صفحة الكاتب : بوقفة رؤوف

معركة تحرير الهوية بقلم
بوقفة رؤوف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
    لقد سقطت الدولة الالمانية , ودمرت كليا , لكن سرعان ما نهضت من جديد لتعود قوة يحسب لها ألف حساب , ونفس الامر حدث مع اليابان , لأن الدولة هنا هي التي سقطت ,النظام هو الذي سقط , لكن الشعب لم يسقط , شبكة العلاقات الاجتماعية لم تمزق وسر ذلك أن هوية الشعب الالماني أو هوية الشعب الياباني هي الجهاز المناعي , الذي سرعان ما يفرز المضادات الحيوية , فيقتل الجراثيم ويشفي الجراح 
ان النظام الالماني او غيره من الانظمة الغربية التي اوصلت دولها الى السقوط لم تعبث بهوية المجتمع ,لأنها تعلم ان هوية المجتمع هي المخزون الاحتياطي للصرف او المولد الكهربائي في حالة انقطاع التيار الكهربائي أو المنطقة الامنة التي تضمن التعبئة واستمرار تدفق الوقود والطعام والدواء 
والمجتمع بعد هذا قد يعاقب نظامه بأن يعزله عن الحكم , لكنه لا يعاقب دولته ولا يخرب بيته بيديه كما أنه قد يعفو عنه ويجدد فيه ثقته , هنا نجد أنفسنا أمام : نظام متصالح مع شعبه وشعب متصالح مع هويته 
أما عندنا نحن فالنظام لا يثق بالشعب ولا الشعب لا يثق بالنظام, وكأن النظام عضو غريب زرع في جسم المجتمع والمجتمع لم يرفضه وفي نفس الوقت لم يتقبله القبول الحسن 
لم يلفظه لأن الجسم ضعيف وفي وهن ويحتاج لرأس يقوده , هو يعلم علم اليقين ان هذا الرأس ليس برأسه , لكن يحتاجه يعلم ان هذا الرأس لن يفكر في مصلحة الجسد العليا من تأمين مستقبل له من سكن لائق وطعام فاخر ولباس جميل , لكن على الاقل هذا الراس يوجهه لمكان الطعام ومكان النوم , المهم اي شيء يسكت به جوع المعدة واي مكان يصلح للنوم 
هذا الجسم جرب من قبل ان يغرس رأس من بذور جسمه حتى ينمو ويكون جزء منه , لكن عبر تاريخه المجتمعي فشلت كل محاولاته , إما لا يكتمل نمو الراس ,أو بدل نمو راس يطلع رأسان يتقاتلان أو لا ينموا نهائيا 
وحتى لا يأتي راس غريب وينصب نفسه على هذا الجسد ليجعل الجسد مجرد خادما لرغبات شخص اخر ويجعله عبدا كامل العبودية , لا باس بهذا الراس فهو غير كريم لكنه غير بخيل , صحيح ان العبودية تبقى عبودية سواء كان العبد بيد سيد سوي او بيد سيد شرير , فان المجتمع مع عدم وجود راس منه وفشل محاولات زراعة راس من ارضه وافق على مضض ان يكون جسدا لراس سيده السوي أحسن من ان يأتي مستدمر شرير ويكون جسدا له ولو ان العبودية تبقى عبودية 
باختصار ولنقلها بصراحة , الشعب مكر بالنظام والنظام على علم بذلك فمكر على مكره هو الاخر , بمعنى ان الشعب نتيجة لظروف غير طبيعية من الناحية الصيرورية التاريخية جعل من هذا النظام رأسا له ليقوده , و قد عقد النية ان تنصيب هذا النظام كرأس له هو تنصيب مؤقت غير دائم نتيجة املاءات ظروف معينة وفي نفس الوقت يعمل الجسم المجتمعي على تهيئة رأس من صلبه (روحا وجسدا) حتى ترجع الامور لنصابها 
الرأس الغريب كان يعلم بهذه الخطة التي وضعها الجسد المتعب , لم يرفض طلبه فهو ايضا باعتباره راس يحتاج لجسد يقوده والراس مهما كانت خصائصه ومميزاته فهو حين يكون منزوع مفصول عن الجسد مجرد غرض مصيره القمامة 
لكن الراس لم يجلس ينتظر ان يخلع في اي وقت بعد ان يكتمل زراعة وجني الراس المنتظر من طرف الجسد , بل عمل في خبث ودهاء على امرين معا 
أما الأمر الأول : فهو افشال كل محاولات زراعة راس أصيل للجسد لأن ذلك يهدد وجوده ويعني القضاء عليه 
أما الامر الثاني : فهو العمل على غرس اعضاء أجنبية كل مرة في جسد المجتمع , والجسم كما نعرف حين يجد عضو جديد مغروس فيه وهو أجنبي عنه سيرفضه ويحاربه وتسارع خلاياه بإعطاء رسائل نجدة للرأس ليسمح لها بلفظ هذا العضو الغريب , لكن الراس الذي هو اساسا غريب ويعمل على انهاك الجسد دون القضاء عليه لأنه لو تم القضاء عليه سيموت هو الاخر معه , يناور في هذا الامر فمرة يعتذر بان الرسائل لم تصله ومرة انه لم يقرأها القراءة الصحيحة ومرة انه كان غبي ومرة يترك العضو الغريب ويأمر بمهاجمة عضو اصيل من اعضاء المجتمع , مهاجمة تنهكه وتضعفه دون قتله فقط 
حتى وصل الامر في نهاية المطاف الى عقد هدنة غير مصرح بها بين الراس والجسد : أن يبقى الوضع على ما هو عليه , ان لا يفكر الجسد في خلع الرأس ويتوقف عن محاولاته إخراج راس جديد ويكف الراس عن العبث بأعضاء الجسد وإضعافه  , لكن كلا الطرفين لا يثقا في بعضهما البعض وعلى أهبة الاستعداد دوما بأن يمكرا مكرا كبارا .
هل تحول الرأس في هذا الجسد من لاجئ الى مقيم ؟
هل تحول هذا الرأس من مستأجر الى مالك لهذا الجسد يتصرف فيه كيف يشاء ؟
ان المشكلة هي مشكلة هوية , هوية الراس ليس هي نفسها هوية الجسد , وعاجلا أم آجلا سنكون امام سيناريوهان اما  سيخلع الجسد الرأس أو سيقضي الرأس على الجسد , هذه سنة اجتماعية معلومة لمن استقراء  التاريخ وسننه والأمم وأحوالها فهل من معتبر ؟
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بوقفة رؤوف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/02



كتابة تعليق لموضوع : معركة تحرير الهوية بقلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net