صفحة الكاتب : زاهد الخليفة

وعادت الجنة إلى آدم
زاهد الخليفة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(ما دفعتُ الحربَ يوماً، إلا وأنا أطمعُ أن تلحقَ بي طائفةٌ، فتهتدي بي وتعشوَ إلى ضوئي، وذلكَ أحبُ إليَّ من أن أقتلها على ضلالِها وإن كانت تبوءُ بآثامِها) سيد البلغاء علي (ع).

لم يترك الدواعش خياراً غير القتال لتحرير الموصل من بطشهم الذي نالَ كل شيء، حيثُ لم ينجو الطفل والشيخ والمرأة من ظلمهم فقد امتدت جرائمهم لتشمل جميع الطوائف منتهكين كل حقوق الانسان والأديان فيها. تلك الجراثيم ترفض التعامل بكل المفاهيم سوى مفهوم الموت، فكان هو الحل الوحيد الذي لا بدّ منهُ (وداوني بالتي كانتْ هيَ الداءُ).

ثاني أكبر مدن العراق احتضنت على مدى مئات السنين العرب والكُرد والتُركمان والشبك والسريان بما يحملون من عاداتٍ وتقاليد وأديان بكلِ حبٍ وسلام حتى جاءت غربان التخلف والدمار فعاثت فيها فساداً وامتد الدمار ليشمل بيوت الله والاثار والقبور، فحولوها من حديقةٍ غنّاء الى مستقنع إرهابٍ تفوحُ منهُ أفكاهم القذرة متسترين بالدين، حيث ركزوا كل جهودهم وطاقاتهم لزرع الفتنه وترسيخ مبدأ الطائفية وتشويه الإسلام وإدخال الرعب في قلوب الناس من أجل بسط السيطرة على أرضها، لتأسيس دولة الدجل والنفاق. فالموصل كانت العاصمة لدولتهم المزعومة ضناً منهم البقاء والتوسع، ولكن هيهات وهناك رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه. إذ لم تكن فتوى المرجعية الرشيدة إلا الشرارة التي أحرقت جرذان الطاعون وبددت سعيهم وافشلت مخططاتهم. هؤلاء الابطال الذين حملوا السلاح حملوا الشرف والغيرة وأمل العراق في الخلاص، هؤلاء الغيارى الذين ذادوا عن ارض وعِرض هذه المحافظة وضحوا بالنفس من أجل أن يعيش الباقون بكرامةٍ، فالجودُ بالنفس أقصى غاية الجودِ.

لقد كان لهؤلاء الرجال أسوةً حسنة في أصحاب الحسين (ع) حيث لم يرتد لهم طرف فإما النصر أو الشهادة فلا مساومة على الشرف مرابطينَ (مِنهم من قضى نحبه ومِنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) حتى رفعوا راية النصر وطهروا أرض الموصل من براثن القتلة بدمائهم، حيث لا تطهر الأرض من المجرمين ودنس الشواذ إلا بدماء الشهادة.

واليوم بعد إن انتهت المعركة عسكرياً، هُناك معركةٌ أخرى لا تقل أهمية وخطورة عن معركة الأرض ألا وهي التحرير من الأفكار والأطر التي وضعها داعش، تلك الأيدولوجيا المسمومة التي تحمل في طياتها ثقافة القتل والعنف وعدم تقّبل الآخر يجب علينا دحرها والى الابد والنهوض مجدداً من خلال إرساء روح التسامح ونشر ثقافة المواطنة والرجوع الى جوهر الإسلام فالمسلم من سلِمَ المسلمون من لسانهِ ويده هكذا يقول نبيُّ الرحمةِ لم يكن الإسلام يوماً دينُ قتل وتهجير وأكراه كما طرحه داعش.

عادت أُم الربيعين الى أحضانِ العراق بعد أن فارقتهُ ثلاثُ سنوات عجاف تلك المحافظة الجميلة المعطاء الغنية بآثارها العريقة بتراثها وتقاليدها، كانت ولاتزال أنموذجاً حضارياَ وجنة من جنان الله في الأرض كما وصفها الشاعر بقوله:

غنّيتُ للموصلِ الحدبــاءِ ألحــانــا ... حُباً وعِشقاً وإخلاصـاً وعِرفانا

يا عُربُ هل جنةُ في الارضِ تعدِلها؟ ... زرعاً ونهراً وبنياناً وسكانا


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زاهد الخليفة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/18



كتابة تعليق لموضوع : وعادت الجنة إلى آدم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net