الشخصِيّة الشِيعيّة النمُوذَجيّة*
السيد ابراهيم سرور العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد ابراهيم سرور العاملي

لعلّ من أخطر القضايا التي نواجهها في هذا العصر مسألة التوفيق بين النظرية والسلوك والقدرة على إمتلاك الشخصية النموذجية التي تنسجم مع الفكر الإسلامي المنطلق من العقيدة الصحيحة بالله تعالى وبالرسل والأنبياء والأوصياء وترتبط إرتباطاً وثيقاً بالقيم والمثل الإنسانية العليا وما يجب أن تكون موضع الإهتمام لدى المنتمي إلى شريعة سيد المرسلين وعترته الطاهرين.
إن إدعاء الإنتماء إلى أي رمز مهما كان نوع الإنتماء يفرض على المتّبع إستيعاب جميع أبعاد ذلك الإتباع والإحاطة بكل ما يمكّن المتبّع من استعمال الأدوات الموصلة إلى السلوك المطابق لما يريده المتبوع عملياً.
وعلى هذا الأساس فإن هناك الكثير من الأمور التي يُلزم بها صاحب الدعوى إذا كان في معرض إدّعاء الإنتماء لجهة من الجهات وعلى جميع المستويات الاخلاقية والإنسانية والأعراف الإجتماعية كيما يتناقض الإدعاء مع السلوك .
وإذا ما أردنا إستقراء المجتمعات خاصة الإسلامية منها او التي تدّعي الإسلام نجد بأنّ هناك بوناً شاسعاً بين المفاهيم الإعتقادية وبين السلوك العملي التطبيقي على مستوى الفرد والمجتمع ،وهذا يكشف عن شرخ
كبير جدّاً ما بين الإسلام الحقيقي والإسلام المزيّف وهذه من المشكلات العويصة التي تدخل في صميم الواقع المُعاش .
إن قيمة الشيعي الموالي لأهل البيت عليهم السلام هو الذي يتمتع بالعقل والحكمة والدراية لا من يتحول الى شخصٍ فوضوي ويغفل عن الصفات المحمودة التي أمر ألأئمة عليهم السلام شيعتهم أن يتصفوا بها ..
فقد روى الشيخ الكليني في الكافي عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال:قلتُ لأبي عبد الله -الصادق -عليه السلام :فلان من عبادته ودينه وفضله .فقال عليه السلام: فكيف عقله؟ قلت لا ادري.فقال:إن الثواب على قدر العقل .-اصول الكافي /ج١-ص-١٢
وعن الرضا عليه السلام :لا يُعبأُ بأهل الدين ممن لا عقل له.
وعن الامام الباقر عليه السلام أنه قال لجابر:
أيكتفي من انتحل التشيّع أن يقول بحبنا أهل البيت ..فوالله ما شيعتنا إلا من إتقى الله وأطاعه وما كانوا يُعرَفون إلا بالتواضع والتخشُّع وكثرةِ ذكر الله والصوم والصلاة والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القران وكفِّ الألسن عن الناس إلا من خيرٍ وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.... فاتقوا الله وأعملوا لما عند الله ليس بين الله وبين أحدٍ قرابةٌ .أحبّ العباد الى الله تعالى وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته . ياجابر والله ما يُتقرّبُ الى الله تعالى الا بالطاعة ، ما معنا براءةٌ من النار ولا على الله لأحدٍ من حجةٍ ،من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ ..
ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو
ولا تنال وولايتنا الا بالعمل والورع) الوافي /ج٤ ص١٧٣
وهذه الروايات وغيرها تكشف عن الشخصيّة النموذجية التي أمر أهل البيت -ع- الإنسان المنتمي لهم حقيقة أن يتمسّك بها لتمثُل أمام عينيه بحيث لا تفارقه في كلّ آنٍ. وهذه الشخصية بشكلٍ او بآخر تفرض على المتحلّي بها أن يسلك طريق الصالحين في كل أفعاله ولا يخضع لإنفعالاته وإنما يهيمن ويسيطر بقواه العقلية والإيمانية على التصرفات التي يمكن أن تنزع عنه صفة الموالاة الحقيقية للمعصومين-ع- .
ومن الفخر بمكان لنا الشيعية الإمامية أننا نرى في تراثنا الفكري والعقدي ما يجعل المرء يقف مبهراً أمام الكم الهائل من الأخبار المليئة بالتوجيهات العلمية والسلوكية والتي رسم النبي وأهل بيته -ع- طريقها فكانت معارف إضائية تنير لنا الدروب وتسلك بنا غمار ما نحتاجه في كلّ تفاصيل حياتنا
وهذا من نعم الله تعالى علينا الذي يستحق الشكر أن سهّل لنا طرق الوصول إلى الواقع ودفع كلّ ما يوجب الهلاك في الدنيا والآخرة .
والحمد لله رب العالمين
جبل عامل _البازورية
٢٧-١١-٢٠١٧
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat