صفحة الكاتب : كريم الانصاري

عفواً أبا صالح ، فلازال الانتظار غريباً
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 سادات الأنام يقولون : " إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولاناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء "
 
ولسان حالنا يقول : ليت شعري أين استقرّت بك النوى ، بل أيّ أرض تقلّك أو ثرى ، أبرضوى أم غيرها أم ذي طوى .. عزيزٌ عليَّ أن أرى الخلق ولاتُرى ولاأسمع لك حسيساً ولانجوى .. عزيزٌ عليَّ أن تحيط بك دوني البلوى ولاينالك منّي ضجيجٌ ولاشكوى ، بنفسي أنت من مغيَّبٍ لم يخلُ منّا ، بنفسي أنت من نازحٍ مانزح عنّا ..... إلى متى أحارُ فيك يامولاي وإلى متى وأيّ خطابٍ أصفُ فيك وأيّ نجوى .. عزيزٌ عليَّ أن أُجاب دونك وأُناغى .. عزيزٌ عليَّ أن أبكيك ويخذلك الورى .. عزيزٌ عليَّ أن يجري عليك دونهم ماجرى .
 
فهم سلام الله عليهم يقولون ونحن نقول ، شتّان مابين القولين ، فقولهم الثبوت والإثبات ، وقولنا يتعثّر في الثبوت ناهيك عن الإثبات .
 
دعاء الندبة هو لسان حالنا نحن المنشطرين إلى : القلّة المنتظرة  صدقاً ووفاءً ووعياً ، والكثرة المنتظرة جهلاً أو رياءً أو نفاقاً ، المتشدّقة بانتظار الفرج ، الظاهرة الصوتية التي لاتتجاوز حدّ الفهم القشري لمعاني الغيبة والانتظار والظهور ..
إنّ العقلانية الرابضة على جبهات الصراع الحضاري ضدّنا ،  المنافسة الرقيبة المكاوحة الصعبة ، تهاجمنا وتضغط على مواطن الضعف فينا عبر تكرار التساؤل المغرض المؤذي : وُلِدَ المنقذ أم سيولَد ؟ حتى تراجع البعض منّا تحت ضغط العوز الفكري العقائدي  واختار المبنى الأوّل الذي يتّسق مع ما تريده العقلانية المذكورة ، بل مع ماأجمعت عليه الأديان والمذاهب الأُخرى ، السماوية وغيرها ، القائلة  بلابدّيّة المنقذ الذي يأتي ويولد آخر الزمان فيُمضي نهاية التاريخ ويُنهي ملفّ الصراع المعمّر بعمر الحياة .. بل سرّب بعض المحسوبين علينا حقيقة قناعته باستحالة ظهوره (عج) ولو بعد ملايين السنين ، مترنّماً برؤى معشوقه محيي الدين بن عربي !!
 
إنّ العقلانيّ المناوىء بل حتى المآلف  إن كان يحترم النصّ أو قد يجامل في احترامه - مسايرةً لنا - فإنّه لايرى فيه سوى مصادرةً في المطلوب وأوّل الكلام .. إنّ المخالف تمكّن - للأسف - من تشخيص الثغرة فينا فهاجمنا من حيث نحذر ونخاف ، وبات يطالبنا - مصرّاً -  بالإثبات العقلاني لأهمّ قضيّةٍ عقَديّةٍ مفصليّةٍ عندنا ، فلامجال إذن للعواطف والأحاسيس والمشاعر الجيّاشة قبال مناوىء شرس أقسم إلّا أن ينال منّا ومن حيث يبتني أُسّ كياننا وشرعيّة وجودنا .. ولاغرو فإنّ  ميدان اليوم ميدان العلوم والمعارف النابضة بالاستدلال المنهجيّ العقلانيّ القويم ..
 ورغم الآثار العقلانيّة القيّمة المختصّة الراشحة من رؤى وأفكار علمائنا ونخبنا ، جزاهم الله خير الجزاء ، التي غاصت في حضوره المادّي الفيزيائي الفعلي وإثبات ولادته (عج) بالبرهان العلمي المتين والحجّة البالغة ، غوصَ البحّار الخبير ، لكنّها ضئيلة إزاء وسعة المدّ المناوىء ، المشحون بالإمكانيات الهائلة والقدرات الكبيرة والهيمنة الكاملة على الفضاء الإعلاميّ العالمي .
أمّا التشبّث بالنصّ فقط والتغاضي عن هجمة العقلانيّة المناوئة وعدم الاكتراث بما تفعل وتقول ، فندعها تحصد واسع القبول ، أو التعلّل بمقولة ضرورة شياع الفساد والانحراف الممهّدة لظهوره (عج ) .. فما هو إلّا نوع هروبٍ للأمام ، ومؤشّر وشاهد قوي على ضعفنا في فضاء العقلانية الذي غدا مهيمناً على جنس الفضاءات المعرفيّة بنحوٍ لايقبل الإنكار والإخفاء .. ولاننسى أنّ العقلانيّة المناوئة لطالما غرّرت بذوي الوعي منّا ناهيك عمّن سواهم ، وساقتهم إلى أودية الانحراف والضياع .. ذلك بفعل اجتهادنا التواكلي أو عدم فهمنا الصحيح لرسالة الدين الحنيف ومبادىء الحقّ المبين ، الداعية وجوباً إلى انتشال الإنسان من حضيض الروح البهيميّة إلى حيث مرابع الهداية والفلاح والسعادة الأُخرويّة . فهل من تطابق وتماثل وتضايف عقلاني أخلاقي ديني بين ترك الفساد والانحراف يقوى ويسود وبين تمهيد مقدّمات الظهور ، ظهور المولى الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملأها الجبابرة الفاسقون ظلماً وجورا .. فحاشى لديننا ومذهبنا - بألف دليلٍ ودليل - أن يكون شريكاً في نشر الظلم والفساد ولو  بالسكوت . 
 
إنّنا بأمسّ الحاجة إلى الأفكار والنتاجات التي تحفظ الثوابت والأُصول وتخوض في نفس الوقت الصراع العقلاني المرير لأجل ترجمة المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعاً إلى فعلٍ حضاريٍّ نابض بالحركة المخلصة الصادقة التي تأخذ بالإنسان إلى حيث ينبغي أن يسمو ويكون .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/21



كتابة تعليق لموضوع : عفواً أبا صالح ، فلازال الانتظار غريباً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net