صفحة الكاتب : وليد كريم الناصري

ألا إنهم هم المجانيين .. ولكن لا يشعرون ..!
وليد كريم الناصري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

دموع الأمهات مصابيح السماء....!

 كل شيء يغفوا مع السكون والهدوء، إلا الوطن يغفوا على أزيز الرصاص، ودماء الشهداء!.هي اللحظة الوحيدة التي يشعر بها إنه بأمان... الوطن يعشق لون الدماء.. يرى الورود تتزاحم من حوله، تتسابق فيما بينها لتلقي في فمه رحيقها الأحمر...

أشرب وستثملك يا وطني دماء الشهداء...

 ندىً ونسيم قاتل، يزاحم أنفاسي طوال النهار، فيستل دموعي من تحت أجفاني المثقلة بالسنوات، ويمد كفيه بين أحشائي، يستل قلبي بأصابعه المرتعشة، فأشعر بالوجع يتشظى من جوانبي، ويتقاطر صدى صوتي صراخاً، فتهب عواصف الألم، ولا أجد مهرب منها، سوى حسراتي المحرقة، والتثاقل بين زوايا بيتي، تدحرجني ذكريات ولدي الشهيد، من حجرة الى أخرى، أقبل نعليه تارة، وأشم ملابسه تارة أخرى، ثم أتطاول بفراشه، لعلي أحضى بشيء من رائحة جسده..!

دون فائدة، كل شيء قد رحل من مخيلتي، إلا ذكريات صوته، لازال يرن في أركان حجرته، وصوره تملأ مقتنياته، أكوابه أوانيه أقلامه وكتبه، قالوا أدفعي ما تبقى منه للناس، قلت وهل روح وجسد ولدي لم تكفي؟ مالهم يزاحمونني على شيء أعيش به مع ولدي، لا تقلقوا سويعات وسأرحل الى جنبه، عندها خذوا من حجرته ما تريدون..إرحموا أب يتعكز على بقاياه، وأخت تتوسم بهمساته وهم يلعبون.

سأكتب للوطن، دموعي مصابيح السماء، وسأرفع كفي الى الله، وأنثر شعري أمام جبرائيل، إستحيى ورجع، أفرغوا عليها صبراً، لا حاجة يا سادتي، أحملوني الى جسد ولدي، لا تسبقوني إليه، لا تفزعوا فراش الضوء، فمقبض الباب لازال بارداً، سأحمل إليه صدري، لا يعرف بالدفء إلا بين ذراعي، قريب عهد بي، سبعة عشر عام، يختبئ عن البرد بين أحضاني.

الأم لا تقوى أن ترى قاتل طفلها، إلا الوطن يقتل أطفالنا، ولا نحمل إليه الضغينة..! 

 لا غفت عيناك يا وطني، وعيناي أثقلها الثكل، لا هنأت بشرب دماء ولدي، وروحي أضماها فراقه، لست أنت السبب، ولكنك تعرف الحقيقة، ومن قتل طفلي..!

سأقتل حلمي بيدي..! وأسرق الليل من تحت أطرافي، نافذتي لازالت نائمة، لا تشتهي الضوء، بلا نسيم من شفاه طفلي الجميل، سأمزق عصابتي، وأنثر غيمتي البيضاء فوق رأسي، لست بحاجة أن أعيش في حجرة مظلمة، فضاء المجانين لا تلام فيه الباكية، ولا تخاف الفاقدة المقابر، ستأتي ذات اليوم أرباب الوطن، ويبكون ويضحكون على جسدي، فأما الضاحك قال مجنونة تلك الميتة، وأما الباكي يقول مسكينة تلك الفاقدة.

وحينها سأكون مبتسمة، على كف غيمة بيضاء، في جنة عريضة، تضيء دموع اللقاء طريقي، أحلق فوق رؤس الشهداء، أبحث بينهم عن ولدي، وليقولوا عني مجنونة، ألا إنهم هم المجانين ولكن لا يشعرون.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد كريم الناصري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/04



كتابة تعليق لموضوع : ألا إنهم هم المجانيين .. ولكن لا يشعرون ..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net