صفحة الكاتب : عزيز الخزرجي

أسفارٌ في أسرار الوجود ج4 – ح6
عزيز الخزرجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 ألوجود و آلكون:
 
قال تعالى: [و لقد جئناهم بكتاب فصلناه على علمٍ هدىً و رحمةً لقومٍ يؤمنون](1).
 
الوجود يسبق ألكون .. لأنهُ – أيّ آلوجود – علميّاً و فلسفيّأً يضمّ "واجب ألوجود" و هو آلله تعالى و "مُمكن ألوجود" و هو "آلكون" و ما فيه من آلمخلوقات, و لا يتضمن "مُمتنع ألوجود" لعدم وجوده في آلأصل, لكونه مُجرّد نظريّة إفتراضية جبريّة لأثبات آلله و توحيد حقيقته لا أكثر!
 
و يضم كتاب الله تعالى تفاصيل كثيرة لحقائق ألوجود, إلّا أنّ ما يُسمى بعلماء آلدين للأسف لم يتبحّروا في تلك آلعلوم بل قصّروا فيها رغم إنّها من صلب واجباتهم, لهذا حاولنا بحث تلك آلجوانب ألتي عجز أو تكاسل عن بيانها آلآخرين خصوصاً في حوزة النجف ألأشرف ناهيك عن آلجامعات, خدمةً لعباد الله, و رضاً لله ألعزيز, و هو ليس بآلأمر ألهيّن .. لو لا لطف الله و رحمته ألتي منحتنا آلقوة دائماً كي نُبيّن هذه آلغوامض من آلعلوم ألمعقدة.
 
ما هي مادّة ألبناء الكوني؟
 
ألهيدروجين(2) هو آلمادة ألأساسيّة ألأولى في آلخلق و آلتطور ألكوني, فمنهُ تكوّنتْ جميع ألعناصر ألماديّة و آلكيمياويّة و آلمعدنيّة و آلصخريّة و آلحراريّة و آلغازيّة آلأخرى, و جميع ما في الكون من أجسام حيّة تؤدي وضيفتها حسب مشيئة إلهية مُتداخلة فيها عبّرنا عنها بملكوت الله و روحه, لأنها – أي الوجود بدونها – تكون ميتة و لا تمتلك قدرة الأستمرار و الحياة.
 
من غاز ألهيدروجين يتولد ألهيلوم(3), و من الهيليوم ينتج الكاربون(12 ذرّة هيدروجين)(4), و من الكاربون يتولّد ألنيون(20 ذرّة هيدروجين)(5), و آلمغنيزيوم(24 ذرّة هيدروجين)(6), و آلأوكسجين(16 ذرّة هيدروجين)(7), و من آلأوكسجين ينتج ألكبريتْ(32 ذرّة هيدروجين)(8), و من الكبريت ينتج ألسليكون(28 ذرّة هيدروجين)(9), و هكذا بقية المواد و الغازات و السوائل ألموجودة في الكون.
 
و تجدر  الأشارة إلى أنّ آلكون غير ثابت في كثافة مُكوّناته, نتيجة ألأنبساط ألمستمر ألّذي يتعرّض لهُ, ممّا يزيد من نسبة ألفراغ ألكوني بين آلمجرّات من جهة و بين آلنجوم من جهة أخرى, مع ثبات في آلمواد ألأوّلية ألتي أشرنا لها كمكونات, حيث يعتبر ذرّات ألهيدروجين ألنقيّة ألطازجة ألمخلوقة هي القطع ألأساسيّة في آلبناء ألكوني و ذلك بتكوينه نجوم حديثة و تعويض ألنجوم ألقديمة ألزائلة, و ملء ألفراغات ألتي تتركها ألمجرات ألمتباعدة عن بعضها آلبعض, و من هنا نرى خلق المادة لم يكن من المادة أولاً, و كذلك ألمادة تكوّنت بآلاساس من اللاشيئ, و هي التي تجعل الكون بإرادة الله في حالة توازن و إستقرار سرمدي و أبدي, و دون أية بداية أو نهاية, كما أشار لذلك ألأمام علي(ع) في نهج البلاغة, أو ما ورد من إشارات لأئمة أهل  البيت(ع) في أدعيتهم و أحاديثم العميقة ألفلسفية. 
 
كما إنّ ألمادة ألخفية(10) و التي هي إشعاع يُمكن كشفه, و يستدل على وجودها بفضل قوى آلجذب ألثقالي ألتي تُؤثر بها في آلأجرام ألأخرى, و هي التي تفسر التباين بين كتلة المجرة المحسوبة بإستخدام قانون كبلر ألثالث ألمعدل و بين الكتلة ألتي نرصدها على هيئة نجوم و سحب غازيّة, و قيمة ألكتلة ألخفيّة ألّلازمة لتفسير هذا التباين كبيرة جدّاً و تعادل في بعض ألمجرات عشر أمثال ألكتلة ألمجريّة ألمرئية, بمعنى أننا عندما ننظر إلى مجرة ما فأننا قد لا نرى سوى عشر المادة التي نتوقع وجودها فيها.
 
من آلحقائق أعلاه نستنتج أن المادة لا تفنى و لا تُخلق من العدم – بمعنى لا بُد لخالق لها, و هذه بديهيّة لا تحتاج إلى إثبات أو دليل علميّ أو فلسفيّ!؟
 
فلو نعود إلى ذرّة ألهيدروجين كونها هي آلسبب في وجود هذا آلكون .. فأنّه يُمكننا آلقول بأنّ آلكون مخلوق من شبه ألعدم و ليس آلعدم بحدّ ذاته!
 
فكيف يُمكن أن نُصدق بدء هذا آلكون من ذرّة هيدروجين .. تكاد تكون عدماً!؟
 
كلّ آلذي أثبته آلعلم هو: [أنّ آلطاقة تتحوّل إلى مادّة و بآلعكس], بمعنى أن الطاقة شكلٌ من أشكال ألمادة.
 
و توسع ألكون يحتاج إلى طاقة هائلة أكبر من حجم آلكون, و هذا ما يجعلنا آلأيمان بوجود مصدر عظيم جدّاً للطاقة و هو الله تعالى, و قد أطلق عليه ألعلم ألحديث بـ (آلطاقة ألخفيّة)(11), بينما كان آلأفضل أنْ يُطلق عليه بـ (آلطاقة النورية) أو (ألبيضاء), أو بحسب إصطلاح ألعرفاء بمنبع ألفيض ألألهي.
 
إنّ آلطاقة ألخفيّة صوّرها آلعلم بأنّها مادّة لا يصدر عنها إشعاع يُمكن كشفه, و يستدل على وجودها بفضل قوى آلجذب ألثقالي ألتي تُؤثر بها في آلأجرام ألأخرى, و لا أدري لماذا يُناقض و يحتار ألعلماء و يُحدد العلم نفسهُ إلى هذا الحدّ؛ و آلقرآن ألكريم قبل أكثر من 1400عام قد بيّن و كشف هذا آلموضوع بإشارات واضحة في عدد كبير من آلآيات ألقرآنية(12).
 
), و هي الكمية التي تحولت من طاقة إلى مادة, لتبقى آلمادة العادية تشغل نحو أقل من 4%من المادة آلكونيةDark Matter)و يعتقد العلماء أن تلك الطاقة تشكل أكثر من 75% من المادة الكونية, و أن نحو 21% من آلمادة ألكونية حالياً عبارة عن مادة خفية. 
 
و آلحقيقة إن العلم ما زال حائراً, أمام حقيقة هذا الوجود, فآلعلماء يُحلقون بخيالهم في محاولة منهم لتطوير ألفرضيات ألقديمة لتطور ألكون أو ألأتيان بجديد, و ما تزال آلفرضيات ألحديثة أفكارٌ يطلقها هذا آلعالم أو ذاك لأمتحان صداها في الأوساط!
 
و آلغريب أن آلعلم أثبت خلال ألقرن ألماضي بأنّ آلكون في حالة توسّع بإضطراد؛ بينما آلقرآن ألكريم أشار إلى هذه ألحقيقة ألعلمية قبل أكثر من 1400عام(13).
 
و ما يهمنا هو كيف بدأ هذا الكون, فهذه المعرفة أساسية في آلأسفار, و إلّا سيكون أساس سفرنا على أرضٍ هشّة سيتعبنا عليه المسير .. خصوصاً إذا رافق كل وجود الأنسان هذا السفر, لذلك   
.(Beg bankفسوف نطرح في آلحلقة ألقادمة إن شاء الله حقيقة ألضربة آلكبرى (
 
و لا حول و لا قوّة إلا بآلله آلعلي ألعظيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ألأعراف / 52.
    H.(2) 
  He4.(3) 
 C.(4) 
 Ne.(5) 
 Mg.(6) 
 O.(7) 
  N.(8)
 Sc.(9) 
1030 إن التفاعلات ألأندماجية في الهيدروجين عند نشأة الكون هي التي تُحوّل آلهيدروجين إلى الهيلوم عند درجة حرارة 7 مليون درجة مطلقة فأكثر, و ما دامت حرارة البيضة ألكونية جاوزتْ 
درجة مطلقة, لذا تخلقتْ أثنائها كميات معتبرة من الهليوم ألذي يستدل عليه من وجوده في المادة بين النجمية و السدم ألمجرية.
Dark Matter.(10) 
 Dark Energy.(11) 
(12) وردت في آلقرآن ألكريم آيات عديدة ناهزت ألمائتي و خمسين آية تُؤكد بأنّ هذا آلكون له خالق مُدبر بيده ملكوت – ناصية – كل شيئ فيه, حيث يقول تعالى في سورة سبأ / 1 : [ألحمد لله ألذي له ما في آلسموات و ما في آلأرض و له آلحمد في آلآخرة و هو آلحكيم ألخبير], و قوله تعالى في سورة ألدخان / 7 : [رب السموات و آلأرض و ما بينهما إن كنتم موقنين], و قوله في سورة ألتغابن / 1 و 3 : [يُسبح لله ما في آلسموات و ما في آلأرض له آلملك و له آلحمد و هو على كلّ شيئ قدير ... خلق السموات و آلأرض بآلحق و صوركم فأحسن صوركم و إله المصير], و قوله تعالى في سورة ألأعراف / 185 : [أ و لم ينظروا في ملكوت ألسموات و آلأرض و ما خلق الله من شيئ ...], و قوله في سورة الأعراف / 54 :[إنّ ربّكم الله ألذي خلق السموات و آلأرض في ستة أيّام], و في سورة لقمان / 11 [هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ...], و في سورة ألأعلى / 1 و 2 : [سبح إسم ربك آلأعلى, ألذي خلق فسوى]. 
(13) ألذاريات / 47.
 
 
      

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عزيز الخزرجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/21



كتابة تعليق لموضوع : أسفارٌ في أسرار الوجود ج4 – ح6
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net