العلمانية . Secularism مع خاتم من ذهب
زهير مهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كبديل انفعالي يقدمها دعاة العلمنة الجدد لشن حملتهم الارتدادية لاجتثاث كل ما هو ديني او روحي او فطري كيداً برجال دين انتحلوا سلطة السماء،
يروجون لها كحلٍ فريدٍ لكل مشاكل العالم .
ليس من علمانية حقيقية في مجتمعنا الشرقي بل هي مجرد حالة من النفور من سطوة ( عقل جمعي ديني متشدد ) للعيش تحت جلباب ( عقل جمعي لا ديني) لا يُعرف منه سوى الاسم و الشعارات.
شعارات مثل ( انا علماني ) ( العلمانية هي الحل ) تشبه الى حد بعيد شعارات ( انا سلفي و افتخر) او ( الاسلام هو الحل ).
معظمها شعارات حماسية مفرطة كُتِبَت بأنامل فتية طرية تعبر احيانا عن مزاج متعكر و احيانا اخرى عن نرجسية الخروج عن المألوف
لتبدو كنزعة شكلية تهتم بتداول بعض مقولاتٍ لرواد علمانيين غربيين و المجاهرة بنشر صورهم احيانا كنوع من التحدي.
وجه التشابه بين علمانية الشرق و الغرب ان كلاهما فكر مبني على ردة فعل سلبية و نشاط مناهض اُريد له و بالقوة ان يكون منهج حياة بغض النظر عن الزمان و المكان و الاثار السلبية.
فبالامس القريب كان المبدا الاساس للعلمانية هو (الفصل بين الدين و السياسة)
و تلك كانت الشرارة التي ادت الى القضاء على سلطة (( لصوص اديان استعبدوا الناس بالتخدير الطوبائي و الابتزاز الغيبي )) و استبدالهم
ب(( تجار و رجال اعمال استعبدوا الناس بالدولار ))، لتسقط ( الاخلاق ) كأول ضحية من ضحايا ذلك الصراع ( الديني -علماني).
مهما حَسُنَ ظنُ البسطاء بالعلمانية كمبدءٍ يمتاز بالرصانة و الانجاز، تبقى الحقيقة المحرجة المطروحة على رفوف البحث العلماني مصدر قلق لاصحاب القرار هنا في الدول الغربية ليُطرح السؤال عليهم كل يوم:
( هل لدى العلمانية حلول و بدائل لمعالجة المشاكل المتعلقة ( بالاخلاق و بالفطرة الانسانية و الاحوال الشخصية ؟ )
ليجدوا انفسهم و بعد صراع طويل عاجزين و يتقبلون على مضض إقرار قانون ( شرعية الزواج المثلي) فتقبله دول و ترفضه اخرى و تمنعه ولايات و تسمح به ولايات اخرى في جو من الفوضى التشريعية و الارباك القيمي.
و ليس تلك بالنهاية
فالايام حبلى بكل ما هو جديد ، و عليهم ان يهيئوا اعذارا منطقية اذا ارتفعت في المستقبل اصوات تطالب بتشريع قانون ( الزواج بالحيوان المنزلي ) او (الزواج بالاخت او الام او الاب )،
او ( حرية التعري في مؤسسات القطاع الخاص) و كل ما من شأنه ان يجتث كل الثوابت الانسانية و الاخلاقية لمجرد انها جائت متوافقة مع نصوص دينية.
حتى باتوا لا يفرقون جيدا بين ما هو ديني و ما هو فطري.
فالعلمانية لا تعني فصل الدين عن السياسة فحسب
بل تعني ايضا ( فتح باب الاجتهادات و الاذواق و الاراء لكل الافراد و ليس لرجال الدين فحسب ) لتتبلور تلك الاذواق عند جماعات صغيرة تفرض نفسها اعلاميا فيُسن لها قانون يسري رغما عن انف القيم الفطرية.
يعني مجرد تغيير السلطة التشريعية من (كهنوتية مقيتة) الى ( ذوقية شراذمية ).
لن يستوعب متعولموا الشرق الجدد ان العلمانية ليست بالمبدا المثالي الا اذا اكتووا بنار العزلة و الهجر في شيخوختهم في دار المسنين المكتظة بالنزلاء نتيجة ( الخصوصية individuality ) التي يتمتع بها الشاب في سن ال ١٨ و التي تبيح له ترك ( والديه للعيش مع his girl friend عشيقته ).
لن يفهموا خطورة التعلمن الا حين يرى احدهم ابنته قد تزوجت بفتاة مثلها لتكوين اسرة قوامها (فتاتين شاذتين و كلب) و لا يستطيع فعل شيء سوا استقبال عشيقة ابنته كزوجة مثليية محترمة يمكنها زجه في السجن اذا امتعض او عبر عن استياءه.
لا يمكنهم ان يصدقوا الا اذا واجهوا الصدمة من ذلك الصديق الوديع الرائع حين يرونه لا يتورع عن مد يده على مال غيره مادام بعيدا عن عدسات كاميرا السلطة بدعوى ( ان كل ما انزوى عن عين القانون مباح).
لا يمكن ان تكون العلمانية نظاما امثلاً الا حين يتفرغ (اصحاب القرار العلماني) قليلا من انهماكهم بحسابات الجدوى الاقتصادية ليفكروا مليا بالسبل الكفيلة بمعالجة حالات الانتحار و التشرد و الادمان بسبب التماييز الطبقي و الفُرَصي.
لا اريد القول انه ليس في العلمانية خير مطلقا او ان النُظم الاسلاموية هي الافضل بل على العكس كلاهما يحتملان من المساويء و العيوب و المثالب ما لا يسع حصره وليس احدهما بالنظام الذي يستحق الرويج اليه.
انما اميل الى الفطرة الانسانية في التمييز ما بين الحسن و القبيح و الضار و النافع ما دامت السماء لم تُقرر بعدُ التدخل المباشر لتخليصنا من (اجتهادات المشيخة) و ( فلتان المتعولمة)