صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

أبو بكر وعمر والتلاعب بقانون الله ! الوحيد الخراساني..
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 بسم الله الرحمن الرحيم
الآية مورد الكلام: أعود بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [النساء : 176]
وهذه الآية الكريمة في مورد استفتاء الرسول ص حول ميراث الكلالة، وفي هذه السورة ذكر بحث الكلالة في مورد آخر.
 
لقد قرأنا الآية، وموضوع الاستفتاء هو الكلالة، ومورد البحث هو إرث الكلالة، ونهاية الآية تدل على أن الله يبين لئلا تضلوا.
فالنتيجة أن أحداً إن لم يفهم الآية يكون من الضالين بنصّ الآية، وهذا المطلب يستفاد من صريح الآية.
 
بعد ذلك ينبغي النظر فيما وقع في السنة، ومقتضى الأمانة أن ننقل نصّ ما نقله الدارمي في السنن الكبرى ج2 ص366، وبقية المفسرين: 
سئل أبو بكر عن الكلالة فقال إني سأقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان أراه ما خلا الوالد والولد فلما استخلف عمر قال إني لأستحيي الله ان أرد شيئا قاله أبو بكر.
 
وهنا مطالب: 
المطلب الأول: هل أن من جلس مكان النبي ص يتحمل مسؤولية الجواب عن آيات القرآن أم لا ؟ ماذا يعني الخليفة ؟ الخليفة يعني من ينوب عن أحد، وينبغي أن يقوم بالدور الذي كان يقوم به المنوب عنه، أصلاً قوام الخلافة بذلك.
ما هي وظيفة خليفة الرسول ؟ إذا كان خليفة أي أحد دون تأمل هو الذي يملأ خلأ وجود المستخلف عنه، فإذا لم يتمكن طبيب من الحضور للعيادة هل يمكن ان يُجلِس بقالاً مكانه أو عطاراً أم ينبغي أن يُجلس طبيباً ؟
 
إذا لم يتمكن الشيخ الأنصاري من إدامة درسه، فمن يا ترى ينبغي أن يجلس محل الشيخ ؟ الدكتور ؟ أستاذ الرياضيات ؟ أم فقيه كالميرزا الشيرازي أو الميرزا الرشتي ؟
هذا برهان، وهذا هو مقتضى القاعدة.
فتكون مسؤولية أبي بكر مطابقة للمنطق والاستدلال.
أما الجواب الذي أجاب به هذا الشخص: إني سأقول فيها برأيي: وهنا أول خطأ، سأجيب سريعاً في تفسير الكلالة برأيي، وههنا يطرح سؤال على علماء المذاهب الأربعة حول هذه القضية المسلمة:
هل لأي أحد أن يتحدث برأيه في القرآن الكريم ؟
من فسّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
كلام الله ليس لعبة، نفس كلمته (سأقول فيها برأيي) دليل قاطع على بطلان خلافته.
 
ينبغي أن يُبيَّن كلام الله بواسطة من يعيّنه الله تعالى، وهذه القضية كالمملكة التي لها قانون ثم يُسأل أحدهم عن تفسير قانونها، هل يحقّ له أن يقول: أني سأفسر القانون برأيي أنا ؟!
لو كان هناك عقل لما وصلت الأمور إلى هنا !
 
القانون الذي يقنّنه الآخر: ما دورك أنت كي تفسر قانونه برأيك أنت ؟
أليس القرآن قانون الله تعالى ؟ أم لا ؟
إن كان قانونَ الله تعالى فليجب علماء المذاهب الأربعة: كيف لهذا الشخص المعروف بغاية الجهل أن يقول: سأقول فيها برأيي !
قانون الله يتلاعب به رأي أبي بكر بن أبي قحافة ؟! هذا المطلب الثاني.
 
