لم يُعصَموا من الخطأ والغفلة والنسيان لكنّهم إن صمتوا أنطقوا وإن نطقوا أصمتوا ، إن سكنوا حرّكوا وإن تحرّكوا أسكنوا ؛ فتسير الأُمور كما ينبغي لها أن تسير .. بمجرّد الإشارة لأسمائهم تزدحم في الأذهان والجنان خصائص الكرام ومزايا أهل التقوى والإيمان .. بذكرهم تموج أحاسيس الفؤاد السليمة ، وتميل الروح راغبةً بالإياب حيث فطرة الله القديمة ..
النظر في وجوههم عبادةٌ تخفّف وطأة الآثام والآلام والأحزان وتحلّق بنا في فضاءات التوبة ورجاء عطف الرحمن .
بهم نلمس عزّ الشريعة الباسق وكمال الدين السامق وجمال القيم الآسر .
فليس الأمر بهذه البساطة ياصاح حتى يركب الموج هذا وذاك فيقول : ها أنا ذا ؛ فإنّ طوارق الحدثان وأعاصير الأزمان وأمواج الطوفان يلزمها ذلك الربّان ، العارف بأحداث الساعة والمكان ، الخبير الذي عجنته مختبرات الذات والمعرفة والحكمة والإيمان .. فما نحن فيه وعليه وإليه لاتفضّه سرادق الخضراء ولا البيانات الحمراء ولا المصطلحات الصفراء .
إنّها محنةٌ تستدعي رجالاً وألباباً تعلم أنّى الصمت أو الكلام ، السكون أو الإقدام ؛ رجالاً غارت ولازالت تغور - تدبّراً وتعقّلاً وتعمّقاً - ضاربةً في جذور الآخرة و الحياة ، في ما مضى وتصرّم وواقع الحال وماهو مستَشرَفٍ وإليه المآل .. تكدح ردحاً وتقطر عرقاً وتكابد عمراً كي تصوغ القرار المتين الذي يحفظ كرامة الإنسان ومبادىء الحقّ والدين المبين .
فليس الميدان ميدان المراهقة والصبا والضعف والخضوع للوسوسة والهوى ، أو ميدان الرجوع لغابر الأيّام وحقب الظلم والاستبداد وسنيّ الأخطاء الجسام .. إنّه ميدان الكبار بلا أدنى كلام ، والكبار هم مراجع الدين العظام ، ولاسيّما هذا السيّد الصمصام ، علي ، هذا الحسينيّ السيستانيّ الهمام ، الذي مابرح يبلور روائع الحِكَم والمواعظ والمواقف العظام ،بالقول والفعل والتقرير على غايةٍ من الدقّة والانتظام ؛ كيف لا ؟! وهو الربّان المتمرّس الذي مافتىء يرسو بنا على مرافىء الأمان والاطمئنان ، وصمّام الأمان الذي مازال ينأى بنا عن كفّي عفريت الفتنة والأضغان .
بورك مشهد الرضا أن أنجب ولازال ينجب خيرة الرجال والفرسان ، بورك غريّ المولى وحوزة العلم والمراجع العظام ، بورك نهج آل البيت (ع) وهو يألق بإمضاء العزيز الرحمن . بوركت معاقل النبوّة والعصمة والإمامة وصالح الأولياء ، من يثرب إلى كربلاء حتى بغداد ودمشق وسامرّاء وسائر الأوطان .
فهذا عليٌّ هنا وذاك عليٌّ هناك ، كلاهما يذبّان عن حمى الدين والحقّ بقدر مااجتهدا و أُوتيا من علمٍ وحكمةٍ وريادةٍ وقوّةٍ ونفوذ وكياسةٍ وسلطةٍ وتدبير .. وماأشمخ توافق هذين العليّين ، فلطالما توافقا فأماتا العدوّ اللدود بالغيض واليأس والقنوط .
إلى ذلك : فرغم اصطفاف أُمّة الإرهاب والضلال والحقد والانحراف ، مسخّرةً هائل الإمكانيّات من عدّةٍ وعديد وغدرٍ وتضليلٍ وفجور وترهيب، لتحذفنا وتنفينا ، بل لو وجدت السبيل لقتلنا جميعاً لفعلت ذلك منذ أمدٍ بعيد فينا .. لكنّها ظلّت سوى أضغاث أحلامٍ تداعب أفكارها طول الزمن المديد ، وستبقى مجرّد أمانيّ وحسرة في صدورها إلى يوم الوعيد .
فهاك استقرىء وراجع وقارن وبعثر وحلّل واستنتج ، فما تجد إلّا حصيلةً مفادها : نزحف ويتراجعون ، نتكامل ويتآكلون ، يعلو صوتنا ويخفتون ، نقوى ويضعفون ، يذبحون ويروّعون ويضلّلون ، نحيا بغرس بذور الأمان والحبّ والسلام وعلى هذا المنوال نحن ماضون .
إنّنا موجودون على غايةٍ من القوّة والعنفوان المستديم ، يحدونا الأمل القديم بظهور الغائب العظيم ، أمل الاعتقاد الراسخ بنهج المعصومين القويم ، المتواصل بفعل حضور مراجع الدين المبين والعلماء العاملين والنخب والكوادر وسائر المؤمنين .
إنّه مكسبٌ يثلج الصدور ويغمر القلوب والعقول رفيعَ العزّ والإباء والقوّة التي ترهب الأعداء ، فله الحمد تبارك وتعالى أن منحنا في هذا الظرف على وجه الخصوص فرصة الحوار باقتدار والذود عن قيم الحقّ والسماء بعزمٍ وإصرار .
طوبى لمدرسة آل البيت (ع) وهي تجسّد مضامين الإسلام الصحيح بأسنى بيان.
طوبى لمراجع الدين العظام ، لقادتنا الكرام ، لرموزنا ، لمؤمنينا ، الذين حفظوا العهد وغذّوا الذاكرة الأزليّة بروائع الرؤى والبصائر الرؤام .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat