مميزات النظام السياسي الولائي في القرآن الكريم
د . محمد الغريفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد الغريفي

القرآن الكريم استخدم مادة (الولاية) للتعبير عن نظام الحكم في الإسلام، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ولِيُّكُمُ اللّهُ ورَسُولُهُ﴾، وكذلك في حدث التنصيب الكبير (بيعة الغدير)، عبّر الرسول عن السلطة بـ (الولاية) «من كنت مولاه فهذا علي مولاه».
فمنصب (الولاية) - من الجانب السياسي- يمثل النظام السياسي والسلطة التنفيذية في الإسلام، الى جنب السلطة التشريعية المنزلة من قبل الله تعالى، يقول الإمام الخميني في هذا المجال:
(فنحن نعتقد بالولاية ونعتقد بلزوم تعيين النبي لخليفة، وأنه قد عين كذلك. فهل تعيين الخليفة هو لأجل بيان الأحكام؟ فبيان الأحكام لا يحتاج لخليفة. إذ كان قد بينها الرسول| بنفسه أو كتبها جميعاً في كتاب وأعطاه للناس ليعملوا به، وكون تعيين الخليفة لازماً عقلاً إنما هو لأجل الحكومة، فنحن نحتاج إلى خليفة لكي ينفذ القوانين، اذ القانون يحتاج إلى مجرٍ ومنفذ ..... فولي الامر هو المتصدي لتنفيذ القوانين أيضاً. لو لم يعين الرسول الأكرم خليفة لما كان قد بلغ رسالته ولما كان قد أكملها)(الحكومة الإسلامية، ص20).
نظام الولاية في الإسلام مثل باقي الأنظمة السياسية الأخرى، ولكن يتميز عنها بعدة مميزات أشار اليها القرآن الكريم في الآيات التالية:
1- نظام الولاية هو امتداد لولاية الله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.
2- نظام الولاية في قبال ولاية الشيطان: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ}.
3- نظام الولاية يتمتع برئاسة الأنبياء والأوصياء والفقهاء: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء}. والمراد من: (النبيون) الأنبياء، و(الربانيون) الأئمة، و(الأحبار) الفقهاء.
4- نظام الولاية يتمتع بالمقبولية من خلال البيعة: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
5- نظام الولاية يترأس فيه ولي الأمر على جميع السلطات: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.
6- نظام الولاية يتمتع بالطاعة المطلقة من قبل الأمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
7- نظام الولاية يتمتع بالشورى مع الأمة: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ}.
8- نظام الولاية ترجع الأمور فيه الى أولي الأمر لاتخاذ القرارات السياسية: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإلى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
ويلاحظ من هذه المميزات بأن (نظام الولاية) بسيط وقابل للتطبيق في كل زمان ومكان، لعدم اشتماله على هيكلية خاصة بالمؤسسات الحكومية؛ وذلك لأن هيكلية المؤسسات تتغير حسب الزمان والأعراف، فترك الإسلام مهمة تنظيم هيكلية المؤسسات الحكومية الى ولي الأمر (ولي الزمان) لما يرى من المصلح والحاجة الاجتماعية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat