صفحة الكاتب : الشيخ عقيل الحمداني

الترابط الواقعي بين الطوفان وسفينة نوح والطوفان العالمي الالحادي والتكفيري وسفينة اهل البيت ع
الشيخ عقيل الحمداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 هل عمّ الطوفان وجه الأرض ؟
قال النبي الاكرم ص واله : سمعت أبا ذر يقول : وهو آخذ بباب الكعبة : من عرفني فأنا من قد عرفني ، ومن أنكرني فأنا : أبو ذر ، سمعت النبي (ص) : يقول : ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك.
ولنقف اولا عند بعض الامور التي ترتبط بطوفان نوح ع
جاء في كتاب شبهات وردود لمعرفة ص 33 ومابعدها :صريح التوراة أنّ الطوفان عمّ وجه الأرض ، وأهلك الحرث والنسل وحتّى الطير في السماء .
وليس في القرآن دلالةٌ ولا إشارةٌ إلى ذلك ، ، وأنّ الطوفان إنّما عمّ المنطقة التي كان يعيشها قوم نوح ولم يتجاوزها .
جاء في سورة الأعراف : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) إلى قوله ( فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِينَ ) الأعراف 7 : 59 ـ 64 .
فالذين كان يخاف عليهم عذاب يومٍ عظيم ممّن كذّبوه وكانوا قوماً عمين ، كانوا هم المغرقين .
ولا دلالة فيها على غرق آخرين من أقوامٍ لو كانوا مُبعثرين عائشين في سائر أقطار الأرض ممّن لم تبلغهم دعوة نوح ، ولم يكن مرسلاً إليهم .
هذا فضلاً عن سائر الحيوان من الزحّافات والدبّابات المنتشرة في وجه الأرض ، وكذا الطير في الهواء ، ممّا لا شأن لها ورسالات الأنبياء ، ولا وجه لأنْ يعمّها العذاب ، وهو عقاب على معصية لا مساس لها بغير الإنسان .
الأمر الذي يؤخذ على التوراة أشدّ الأخذ ! ولا سيّما بذاك الوصف الذي وصفته : غمر الماء وجه الأرض كلها وارتفع حتّى غمر قمم الجبال الشامخات وعلاهنّ بخمس عشرة ذراعاً ( سبعة أمتار ) !
نقض فرضية الشمول
يقول ( ولتر ) ـ الكاتب الناقد الفرنسي (1694 ـ 1778 م ) بصدد تسخيف أُسطورة الطوفان على ما وصفته التوراة ـ : كان يجب لمثل هذا التضخّم من الماء المتراكم على وجه الأرض أنْ تضمّ اثنا عشر بحراً ، كلّ في سعة البحر الأطلانتي المحيط ، بعضها فوق بعض ليكون الأعلى في حجم أكبر بأربع وعشرين ضعفاً ، وهكذا حتّى تجتمع في مثل هذا الماء المتراكم ليغمر شامخات الجبال !
ويزيد ـ: يكفي بذلك معجزة خالدة لا حاجة معها إلى سائر المعاجز ، حيث لا مثيل لها في خرق نواميس الكون !!.
ويقول آخر : إنّ المحاسبات العلميّة الدقيقة تُعطينا : أنّ الأبخرة المنبثّة في أجواء الأرض لو تكثّفت جميعاً وهطلت أمطاراً لما كانت تكفي لأنْ تغمر وتعلو عن وجه الأرض بأكثر من بضع سانتي مترات ، فكيف بجبال شامخات ؟!
يقول الدكتور ( شفا ) : لو كانت السماء تهطل بأمطارها أربعين صباحاً ـ كما هو نصّ التوراة ـ لما كاد أنْ يغمر هضبة ما بين النهرين ـ على صغرها ـ فكيف بغمر وجه الأرض
وأنْ يعلو قمم الجبال ؟! وجبل ( آرارات ) يرتفع عن سطح البحر بأكثر من خمس كيلو مترات ما يكاد أن يغمره ، فكيف بسائر الجبال الشامخة ؟! (1) .ما كتبه الدكتور شجاع الدين شفا في كتابه ( تولّدي ديكر ) ، ص 285 منتقداً قصّة الطوفان على ما وردت في الكتب الدينيّة .
الطوفان ظاهرة طبيعيّة حيث أرادها الله
نعم ، كان حادث الطوفان ظاهرة طبيعيّة وعلى ما وصفه القرآن ممّا لا يكاد الغمز فيه .
كان قد مرّ على حياة الأرض في أدوارها الأولى كثير من تغيّرات جوّية مفاجئة ، كان وجه الأرض مسرحاً لتناوب هطول أمطار غزيرة ، وسيول هائلة منحدرة من أعالي الجبال كادت تغمّ الهضاب والوديان والمناطق المنخفضة من سطح الأرض .
وكان طوفان نوح إحدى تلكم الظواهر الكونيّة حدثت بإذن الله ( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) (2) ،القمر 54 : 11 و 12 . فانحدرت سيول هائلة على سفوح الجبال ، وتفجّر ينابيع الأرض المُشبعة بالأمطار ، وهكذا أحاط الماء الهائم بقوم نوح وسدّ عليهم طرق النجاة ، وحتّى ابن نوح حاول اللجوء إلى أعالي المرتفعات لولا أنْ جابهته سيول هائجة لتصرعه إلى حيث مَهوى الهلاك ، بل وحتّى لم يجد فرصة التريّث فيما كان ينصحه أبوه ، وحال بينهما الموج فكان من المغرقين .
وفي تواريخ الأُمم ما يُسجّل حدوث طوفانات هائلة جرفت بقسط من الحياة ؛ ولعلّه لتراكم الفساد والشرّ في تلكم البقاع ، فمِن قدماء الفرس : أنّ طوفاناً هائلاً غمّ أرض العراق إلى حدود كردستان ، وهكذا رُوي عن قدماء اليونان ، والهنود أثبتوا وقوع الطوفان سبع مرّات شمل شبه الجزيرة الهنديّة ، ويُروى تعدّد الطوفان عن اليابان والصين والبرازيل والمكسيك وغيرهم ، ويُروى عن الكلدانييّن ـ وهم الذين وقع طوفان نوح في بلادهم ـ :
أنّ المياه طغت على البلاد وجرفت بالحرث والنسل . فقد نقل عنهم ( برهوشع ) و
( يوسيفوس ) : أنّ ( زيزستروس ) رأى في الحُلم بعد موت أبيه ( أوتيرت ) أنّ المياه ستطغى وتُغرق الناس كلّهم ـ ممّن كان يعيش هناك طبعاً ـ فأُمر بصنع سفينة يعتصم فيها هو وذووه ففعل ، وقد كان هناك جبابرة طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد فعاقبهم الله بالطوفان والاستئصال .
وقد عَثر بعض الإنجليز على ألواح من الآجر نُقشت فيها هذه الرواية بالحروف المسماريّة في عصر ( آشور بانيبال ) من نحو ( 660 ) سنة قبل ميلاد المسيح ، وأنّها منقولة من كتابة قديمة من القرن السابع عشر قبل الميلاد أو قبل ذلك ، ومِن ثَمّ فهي أقدم من كتابة سِفر التكوين ( يرجع تدوينه إلى عام 536 قبل الميلاد بعد الرجوع من سبي بابل ) .
لا شاهد على شمول الطوفان
لا شكّ أنّ شواهد الطبيعة لا تدع مَجالاً لاحتمال شمول الطوفان ، ولا سيّما بذلك الارتفاع الهائل ! كما لا موجب لتناول الإعجاز لمثل هذا الحدّ غير الضروري قطعيّاً .
بقي ظاهر النصّ ( التعابير الواردة في القرآن الكريم ) ممّا حسبه البعض ذا دلالة أو إشارة إلى ذلك ، فضلاً عن قرائن أخرى :
قال الشيخ مُحمّد عبده : وأمّا مسألة عموم الطوفان في نفسها فهي موضوع نزاع بين أهل الأديان ، وأهل النظر في طبقات الأرض ، وموضوع خلاف بين مؤرّخي الأُمم .تفسير المنار ، ج 12 ، ص1 08 .
أمّا أهل الكتاب وعلماء الأمّة الإسلاميّة فعلى أنّ الطوفان كان عامّاً لكلّ الأرض ، ووافقهم على ذلك كثير من أهل النظر ، واحتجّوا على رأيهم بوجود بعض الأصداف والأسماك المتحجّرة في أعالي الجبال ؛ لأنّ هذه الأشياء ممّا لا تتكّون إلاّ في البحر ، فظهورها في رؤوس الجبال دليلٌ على أنّ الماء صعد إليها مرّةً من المرّات ، ولن يكون ذلك حتّى يكون قد عمّ الأرض .
وقال السيّد الطباطبائي : الحقّ ، أنّ ظاهر القرآن الكريم ـ ظهوراً لا ينكر ـ أنّ الطوفان كان عامّاً للأرض ، وأنّ من كان عليها من البشر أغرقوا جميعاً ...
ومن شواهد الآيات التي استند إليها قوله تعالى ـ حكايةً عن نوح ـ ( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى
الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ) وقوله : ( لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) وقوله : ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ )
قال : ومن الشواهد من كلامه تعالى على عموم الطوفان ما ذكر في موضعين من الأمر بأنْ يَحمل من كلٍّ زوجين اثنين ، ومن الواضح أنّه لو كان الطوفان خاصّاً بالمنطقة ـ أرض العراق كما هو معروف ـ لم تكن حاجة إلى ذلك ( ؛ نظراً لإمكان تداوم النسل بسائر أفراد النوع المنبّثة في أقطار الأرض حينذاك .
آثار جيولوجيّة
لكن وجود الفسايل وبقايا متحجّرة لحيوانات مائيّة وهكذا آثار الردم المُشاهد في أعالي بعض الجبال لا يَصلح شاهداً لصعود الماء إليها ؛ إذ لا يكفي لحدوث هذه الآثار ووجود هذه البقايا صعود الماء أيّاماً معدودة ولفترة قصيرة ، بل ومن المحتمل القريب أنّها من بقايا رسوبيّة كانت يوماً ما تحت البحر وعلى ضفافه ، غير أنّ التغيّرات الجيولوجيّة والتمعّجات الحاصلة على قشرة الأرض على أثر الزلازل وغيرها هي التي أوجبت تغيّراً في وجه الأرض ، فمنها ما ارتفع بعدما كان مغموراً ، أو انغمر بعد ما كان عالياً ، وهكذا تعرجّات حدثت على الأرض ولا سيّما في الفترات الأُولى على أثر انخفاض حرارة سطح الأرض .
قال الشيخ محمّد عبده : إنّ وجود الأصداف والحيوانات البحريّة المتحجّرة في قُلل الجبال لا يدلّ على أنّها من أثر ذلك الطوفان ؛ بل الأقرب أنّه كان من أثر تكوّن الجبال وغيرها من اليابسة في الماء . فإنّ صعود الماء إلى الجبال أيّاماً معدودة لا يكفي لحدوث ما ذكر فيها 
تفسير المنار ، ج 12 ، ص 108 .
ووجه الربط بين سفينة نوح واهل البيت ع فسره المناوي بقوله قال المناوي: (ان مثل أهل بيتي) فاطمة وعلي وأبنيهما وبنيهما أهل العدل والديانة (فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخفّ عنها هلك) وجه التشبيه أن النجاة ثبتت لأهل السفينة من قوم نوح فأثبت المصطفى صلى الله عليه وسلّم لأمته بالتمسك بأهل بيته النجاة وجعلهم وصلة اليها. ومحصوله: الحث على التعلق بحبهم وحبلهم واعظامهم شكراً لنعمة مشرّفهم والأخذ بهدي علمائهم فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة، وأدّى شكر النعمة المترادفة، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان، فاستحق النيران، لما أن بغضهم يوجب النار كما جاء في عدة أخبار، كيف وهم أبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده، وهم فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في كثير من الآيات وهم العروة الوثقى ومعدن التقى»
وحديث أبي سعيد مرفوعاً: ان لله عزّوجل ثلاث حُرُمات، فمن حفظهن حفظ الله تعالى دينه ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له ديناً ولا آخرته قلت: وما هن؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم حرمة الاسلام، وحرمتي، وحرمة رحمي. 
قلت: فمن حفظ الحرمات الثلاثة فقد ركب في سفينة النجاة ومن لم يحفظهن فقد تخلّف عن سفينة النجاة.
فلكي ننجو من طوفان الالحاد والاباحة الذي بدا يغمر كثير من شعوب بني البشر علينا الرجوع الى الاسلام المتجسد بخط محمد وال محمد ص.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عقيل الحمداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/06



كتابة تعليق لموضوع : الترابط الواقعي بين الطوفان وسفينة نوح والطوفان العالمي الالحادي والتكفيري وسفينة اهل البيت ع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net