صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

أخلاق النبي (ص) النموذج اﻷكمل❗
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

🔅لا شكّ أنّ أصدق شاهد على عظمة أخلاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو القرآن الكريم، وهو كلّاًم الله تعالى ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾ النساء: 122 ، فقد أشاد القرآن كثيراً بأخلاق صاحب الرسالة صلى الله عليه واله وسلم، وكثُرت فيه الآيات التي تتحدث عن شخصيّته الأخلاقيّة وخصائصه وصفاته الفاضلة، قال تعالى في كتابه المجيد:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ آل عمران: 159 ، فالآية الكريمة تحكي لنا جانب العفو والرحمة والرفق واللين في سلوك النبيّّ صلى الله عليه واله وسلم وتعامله مع الآخرين.

🔸رغم أن الانتصارات التي تمت على يد الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) كانت برعاية الله سبحانه وإمداده  إلا أن ذلك كان اقتراناً بعوامل عديدة أيضاً ، ولعل أحد أهم هذه العوامل هو : سمو الأخلاق عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجاذبية شخصيته ، حيث إن أخلاقيته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كانت من العلو والصفات الإنسانية السامية لدرجة أن ألد أعدائه كان يقع تحت تأثيرها كما أن مكارم الأخلاق التي أودعت فيه كانت تجذب وتشد المحبين والمريدين إليه بصورة عجيبة ، وإذا ما ذهبنا إلى القول بأن السمو الأخلاقي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) كان معجزة أخلاقية فإننا لا نبالغ في ذلك ، كما سنوضح لذلك نموذجاً من هذا الإعجاز الأخلاقي ... ففي فتح مكة وعندما استسلم المشركون أمام الإرادة الإسلامية ، ورغم كل حربهم للإسلام والمسلمين ولشخص الرسول الكريم بالذات ، وبعد تماديهم اللئيم وكل ممارساتهم الإجرامية ضد الدعوة الإلهية . بعد كل هذا الذي فعلوه فإن رسول الإنسانية أصدر أمراً بالعفو العام عنهم جميعاً ، وغض الطرف عن جميع الجرائم التي صدرت منهم ، وكان هذا مفاجأة للقريبين والبعيدين( الأصدقاء، والأعداء )، وكان سبباً في دخولهم في دين الله أفواجاً بمصداق قوله تعالى : (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) (النصر:) لقد وردت في كتب التفسير والتاريخ قصص كثيرة حول حسن خلق الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في عفوه وتجاوزه وعطفه ورأفته ، وتضحيته وإيثاره وتقواه إلا أننا سنكتفي ببعض الرويات والقصص :جاء في حديث عن الحسين بن علي ( عليهما السلام ) أنه قال : سألت أبي أمير المؤمنين عن رسول الله كيف كان سيرته في جلسائه ؟فقال : كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ، ولا غليظ ولا صخاب ، ولا فحاش ، ولا عياب ، ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء والإكثار وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحداً ولا يعيره ، ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلم إلا في ما رجا ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كإنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا ، ولا يتنازعون عنده الحديث . . . نعم لو لم تكن هذه الأخلاق الكريمة وهذه الملكات الفاضلة لما أمكن تطويع تلك الطباع الخشنة والقلوب القاسية ولما أمكن تليين أولئك القوم الذين كان يلفهم الجهل والتخلف والعناد ، ويحدث فيهم انعطافاً هائلاً لقبول الإسلام ولَتفرّقَ الجميع من حوله بمصداق قوله تعالى : لانفضوا من حولك .وكم كان رائعاً لو أحيينا والتزمنا بهذه الأخلاق الإسلامية القدوة ، وكان كل منا يحمل قبساً من إشعاع خلق وأخلاق رسولنا الكريم وخاصة في عصرنا هذا حيث ضاعت فيه القيم ، وتنكب الناس عن الخلق القويم .والروايات في هذا الصدد كثيرة ، سواء ما يتعلق منها حول شخص الرسول الكريم أو ما يتعلق بواجب المسلمين في هذا المجال ، ونستعرض الآن بعضاً من الروايات في هذا الموضوع .

🔸جاء في حديث أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "  ولذا فإن أحد الأهداف الأساسية لبعثة الرسول السعي لتكامل الأخلاق الفاضلة وتركيز الخلق السامي .وجاء في حديث آخر عنه ( صلى الله عليه وآله) : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار " .وورد عنه أيضاً ( صلى الله عليه وآله) : " ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن " .ونقل عنه ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : " أحبكم إلى الله أحسنكم أخلاقاً ، الموطئون أكنافاً ، الذين يألفون ويؤلفون . وأبغضكم إلى الله المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الإخوان ، الملتمسون للبراء العثرات " ونقرأ في حديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق "  .وجاء في حديث عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( إن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً ) .وورد حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) أن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قال :" عليكم بحسن الخلق ، فإن حسن الخلق في الجنة لا محالة ، وإياكم وسوء الخلق ، فإن سوء الخلق في النار لا محالة " .إن ما يستفاد من مجموع الأخبار المتقدمة بشكل واضح وجلي أن حسن الخلق مفتاح الجنة ، ووسيلة لتحقيق مرضاة الله -عزوجل- ، ومؤشر على عمق الإيمان ، ومرآة للتقوى والعبادة ..

🔸ولقد كانت الأخلاق الكريمة مجسدة في أعماله ومواقفه وعلاقاته فإذا بكل خطوة يخطوها تعبر عن مفردة من مفردات الخلق الرفيع 

مما يجعله الشاهد على من عاصره ومن يأتي بعده يوم القيامة , ألم يقل عنه ربنا في محكم آياته 

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا )

وإليكم بعض المواقف عن أخلاق رسول الله(ص) في صورة مواقف له هنا وهناك .

* التعاون مع الصديق

يقول حذيفة بن اليمان : ذهبت مع رسول الله(ص) إلى بئر وأردنا أن نغتسل ولكن لم يكن عندنا ساتر , 

فأخذت له الثوب فسترته حتى اغتسل وحينما أكمل أخذ لي الثوب فأبيت وقلت :

" بأبي أنت وأمي يارسول الله أنت رسول الله"

ولكنه أبى إلا أن يفعل ثم قال (ص)

"ما اصطحب اثنان قط إلا وكان أحبهما إلى اللهأرفقهما بصاحبه"

* حسن العهد

روي : أن عجوزا دخلت على النبي (ص) فألطفها فلما خرجت سألته عائشة عنها فقال (ص):

" إنها كانت تأتينا في زمن خديجة , وإن حسن العهد من الإيمان"

* الوفاء بالوعد

عن أبي الحمساء قال : "بايعت النبي (ص) قبل أن يبعث فواعدنيه مكانا فنسيته يومي والغد فأتيته اليوم الثالث ,

فقال (ص) "يا فتى لقد شققت علي أنا ها هنا منذ ثلاثة أيام "

وعن أبي عبد الله(ع) قال :

"إن رسول الله(ص) وعد رجلا إلى صخرة , فقال :" أنا لك ها هنا حتى تأتي " فاشتدت الشمس عليه .

فقال له أصحابه :" يا رسول اللهلو أنك تحولت إلى الظل ؟"

فقال (ص):" وعدته إلى ها هنا وإن لم يجيء كان منه المحشر .

* الحياء

عن أبي سعيد الخدري قال:

" كان رسول الله(ص) أشد حياء من العذراء في خدرها , وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه"

وقال:

" كان رسول الله(ص) حييا لا يُسأل شيئا إلا أعطاه "

* لا يخجل أحدا ولا يعاتب

عن أنس بن مالك قال :

" كانت لرسول الله(ص) شربة يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت واحدة ... 

فهيئتها له ذات ليلة فاحتبس ( تأخر ) النبي فظننت أن بعض أصحابه دعاه ,

فشربتها فجاء بعد العشاء بساعة فسألت بعض من كان معه هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد ؟ فقال : لا

فبت بليلة لا يعلمها إلا الله من غم أن يطلبها مني النبي ولا يجدها فيبيت جائعا , فأصبح صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة"

وعن أنس أيضا قال : " خدمت رسول الله(ص) عشر سنين فو اللهما قال لي " أفٍ " قط ولا قال لي لشيء : ( لم فعلت كذا ؟ و " هلا فعلت كذا ؟"

* الاحترام المتبادل في حدودها المعقولة

دخل رجل المسجد والنبي (ص) جالس وحده فتزحزح له , فقال الرجل :

في المكان سعة يا رسول الله, فقال (ص)

" إن حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له" 

وروي عن أبي عبد الله (ع) قال : " كان رسول الله(ص) إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس حين يدخل "

* التواضع 

كان رسول الله (ص) يتواضع مع الجميع ويقول:

" إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد"

ولقد أتاه جبرائيل (ع) بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات ,

يخيره من غير أن ينقصه اللهتبارك وتعالى مما أعد له يوم القيامة شيئا ,فيختار التواضع لربه جل وعز .

وعن يحيى بن كثير أن رسول الله(ص) قال :" آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد"

* إيثار بالمال والنفس والأهلين

من كتاب لأمير المؤمنين (ع) إلى معاوية

" كان رسول الله(ص) إذا أحمرت البأس وأحجم الناس قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة 

فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر وقتل حمزة يوم أحد وقتل جعفر يوم مؤتة ...."

* الغضب لله

روي أن النبي (ص) كان يغضب لربه ولا يغضب لنفسه

وجاء في وصفه " ما انتصر نفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم اللهفيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى "

*الصبر وتحمل الأذى 

يقول رسول الله(ص) " ما أوذي أحد مثل ما أوذيت في الله"

وعن إسماعيل بن عياش قال : " كان رسول الله(ص) أصبر الناس على أوزار الناس "

* السخاء والكرم

قال أمير المؤمنين (ع) " كان رسول الله (ص) أجود الناس كفا وأكرمهم عشرة من خالطه فعرفه أحبّه"

وعن أبي عبد الله(ع) قال:

" إن رسول الله(ص) كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلا أعطاه فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت :

انطلق إليه فاسأله فإن قال لك : " ليس عندنا شيء" فقل " 

" اعطني قميصك" ففعل ابنها ما طلبت منه ولم يكن عند رسولشيء فأخذ قميصه فرمى به إليه"

* الانتصار للمستضعفين

كان رسول اللهيحب المستضعفين ويدعو لهم ويجلس معهم ويساوي بينهم وغيرهم.

وقد روي أنه لما قسم (ص) غنائم بدر, قال سعد بن أبي وقاص :

يا رسول الله أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف ؟

فقال النبي (ص) " ثكلتك أمك وهل تنصرون إلا بضعفائكم؟

تكفي بعض هذه المفردات والسلوكيات والمفاهيم لنا في بدايات الطريق الموصل الى الالتزام ببعض أخلاقيات النبي الرسالية لنحقق المنظومة الإسلامية المتكاملة.

📕منتدى أهل البيت (ع) الثقافي📕

             0096170843021

✅المساهم بنشرها مشارك بأجرها✅ِ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/08



كتابة تعليق لموضوع : أخلاق النبي (ص) النموذج اﻷكمل❗
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net