ساطلب الشهادة حين تنفد ذخيرتي
زهير مهدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زهير مهدي

اليوم او غدا او بعد خمسين عام
اتمنى ان اموت شهيدا لانهي حياتي بتخليص الناس من شرور بعضهم،، لكن ،، بعد نفاد نفعي في الحياة و اداء ما استطعت من مهماتي
في الوقت الذي تأن فيه نجوم الليل لانين ام شهيد فاقدة ؛ و تنوح الريح لنواح زوجةٍ ارملة
تنهي زوجة البرلماني فيلم السهرة بعد ان افرغت علبة الفستق الحلبي لتتوجه لفراشها الدافيء مرتاحة البال و تنام قريرة العين على ابنائها
في الوقت الذي تقضي فيه بنت الشهيد صيفها الملتهب تبيع المناديل على الرصيف تحت ظل صورة ابيها
تطير بنت الوزير الى منتجعات تركيا و روسيا البيضاء ليستمر والدها في منصبه متغنياً بتضحيات الجنود في مؤتمره الصحفي مواسياً اهالي الضحايا بالمجد و الخلود
في الوقت الذي نعيش مذهولين بتلك المفارقات بين تضحيات و معانات المساكين و ترف المترفين و بين ما تعلمناه من القيم الانسانية حتى بهتت كلماتنا و فقدت قيمتها
و بعد ان اشتعلت حرب الكراهية في قلوب ابناء الشعب الواحد و مدن باتت اطلالاً و الوف الاطفال اصبحوا ايتاماً
سينعقد مؤتمر صلح المحرضون و الساسة المترفون ،، فلا قلتم ،، ولا قلنا ،، و ننسى ما كان منا
ليحظى خميس الخنجر بلقب ( رمزا وطنيا ) و عمار الحكيم و اخوته بلقب ( داعية سلام )
و بعد انتهاء مؤتمرهم سينتخب ذووا الشهداء و اصدقائهم نفس البرلمانيين و الوزراء
و تغذي زوجة الشهيد ابناءها ليكونوا مشاريع شهادة
و تربي زوجة الوزير ابنائها على ادبيات الرياسة و الوزارة
حتى لغتنا اصبحت لغة استشهادية
نفرح حين يتغنى بتضحيات اخوتنا شيخ هنا و صحفي هناك و كأن الله قد خلقنا حطباً لحروب اعيان القوم و طبقة النبلاء
قوافي اشعارنا تشبه قوافل جنائزنا نزفها بالزغاريد مكابرةً
و من يذكرنا بالحياة ،، نذكره بالموت
لقد كان لكل تلك الانفس التي زهقت في الحروب آمآلٌ و تطلعات و مهام و مسؤوليات تنتظرهم في الحياة
كان لاهليهم طموح و لمجتمعاتهم فيهم رجاء
كانت تنتظرهم مواقف اكثر انسانية و مساهمات لبناء الانسان و دفع الذل عن المحتاج
كيف اطلب الشهادة ولم اساهم حتى الان بزعزعة كراسي تجار الحروب
كيف اطبها ولم انكس عقال شيخ عشيرةٍ يتملق لسياسيٍ تسبب بقتل اهلي و اخوتي
او ارفس منبراً يدعوني شيخه لانتخاب فاسدٍ دفاعاً عن المذهب
كيف اطلبها ولم اربي بعدُ اجيالا من اطفال الحروب على الحياة النافعة
كيف اطلب الشهادةَ ولم اعرف بعد لمَ اضحي ؟ و من المستفيد ؟
كيف اطلبها ولم اطمإن بعدُ ان لا مزايدات على موتي ولا اصنام يعلو كعبها بموتي على كعب اصنام
فالشهداء بشر في غاية الكرم و الجود
و بقائهم بين الناس اولى من فقدهم،، و هُم اولى بالحياة
كيف اطلب الشهادة ولم اجرب العيش شهيدا قبل ان اموت شهيدا
كيف اطلبها ولم أفي بعدُ بحق الشهداء
٧/٧/٢٠١٧
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat