكون لا سامح الله القومي ثالثا في الايام المقبلة... الى هزات حولت العيش في بعض هذه المجتمعات الى امر شبه مستحيل بالنسبة للمسلمين عموما والمسيحيين خصوصا حتى اندفع الجميع في موجات هجرة الى اقليم كردستان او طلب اللجوء الى بلدان اوربا والولايات المتحدة او حتى الهجرة غير الشرعية مثلما جرى قبل عامين عبر تركيا.

ورغم ما جرى للأخوة المسيحيين في الفترة الماضية من قبل بعض ضعاف النفوس بالاستيلاء على املاكهم الخاصة في بغداد او تهديدهم او ابتزازهم الا ان هذه الطائفة المسالمة حافظت على توازنها في التعامل ولم تخرج لها انياب مسلحة يوما حتى عندما تعرضت كنائسهم لهجمات إرهابية وشديدة في بغداد وكركوك لم تتأثر آمال رجال الكنيسة في مواصلة الصلوات ودعوات السلام.

وعلى الرغم من ان ملف الأملاك المسيحية اصبح في متناول ومتابعة مجلس الوزراء العراقي ، الا ان الطائفة المسيحية في بغداد والمحافظات تحتاج الى جملة من الإجراءات ، ومنها:

· توسيع تجربة حماية الكنائس والأديرة من قبل ابناء الطائفة وفي كافة المناطق بعد ان نجحت في بغداد.

· العمل بجدية على إخلاء الأملاك المسيحية ومحاسبة المتجاوزين عليها زورا؛ وتسليمها الى أصحابها او من يمثلهم.

· إيصال رسائل طمأنة الى كبار رجال الكنيسة بان المسيحيين مدعومين من قبل الحكومة في حياتهم وأعمالهم وطقوسهم.

· فتح قنوات التواصل مع ابناء الطائفة المسيحية بالاستماع الى شكاويهم ومطالبهم بعد ان غاب ممثليهم في مجلس النواب ومفوضية حقوق الانسان عن التواصل معهم.

والحكومة مسؤولة عن النظر في الطلبات اعلاه... وحتى لا تأتي حادثة ضرب امرأة مسنة من قبل مجهولين في منطقة الدورة ببغداد قبل ايام قد تكون لأسباب جنائية اصلا لتفعل ما لم تفعله الافكار التكفيرية والهجمات الإرهابية او لتخرج الطائفة المسالمة عن سلميتها التي هي اساس من اساسيات التعايش المجتمعي في العراق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غسان الوكيل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/09



كتابة تعليق لموضوع : الطائفة المسالمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net