صفحة الكاتب : شفقنا العراق

الحشد الشعبي بوجهة نظر مسيحية؛ فتوى السید السيستاني ضمان اجتماعي وأخلاقي ووطني
شفقنا العراق

 

فتوى قلبت كل الموازين وحققت تأثيرًا قويًّا في المجتمع العراقيّ الذي هبّ أبناؤه بمختلف طوائفهم للدفاع عن حياض الوطن وخوضِ معاركَ غيرت وجه التاريخ الذي أراد التكفيريون تدنيسه بأفعالهم المُشينة. فارتأينا في وكالة “شفقنا” الحديث مع عدة شخصيات دينيّة وإعلامية وسياسيّة مسيحية لها تأثيرٌ كبير في السّاحة اللّبنانيّة بغرض معرفة آرائهم في فتوى المرجعية العليا المتمثلة بالجهاد الكفائيّ وتشكيل الحشد الشعبي ومشاركة أبناء الطائفة المسيحيّة الكريمة فيه. 

تعدّدتِ الآراء والأفكار حول هذا الشأن إلا أنها اتفقت في أمرٍ أساسيّ وهو الإشادة بأداء الحشد الشعبيّ وبمشاركة أبناء الطائفة المسيحيّة ضمن المقاتلين في صفوفه.
قاشا: المشاركة في الحشد الشعبيّ واجبٌ مقدّس                                                                         
وفي هذا السّياق تحدّثنا إلى الأب العراقيّ سهيل قاشا الذي تعود أصوله إلى مدينة الموصل، والقاطن حاليًا في دير الصليب للراهبات ببرمّانا في لبنان، حول رأيه بفتوى تشكيل فصائل الحشد الشعبيّ، فأشاد بفتوى المرجعيّة الدينيّة، مباركًا كيان هذا الحشد الذي “يُعتَبَرُ الجيشُ الأولُ مع الجيش النظاميّ لدحر قِوى الظلم في المنطقة”.
واعتبر الأب قاشا أن مشاركة أبناء الطائفة المسيحية ضمن الحشد الشعبي لتحرير المناطق التي احتلتها داعش واجب مقدس، وأنه على المسلمين والمسيحيين الدفاع جنبًا إلى جنب عن العراق وتقدمه. فالدفاع عن الوطن لِزامٌ على كل إنسان عراقي مهما كان مذهبه أو قوّميته، “فكل شيءٍ يُمكن أن يعوَّض إلا الوطن”.
وحول الدور الذي لعبه الحشد الشعبي في حماية مسيحيي العراق، أكد الأب قاشا أن دور الحشد كان إيجابيًا في محاربة قوى الشر والحرص على الأمانة التي تتمثل بالحرص على الوطن وأهله من إسلام ومسيح وإيزدية وصابئة وغيرهم.
وأضاف في حديثه إلى أن العراق مر بظروفٍ صعبة واجتمعت عليه قوى كثيرة لمحاربته، ونحن اليومَ بأمس الحاجة لجمع الجهود لمقاومة هذه المؤامرة الكبيرة، مؤكدًا أن هذه القِوى لن تتمكّن من القضاء على العراق، لأنَّ العراقَ خالدٌ خلودَ دجلة والفرات.
 
مظلوم: ما أنزله داعش بالأقليات لا يقرُّهُ أيّ دين
وفي السياق أشار النائب البطريركيّ العامّ الأب سمير مظلوم إلى عدم وجود أسلوب الفتاوى في المسيحية، مؤكدًا احترامه للدين الإسلامي والوسائل التي تستعملها المرجعيات لإيصال تعاليمها وتوجيهاتها.
واعتبر الأب مظلوم أن مشاركة المسيحيين ضمن الحشد الشعبي لتحرير مدنهم واسترجاع أرضهم حقٌ لهم، ومن واجب الدولة العراقية أن تدافع عنهم وتؤمّن حياة كريمة لهم شأنهم شأن كل المواطنين.
وأضاف الأب مظلوم أن الحشد الشعبي تأسس لمساندة الجيش في وضع حدٍّ للإرهاب وهذا من حق أي شعب للدفاع عن نفسه، مؤكدًا في ذات الوقت أن للحروب والدفاع عن النفس شروط وقواعد يجب أن يتقيد بها الجميع كي لا يقعوا في الاٍرهاب الذي يريدون محاربته معتبرًا أن “مصلحة الشعب العراقي الشقيق تتطلب السعي الحثيث لوضع حد للحروب وإعادة بناء الدولة والمجتمع، ويبقى”أهل مكة أدرى بشعابها””.
واستنكر بدورهِ الاعتداء على المسيحيين وتشريدهم وقتلهم مؤكدًا أن المسيحين في العراق مواطنون أصليون وساهموا في العلم والحضارة وبناء الوطن والإنسان، مضيفًا أن “ما أنزله داعش بالمسيحيين وغيرهم من الأقليات في العراق وسوريا وغيرهما هو ظلمٌ لا يقرُّه أي دين أو ضمير.”
الفرزلي: الحشد الشعبيّ ألزمته الضرورة
السياسيّ ونائب رئيس مجلس النوّاب الأسبق إيلي الفرزليّ رأى أنَّ “الوضعَ المسيحيّ في العراق الآن يعدُّ وضعًا عاجزًا وقد دفع المسيحيّون الثمن نظرًا لقلّة أعدادهم”.
وإذ لم يستبعد الوزير المخضرم وقوعَ الحشد الشعبيّ بأخطاء أثناءَ هذه المسيرة، إلّا أنه اعتبرها أخطاء فردية ولم تكن لتصدر بقرارٍ عامّ، مشدّدًا على أن تأسيس الحشد الشعبيّ ألزمته الضرورة لإخراج العراق من براثن داعش الإرهابيّة، مؤكدًا أن مشاركة المسيحيين ضمن الحشد الشعبي يعدّ واجبًا عليهم وحقًا لهم في الدفاع المشروع عن أرضهم.
ورأى الفرزلي أنّ النظرة الشاملة هي نظرة تشاؤمية بالنسبة لوجود المسيحيين في العراق وبقائهم الذي باتَ مهددًا بسبب غياب من كان عليه أن يسلّحهم أو يهيّئهم للصمود. وعلى الرغم من وصول المساعدات من الجيش والدولة فيما بعد إلا أنها أتت متأخرة وكان ما جرى قد جرى.
حرب: فتوى السيستاني ضمانٌ اجتماعيٌّ وأخلاقيٌّ ووطنيّ                                                                
من جهته اعتبر المؤرخ والقياديّ في التيار الوطنيّ الحرّ الدكتور أنطوان خوري حرب أن تنظيم داعش الارهابي بحاجة لمجابهة شعبية تقف إلى جانب المجابهة الرسمية المتمثّلة بالأجهزة الأمنية لمكافحة الإرهاب، مؤكدًا أن “فتوى سماحة السيد آية الله علي السيستاني كانت الضمان الاجتماعي والأخلاقي والوطني لحشد وتجميع كل مقومات المجتمع العراقي لمواجهة حالة الإرهاب.”
وفي الوقت الذي أشار فيه حرب إلى أن الصبغة الطائفية التي تصبغ الحشد الشعبيّ قد تضرّ الحشد الشعبيّ نفسه وقد تمنع الإقبال الكثيف من أبناء الطوائف والمذاهب الأخرى، إلا أنه أكد على ضرورة مشاركة أبناء الطائفة المسيحية ضمن الحشد الشعبيّ وكلّ التشكيلات التي تواجه الإرهاب معتبرًا أن “المسيحيين هم أبناء المجتمع العراقي وبالتالي فهموم الدولة العراقية والمجتمع العراقي هي هموم مشتركة معهم”، مضيفًا أن الجبهة المقاتلة للمنظّمات الإرهابيّة يجب أن تكون جبهة وطنيّة بالكامل غير منحصرة بطائفة معيّنة أو أتباع مذهب معيّن، فالتماهي الوطنيّ بين الطوائف العراقيّة مطلوب لمواجهة تنظيم داعش بحالة وطنيّة لا بحالة طائفيّة.
وأضاف حرب أن “المشاركة المسيحية ضمن الحشد الشعبيّ تعدُّ مشاركةً خجولة لا تتناسب مع دور وحجم المسيحيين في العراق، داعيًا إلى إقبالٍ أكبر من أبناء الطائفة المسيحية للمشاركة في هذا الحشد الشعبي.”
 
علَم: الاتهامات التي توجهُ إلى الحشد الشعبيّ اتهاماتٌ إعلاميّة                                                         
وكان للإعلاميّ والمحلّل السياسيّ ومدير مكتب الخدمات الإعلاميّة في بيروت جورج علَم وجهة نظر حول هذا الموضوع، إذ اعتبر أن الاتهامات التي توجهُ إلى الحشد الشعبيّ ما هيَ إلّا اتهاماتٌ سياسيّة إعلاميّة وقد لا تتطابق مع الواقع مؤكدًا أنه على كل مواطن عراقيّ سواء كان سنيًا أم شيعيًا أم مسيحيًا تلبية الواجب الوطني في استعادة التراث العراقيّ من أيِّ احتلالٍ داعشيّ أو إرهابيّ فالعمل الوطنيّ يستدعي الخروج من العباءة الطائفية والمذهبية إلى العباءة الوطنية داعيًا إلى الابتعاد عن أي تطييف أو تسييس لأي حِراك على المستوى الوطنيّ.
إذًا هذه الفتوى لم تكن نداءً دينيًا وعسكريًا فحسب بل كانت نداءً إنسانيًا لاستنهاض همم كافة أبناء العراق من مسلمين ومسيحيين وإيزديين للدفاع عن الوطن وأهله، فالحشد الشعبيّ قطع الطريق أمام من يحاول مذهَبَته. ويقولُ مراقبون إنّ الأحداث الميدانية أثبتت أنه حشدٌ وطنيٌّ ضمّ كافّة فئات المجتمع العراقيّ الذي نهض بعد فتوى المرجعيّة للدفاع عن العراق. وبالرغم من بعض التباينات في وجهات النظر إلا أن جميع الآراء اتفقت على ضرورة مشاركة المسيحيين في الدفاع عن أرضهم وعرضهم ووطنهم. ويبقى السؤال: ما كانَ سيحلّ بالعراق إن لم يتكاتف أبناؤه ضد هؤلاء المتأسلمين؟ ألم تكن هذه الفتوى صمّام الأمان للمجتمع العراقيّ في وجه سرطان الإرهاب؟

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شفقنا العراق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/16


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • عمالة الأطفال في الأنبار.. مشكلة اجتماعية واقتصادية خطيرة  (أخبار وتقارير)

    • موانئ العراق: تحقيق نسب إنجاز متقدمة بمشروع ميناء الفاو الكبير  (أخبار وتقارير)

    • المقاومة الفلسطينية تشتبك مع قوات الاحتلال من مسافة صفر وتفجّر مبنى تحصنت فيه  (أخبار وتقارير)

    • تتعلق بانتخاب رئيس البرلمان.. المحكمة الاتحادية تفسر المادة 55 من الدستور  (أخبار وتقارير)

    • “الإدمان في تزايد”.. أخطبوط يتنقل بين الشبان العراقيين  (أخبار وتقارير)



كتابة تعليق لموضوع : الحشد الشعبي بوجهة نظر مسيحية؛ فتوى السید السيستاني ضمان اجتماعي وأخلاقي ووطني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net