المطلب الثالث: اعتراف هذا الشخص نفسه بأنه لا يعرف إن كان ما يقوله حق أم لا، وإقرار العقلاء على أنفسهم جائز، والإقرار حجة عند كلّ الأمم.
فهل درس هؤلاء أم لا ؟ إن درسوا فإن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز نافذ بحكم جميع الملل والأديان والمذاهب، وهذا الشخص يقرّ صريحاً أني ليس عندي علم إن كان رأيي حقاً أو باطلاً !!
هل لمن لا يعلم أن كلامه حقّ أو باطل الحق في أن يتكلم ؟!
 
هذا السؤال موجه لعلماء المذاهب الأربعة: من كانت له قدرة فليجب !
ينبغي أن يسكت مثل هذا بحكم العقل، فإن وظيفة الجاهل عقلاً عبارة عن السكوت مقابل ما لا يعلم، وبحكم الدين، والقرآن، ونصّ كلام الله تعالى ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء : 36]( )
كم هو خطير هذا المطلب! 
هذا القرآن، وهذا العقل، وهذا الحديث الذي نقله جميع أعيان مفسري العامة واعترفوا به، من أنه يفسر كلامه برأيه رغم اعترافه بجهله.
 
المطلب الرابع: قال: ان يكن خطأ فمني ومن الشيطان: فهل لمن يعترف باحتمال أن يكون قوله من الشيطان والرحمن (الذي يقذف الحق في قلب الناس): هل يمكن لمثله أن يكون إمام الأمة ؟
هذا البحث مع من كتبوا هذه الأمور بأنفسهم، لا مع الكليني والشيخ الطوسي، مع الدارمي، مع الصحاح، والسنن، مع أئمة المذاهب ومن يرجعون لتفسير ابن كثير..
ما هو الجواب يا ترى ؟ ما هو جوابهم مقابل هذا الكلام غداً يوم القيامة في محكمة العدل ؟
إلى هنا مرَّ فعلُ أبي بكر نفسه.
 
عمر والكلالة
ثم: فلما استخلف عمر قال: إني لأستحيي الله ان أرد شيئاً قاله أبو بكر.
أبو بكر يصرح أنه يقول برأيه الذي يحتمل أن يكون من الشيطان، فكيف تستحي أنت من ردّ هذه الكلمة ؟ أليست هذه الكلمة مخالفة للقرآن الكريم ؟ إن قلتم كلا فأجيبوا، وإن قلتم أنها مخالفة: أفلا تخجل من القول بأنك تستحي من الله في مخالفة أبي بكر ؟! 
هذا أبو بكر وهذا عمر.
 
هذه القضية وحدها كافية لإتمام الحجة على كلّ الذين يعتقدون بالتفاسير والسنن، فماذا سيجيبون في محكمة العقل والمنطق ؟!
هل فكروا بيوم القيامة ؟
ثم إن نتيجة قوله (إني لأستحي...) أنه قَبِلَ كلام أبي بكر !
 
وما يهدم مذهب العامة من جذوره هي هذه التتمة، وقد اعترف بصحة هذه القضية كلّ علماء الرجال عند العامة، نحن نتحدث بمثل هذا المنطق، فإنهم يصرحون أن سند هذه القضية والرواية هو نفس السند الذي يعتمد عليه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهذا الحديث هو (والكلام لعمر): ثلاث لئن يكون النبي بيّنه لنا أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها: وإحدى هذه المطالب الثلاثة: الكلالة.
ما هو جوابهم يا ترى ؟
 
هذا برهان على بطلان المذاهب الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية.
فمن جهةٍ قَبِلَ ما قاله أبو بكر، وقاله للناس، ومن جهة أخرى يعترف بنفسه أنه لا يعرف، ولو كان النبيّ بيّنها لهم لكان ذلك أحب له من الدنيا وما فيها !
 
هذا مذهبٌ يا ترى ؟!
هذا ما نقوله أن مذهب الشيعة مظلوم.. 
 
والحمد لله رب العالمين
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/11



كتابة تعليق لموضوع : أبو بكر وعمر والتلاعب بقانون الله ! الوحيد الخراساني..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net