البعض لا يتذكر "السنة" إلا عندما تُهزم "داعش"
 في كل مرة يتكاتف العراقيون من اجل طرد “الدواعش” من مدنهم وقصباتهم وقراهم ، نرى اصواتا ترتفع لا من اجل تاييد هذا التكاتف والوحدة بين العراقيين لالحاق الهزيمة باعداء الاسلام والانسانية ، بل للتشكيك بهذه الوحدة والتلاحم العراقي ، ودق اسفين بين ابناء الشعب الواحد.
المصيبة التي تعيشها الشعوب العربية تتمثل بوجود “مشايخ ” ، تم تضخيمهم منذ سنوات عبر الفضائيات ، الى الحد الذي احتكروا التحدث باسم اكثر من مليار مسلم “سني” في العالم ، فلا يخرجون على الفضائيات ، ولا يكتبون على تويتر او الفيسبوك وغيرهما ، الا من اجل اثارة الفتن وتعكير صفو التلاحم والتضامن والتعاضد بين ابناء الشعب والدين الواحد ، وللاسف الشديد هناك من البسطاء من يثق بكلام “مشايخ الفضائيات” ، وهو ما يشكل خطرا على امن واستقرار الشعوب العربية.
اليوم وعندما يعترف القاصي والداني بتبلور ظاهرة لم يشهدها الواقع العراقي منذ سنوات ، والمتمثلة بالاتفاق الوطني الكاسح بين مختلف مكونات الشعب العراقي ، القومية والدينية والمذهبية ، حول معركة تحرير الموصل من “الدواعش” ، فالجميع وقوفوا وقفة رجل واحد وراء القوات المسلحة العراقية ، من جيش وشرطة اتحادية ووقوات امن وحشد شعبي وحشد عشائري وبيشمركه ، وهي تتقدم لتحرير الموصل وتطهيرها من رجس “الدواعش” ، وانقاذ اهلها من قبضة هذه العصابة الاجرامية التي انتهكت كل المقدسات واذاقت اهل الموصل على مدى اكثر من عامين ونصف العام ، صنوف العذاب والذل الهوان ، نرى في المقابل من يسبح عكس التيار العراقي الجارف اليوم ، ويطلق للسانه العنان ليقول ما يغضب الله سبحانه وتعالى ويسيء للعراقيين ويتنكر لدمائهم التي اريقت على يد “الدواعش” ، في موقف لايمكن وصفه الا بمحاولة يائسة  لانقاذ “داعش” من مصيرها المحتوم.
في الوقت الذي يقف اغلب العراقيين ، الا من شذ وندر ، في خندق واحد في مقابل “داعش” ، فأذا بصوت يرتفع ، وهو صوت لا يرتفع الا لاشعال نار فتنة هنا ، او لاستجداء تدخل غربي سافر في شؤون العرب هناك ، وهذا الصوت ليس سوى صوت “شيخ قناة الجزيرة” “رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”!!  يوسف القرضاوي ، الذي لاذ بالصمت على مدى اكثر من عامين ، دون ان يحرك ساكنا ازاء الفظائع التي ارتكبتها “داعش” ب”سنة” الموصل وباقي مكوناتها من المسيحيين والايزديين والاكراد ، الا انه “انتفض” اليوم امام العراقيين الساعيين لتحرير مدينتهم ، “محذرا ” من استهداف “السنة” و”تطهير” العراق من السنة ، بذريعة الحرب على “داعش”!!.
وطالب القرضاوي في سلسلة من التغريدات بحسابه على “تويتر” ب”الكف عن الانتقام من الموصل .. وان شبح ما حدث لمدن السنة في العراق قبل ذلك مازال ماثلا أمام الأعين، .. داعيا الأمة الاسلامية لمؤازرة أهل الموصل .. وتضرع الى الله تعالى أن يحفظ أهل الموصل الأبية من كل سوء، وأن يحرسهم بعينه التي لا تنام ، ويكلأهم بركنه الذي لا يُضام”.
وعلى ذات المنوال ل”زعماء هيئة علماء المسلمين” كلما اتفق العراقيون واتحدوا لمحاربة “الدواعش” ، خرج علينا ، علي القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين!!، وهو يكيل الاتهامات للحشد الشعبي ، لمشاركته في معركة تحرير الموصل ، عبر نشره سلسلة من التغريدات على صفحته بتويتر.
يقول القره داغي : “يدّعون بأنها ليست حرباً طائفية ودباباتهم ومدرعاتهم بل وأجسادهم ملطخة بشعارات وصور طائفية .. لماذا يتم تخيير أهل السُنّة في العراق والشام بين نار داعش أو جحيم ميليشيات الحشد الشعبي الطائفي؟!”.
نقول للشيخ المصري وزميله العراقي ، اللذين تنازلا عن جنسيتهما بعد حصولهما على الجنسية القطرية ، كنا نتمنى عليهما ان يتضرعا الى الله تعالى لانقاذ الموصل واهلها “السنة” من اجرام “داعش” على مدى العامين الماضيين ، كما نراهما اليوم يتضرعان لانقاذها من العراقيين لقادمين لتحريرها، كما ندعو القرضاوي وتلميذه القره داغي ، الا يبخلا على اطفال اليمن واكثر من 26 مليون يمني يتعرضون للقصف العشوائي منذ عامين كاملين ، بالتضرع الى الله والدعاء لهم لانقاذهم مما هم فيه ، فاهل اليمن مسلمون كما هم اهل الموصل ، وارجو ان يتسع صدر القرضاوي والقره داغي ، للدعاء لاهل اليمن ، والا يخذلوهم ، كما خذلوا اهل البحرين ، لمجرد كونهم ليسوا على مذهبهما.
نقول للقرضاوي وتلميذه القره داغي ، ان سنة العراق كانوا من اكثر ضحايا “داعش” ، لذلك هم اكثر الناس الحاحا على مشاركة الحشد الشعبي لتحريرهم من “الدواعش” ، فاهل الموصل احرقوا وغُرّقوا وعذبوا على يد “الدواعش” ، وهذه هي حقيقة ما يجري في العراق ، واما ما يقال عن “تطهير العراق من السنة” على يد الشيعة ، فهو امر لا يوجد الا في العقول المريضة والقلوب الحاقدة ، فهذه هي محافظات “سنة” العراق وهذه مدنهم وهذه قرآهم ، التي احتلتها “داعش” وارتكبت ضد اهلها الفظائع ، تم تحريرها على يد “الميليشيات الطائفية الشيعية” !!  ، وعاد اهلها معززين مكرمين اليها ، نعم حصل تطهير في تلك المناطق ، وهو تطهير شمل “داعش” فقط ، ونرجو من القرضاوي والقره داغي ، الا يكونا يقصدان “الدواعش” عندما يتحدثان عن “السنة”.
معلومة ننقلها للقرضاوي والقره داغي ، واظنهما يعرفانها بالتاكيد ، وهي ان الذي يتعرض حقا لعملية تطهير طائفي في العراق هم الشيعة ، ليس على يد “السنة” بل على يد “الدواعش”  التكفيريين ، وعلى القرضاوي والقره داغي ان يطلبا من ممثليات الامم المتحدة في قطر ، وليس من السلطات العراقية ، قائمة بعدد الشهداء والجرحى والمعاقين والارامل واليتامى “الشيعة” منذ سقوط  صنم بغداد وحتى اليوم ، وكذلك ان يطلبا عدد السنة الذين “ابادتهم الميليشيات الشيعية وطهرت مدن العراق منهم” ، وهي جهة محايدة بالتاكيد ، ولكن اتحدى القرضاوي ورفيقه القره داغي ان يتقدما بهذا الطلب ، لانه سيكشف زيف وكذب ودجل ما يروجونه عن الاكذوبة الفاضحة حول “تطهير العراق من السنة”.
  شيء في غاية العجب ، هو صراخ امثال هؤلاء المشايخ ، فهم متخصصون فقط في اثارة النعرات والفتن الطائفية ، فلم يسجل لهؤلاء خلال الفتنة التي تمر بها المنطقة وشعوبها منذ نحو 6 اعوام ، اي موقف او تصريح يمكن ان يستشف منه غيرة على الدين الاسلامي ، او حرصا على دماء المسلمين ، او تحررا من الاحقاد الطائفية ، او سموا على الصغائر  ، بل على العكس تماما ، فهم دائما الاعلى صوتا في الفتنة والاكثر نفخا في نارها.
الشيء العجيب الاخر في هؤلاء المشايخ انهم يصرخون ليل نهار من ان “داعش” لا تمثلنا ونحن نستنكر افعالها ، بينما لم تسجل السنوات العجاف الماضية اي موقف من هؤلاء يؤكد انهم يقاتلون “داعش” حقا ، لا هم ولا الانظمة التي حملوا جنسياتها ، بل على العكس تماما نراهم يتهمون كل من يحارب “داعش” بالطائفية ومعاداة “السنة” والتطهير الطائفي والابادة الجماعية ، و”العمالة لايران، وهو نفس الموقف الذي يتخذونه من الكيان الصهيوني ، فهؤلاء المشايخ اكثر الناس تنديدا على الاوراق ، ومن على المنابر بهذا الكيان ، الا انه لم يسجل التاريخ اي مقاومة بدرت منهم او من الانظمة التي يحملون جنسيتها ، ضد الصهاينة ، بل على العكس تماما يناصبون كل جهة تحارب هذا الكيان الغاصب العداء ، ويتهمونها بالطائفية و”العمالة” لايران كما هو موقفهم من حزب الله.
لا ادري هل هي صدفة ام خطة ، فكلما نسمع عن هجوم يشنه العراقيون لتحرير ارضهم يتعالى صراخ امثال القرضاوي  ، في تكريت سمعنا هذا الصراخ ، في ديالى سمعنا هذا الصراخ ، في الرمادي ، في القيارة وفي الشرقاط وفي بيجي ، بسبب الفلوجة ولكن تبين بعد طرد “داعش” ، ان معركة تحرير الفلوجة كانت أنظف معركة ضد “الدواعش” في العراق ، ولا ادري لماذا لا يكف هؤلاء عن هذا الصراخ الكاذب ،  فالوقائع التي تعقب كل انتصار عراقي على “داعش” تؤكد ان هذا الانتصار كان انتصارا  ل”السنة” قبل الشيعة ، بل هو انتصار للعراق وللعرب والاسلام والانسانية جمعاء ، ومثل هذه الوقائع تكفي لاسكات هؤلاء ، ولكن رغم ذلك مازالوا يصرخون ، فهم يقومون بدورهم الوظيفي الذي لابد ان يقوموا به ، من اجل جعل السنة نيران الفتنة تلتهم ما تبقى من ديار العرب والمسلمين.
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ، قال انه يخشى ان يتسبب دخول قوات الحشد الشعبي للموصل ب”حمام دم”!، فرد عليه احد الظرفاء قائلا : وهل دخول “داعش” اليها تسبب ب”حمام بخار مغربي” ، رغم ظرف وقصر الرد الا انه يفسر المشهد العراقي بمجمله.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/19



كتابة تعليق لموضوع : البعض لا يتذكر "السنة" إلا عندما تُهزم "داعش"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net