صفحة الكاتب : كريم الانصاري

جنس الرجال العظام
كريم الانصاري
 لم يُعصَموا من الخطأ والغفلة والنسيان لكنّهم إن صمتوا أنطقوا وإن نطقوا أصمتوا ، إن سكنوا حرّكوا وإن تحرّكوا أسكنوا ؛ فتسير الأُمور كما ينبغي لها أن تسير .. بمجرّد الإشارة لأسمائهم تزدحم في الأذهان والجنان خصائص الكرام ومزايا أهل التقوى والإيمان .. بذكرهم تموج أحاسيس الفؤاد السليمة ، وتميل الروح راغبةً بالإياب حيث فطرة الله القديمة .. 
النظر في وجوههم عبادةٌ تخفّف وطأة الآثام والآلام والأحزان وتحلّق بنا في فضاءات التوبة ورجاء عطف الرحمن .
بهم نلمس عزّ الشريعة الباسق وكمال الدين السامق وجمال القيم الآسر .
 
فليس الأمر بهذه البساطة ياصاح حتى يركب الموج هذا وذاك فيقول : ها أنا ذا ؛ فإنّ طوارق الحدثان وأعاصير الأزمان  وأمواج الطوفان يلزمها ذلك الربّان ، العارف بأحداث الساعة والمكان ، الخبير الذي عجنته مختبرات الذات والمعرفة والحكمة والإيمان .. فما نحن فيه وعليه وإليه لاتفضّه سرادق الخضراء ولا البيانات الحمراء ولا المصطلحات الصفراء .
إنّها محنةٌ تستدعي رجالاً وألباباً تعلم أنّى الصمت أو الكلام  ، السكون أو الإقدام ؛ رجالاً غارت ولازالت تغور - تدبّراً وتعقّلاً وتعمّقاً - ضاربةً في جذور الآخرة و الحياة ، في ما مضى وتصرّم وواقع الحال  وماهو مستَشرَفٍ وإليه المآل .. تكدح ردحاً وتقطر عرقاً  وتكابد عمراً كي تصوغ القرار المتين الذي يحفظ كرامة الإنسان ومبادىء الحقّ والدين المبين . 
فليس الميدان ميدان المراهقة والصبا والضعف والخضوع للوسوسة والهوى ، أو ميدان الرجوع لغابر الأيّام وحقب الظلم والاستبداد وسنيّ الأخطاء الجسام  .. إنّه ميدان الكبار بلا أدنى كلام ، والكبار هم مراجع الدين العظام ، ولاسيّما هذا السيّد الصمصام ، علي ، هذا الحسينيّ السيستانيّ الهمام ، الذي مابرح يبلور روائع الحِكَم والمواعظ والمواقف العظام ،بالقول والفعل والتقرير على غايةٍ من الدقّة والانتظام ؛ كيف لا ؟! وهو الربّان المتمرّس الذي مافتىء يرسو بنا على مرافىء الأمان والاطمئنان ، وصمّام الأمان الذي مازال ينأى بنا عن كفّي عفريت الفتنة والأضغان .
بورك مشهد الرضا  أن أنجب ولازال ينجب خيرة الرجال والفرسان ، بورك غريّ المولى وحوزة العلم  والمراجع العظام ، بورك نهج آل البيت (ع) وهو يألق بإمضاء العزيز الرحمن . بوركت معاقل النبوّة والعصمة والإمامة وصالح الأولياء  ، من يثرب إلى كربلاء حتى بغداد ودمشق وسامرّاء وسائر الأوطان .  
 
فهذا عليٌّ هنا وذاك عليٌّ هناك ،  كلاهما يذبّان عن حمى الدين والحقّ بقدر مااجتهدا و أُوتيا من علمٍ وحكمةٍ وريادةٍ وقوّةٍ ونفوذ وكياسةٍ وسلطةٍ وتدبير .. وماأشمخ توافق هذين العليّين ، فلطالما توافقا فأماتا العدوّ اللدود بالغيض واليأس والقنوط .
 
إلى ذلك : فرغم اصطفاف أُمّة الإرهاب والضلال والحقد والانحراف ، مسخّرةً هائل الإمكانيّات من عدّةٍ وعديد وغدرٍ وتضليلٍ وفجور وترهيب، لتحذفنا وتنفينا  ، بل لو وجدت السبيل لقتلنا جميعاً لفعلت ذلك  منذ أمدٍ بعيد فينا  .. لكنّها ظلّت سوى أضغاث أحلامٍ تداعب أفكارها  طول الزمن المديد ، وستبقى مجرّد أمانيّ وحسرة في صدورها إلى يوم الوعيد .
 فهاك استقرىء وراجع وقارن وبعثر وحلّل واستنتج ، فما تجد إلّا حصيلةً مفادها : نزحف ويتراجعون ، نتكامل ويتآكلون ، يعلو صوتنا ويخفتون ، نقوى ويضعفون ، يذبحون ويروّعون ويضلّلون ، نحيا  بغرس بذور الأمان والحبّ والسلام وعلى هذا المنوال نحن ماضون .
إنّنا  موجودون على غايةٍ من القوّة والعنفوان المستديم ، يحدونا الأمل القديم بظهور الغائب العظيم  ، أمل الاعتقاد الراسخ بنهج المعصومين القويم ، المتواصل بفعل حضور مراجع الدين المبين والعلماء العاملين  والنخب والكوادر وسائر المؤمنين . 
 
إنّه مكسبٌ يثلج الصدور ويغمر القلوب والعقول رفيعَ العزّ والإباء والقوّة التي ترهب الأعداء ، فله الحمد تبارك وتعالى أن منحنا في هذا الظرف على وجه الخصوص فرصة الحوار باقتدار والذود عن قيم الحقّ والسماء بعزمٍ وإصرار .
 
طوبى لمدرسة آل البيت (ع) وهي تجسّد مضامين الإسلام الصحيح بأسنى بيان.
طوبى لمراجع الدين العظام ، لقادتنا الكرام ، لرموزنا ، لمؤمنينا ، الذين حفظوا العهد وغذّوا الذاكرة الأزليّة بروائع الرؤى والبصائر الرؤام .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/17



كتابة تعليق لموضوع : جنس الرجال العظام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net