صعق الوسط الثقافي والإعلامي السعودي منذ نحوثلاثة أسابيع، بفاجعة رحيل الكاتب الصحفي السعودي القديرـ الدكتورعبد الرحمن الوابلي ـ الذي غيبه الموت بصورة سريعة، فاجأت وروعت جميع أصدقائه وزملائه ومتابعيه ومحبيه، ولكن كان ذلك هوقضاء الله وقدره المحتوم والذى لاراد لقضائه، فالموت حق وقدرعلينا وقد قدرالله وماشاء فعل، فالأمركله لله من قبل ومن بعد.
وبفقدنا للكاتب الكبيرالدكتورالوابلي يرحمه الله، فقدت البلاد برحيله كاتبا عملاقا ورائدا فذا من رواد الكلمة الحرة وقيم الخيروالسماحة والكرامة، وراعيا وداعيا أصيلا لدعوات السلام والقيم الإنسانية النبيلة، ليس لمواطني هذه البلاد فحسب ولكن لكل مواطن فى مختلف أجزاء وطننا العربي الكبير، فقد كان الدكتورالوابلي يرحمه الله كما يشهد له كل متابعية وزملائه من الأدباء والمثقفين والمفكرين، كان بحق كبيرا وعملاقا فى فكره وعقله ووعيه المستنيروالشامل فى عمق أبحاثه وإطلاعه ورؤاه ونبل قيمه وإنسانيته العالية الرفيعة ومواقفه الشجاعة، قلما يجود الزمان بمثله فى تجرده وسماحته ورؤاه المستنيرة بكل أبعادها وألوانها وأطيافها واتجاهاتها ومساحاتها الواسعة.
أنه بفقدنا هذا الرجل الإنسان الرائد والمفكروصاحب الخلق الرفيع والشخصية الفذة والكتابات الفريدة والإتجاهات والتوجهات المميزة، فقدنا فيه كاتبا وباحثا ومفكرا عملاقا، تجاوزفى نهجه الفكري المستنير، ونظرته الشمولية الثاقبة المتفحصة للمستقبل الواعد كل الخطوط الحمراء، التى تقنن المجتمعات فى آيدلوجيات ومدارس متناحرة تعود بالأمة إلى عصورالغاب، وتذهب بهم إلى جحيم الفرقة والتمزق والمستقبل الغامض الذى تجتاحه الخلافات والصدامات والصراعات والحروب، ولكنه قد ذهب بفكره وخطابه الناهض والمستنيربآفاق المستقبل الطموح والمتفائل، إلى الدعوة إلى لم شمل الأمة والنهوض بوعيها وفكرها الثقافي والديني، إلى مراتب عليا وسامية فى منظورها الإنساني لتحقيق قيم الحرية والعدل والمساواة، ونبذ الفرقة والخلاف والتطرف والتعصب وإثارة العصبيات والنعرات والإحتقانات الطائفية والمذهبية، وعدم الإنجرارللعبث بالعودة للماضي ونبش أحداث التاريخ الموغلة بأحداثها وكوارثها ومآلاتها الجسيمة.
نعم سيدي يرحمك الله..أن فقدك لايعوض فقد فقدنا فيك الإباء والشموخ والسمو والشهامة والشجاعة والنخوة العربية، فقدنا فيك غيرتك ودفاعك المستميت من أجل المحافظة على مواطنيك العرب وقوميتهم العربية فى الداخل والخارج يتبع
وبمختلف فئاتهم وأطيافهم سنة وشيعة، فكيف ننساك ونحن بعد لم ولن ننسى أبدا مقالتك الأخيرة فى دفاعك الصادق عن بني جلدتك، قبل لقاء ربك بعدة أيام والتى حملت عنوانا له بعده القومي والإسلامي، رددت فيه على بعض من يبث الإفتراءات ويثيرالمهاترات الطائفية، وهوذلك المقال القيم المنشوربصحيفة الوطن تحت عنوان (لصالح من يجيرالتشيع العربي لإيران..!!) تلك المقالة التشريحية المستنيرة الرائعة، التى جسدت وفندت فيها، بعض من تلك الحقائق المتعلقة ببعض الصورالتراثية والجوانب التاريخية الدامغة، خاصة فى تبيان أصالة ونشأت الشيعة كعرب أقحاح وقرشيون، وبأن علماء العرب والمسلمين سنة وشيعة هم من أثرى التراث العربي والإسلامي بهذا المخزون التراثي الديني العربي الإسلامي، وهي فى الحقيقة، مقالة هامة وعميقة فى مضمونها ونصها إختصرت فى تقديري، العشرات من الكتب والمصادروالمجلدات، التراثية التاريخية التى تبحث حقيقة تاريخ المسلمين باختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم، وبالخصوص خلال نشأت المنظومة الفقهية والعقدية للمذاهب الإسلامية فى القرنين الثاني والثالث الهجريين كما بين يرحمه الله.
نعم سيدي، لقد فقدنا فيك النموذج الوطني الصادق، والإنسان المؤمن المخلص وصاحب المواقف النبيلة والعظيمة والمتوازنة، وصاحب الرصيد الكبيرلمحبة مواطنيك، بما تميزت به من مكانة عالية فى النفوس، وبما جسدته من طهارة فى عفة النفس سلوكا وخلقا وأخلاقا ومواقفا، وبما برهنت به عملا وفعلا صادقا، عكستها توجهاتك النبيلة ومواقفك الجليلة، التى جسدتها طبيعة شخصيتك ونقاء سريرتك وطيب معدنك، فأنت الإنسان المؤمن والمخلص بحق لدينه وعقيدته والمحب والوفي لوطنه ومواطنيه.
وأجزم بأنه مهما توالينا فى إبرازبعض من الملامح والصورالعابرة، من صفاتك وشخصيتك وتوجهاتك الثقافية والفكرية، فلن نوفيك حقك سيدي.
نسأل الله تعالى بأن يتولاك برحمته ويحسن إليك، أستاذنا ومعلمنا الكبيرالدكتورعبد الرحمن الوابلي، بما قدمته لمجتمعك ووطنك وأمتك من أعمال جليلة، ندعوالله بأن يتقبلها فى موازين حسناتك وأعمالك، وأن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك الفسيح من جناته مع الصديقيين والصالحين، وأن يلهم أهلك وذويك ومحبيك جميل الصبروالسلوان..وأنا لله وأنا إليه راجعون.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat