القدوة الحسنة أفضل طرق التربية
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

من المعلوم أن دور أهل البيت ( عليهم السلام ) هو بناء الفرد المسلم بناءً إنسانياً , و إيمانياً , و أخلاقياً , و عقائدياً , و ذلك من خلال القول , و الفعل , و التقرير . فلقد أعتنى أهل البيت ( عليهم السلام ) بتربية , و تعليم أتباعهم و أصحابهم و تلامذتهم التربية الصحيحة المجسدة للتعاليم الإسلامية الحقيقية مفهوماً و واقعاً , و ذلك من خلال تربية الفرد المسلم وفق تعاليم كتاب الله تعالى , و سنة النبي الأكرم ( ص ) , حتى يكون هذا الفرد النموذج الحقيقي لهذه التعاليم , و ليكون محصناً ضد عوامل التخريب , و الأنحراف , و ليكون مهيئ للقيام بالتغيير , و الإصلاح متى ما أقتضت الضرورة لذلك .
فنشاهد هذه الحقيقة جلية و واضحة في سلوكهم ( عليهم السلام ) , و نجده أيضاً جلياً في وصاياهم , و كلماتهم , و أحاديثهم , و تصرفاتهم التي تعتبر الدستور الذي يسير عليه أتباعهم , و محبوهم في كل زمان و مكان .
و من أهم طرق التربية و التعليم طريق ( القدوة الصالحة ) فإساس هذه الطريقة قائم على تحويل المنهج النظري إلى واقع عملي متجسد أمام الجميع , و قد أشار القرآن الكريم إلى هذه الطريقة من خلال ابراز أجلى مصداق لها إلا و هو النبي محمد ( ص ) .
قال تعالى : ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) سورة الأحزاب , الآية ( 21 ) .
و إلى هذه الخصلة المهمة أشار الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بقوله : (( أقتدوا بهدي نبيكم فإنه أصدق الهدى , و أستنوا بسنته فإنها أهدى السنن )) .
و قال ( عليه السلام ) : (( طوبى لمن عمل بسنة الدين , و أقتفى آثار النبيين )) .
فأفراد المجتمع لديهم الأستعداد لمحاكاة الغير و تقليدهم بمجرد التأثر بهم , فالمربي , و المعلم , و المصلح إذا لم يكن قدوة لغيره فإن علمه لن يثمر , و لن يستطيع أن ينفذ إلى القلوب , و لن يجتذب النفوس .
قال الأمام الصادق ( عليه السلام ) : (( إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا )) .
و قال ( عليه السلام ) : (( من لم ينسلخ عن هواجسه , و لم يتخلص من آفات نفسه و شهواتها , و لم يهزم الشيطان , و لم يدخل في كنف الله و أمان عصمته , لا يصلح له الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , لأنه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلما أظهر أمراً كان حجة عليه , و لا ينتفع الناس به )) .
فالإنسان المسلم الحقيقي هو القدوة الصالحة في المجتمع بأفعاله , و أقواله , و سلوكه , و هذا ما أكد عليه أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) عندما أوصوا شيعتهم بأن يكونوا نماذج يحتذى بها بالقول , و السلوك على حدٍ سواء .
فقالوا ( عليهم السلام ) : (( كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم )) .
و قالوا ( عليهم السلام ) : (( كونوا لنا دعاة صامتين )) .
فالمسلم الذي يتحلى بصفات الإسلام لا يمكنه النفاق , ولا المسايرة للركب المنحرف عن طريق الحق والرشاد , كما و إن الاتصاف بالأخلاق الفاضلة والانتصار على هوى النفس ما هو إلا خطوة نحو الثورة الشاملة لجلب قلوب الناس ، لمن اتصف بتلك الصفات ، وإن المرء إذا استطاع ضبط نفسه وتنظيمها لجدير بأن تنقاد الناس إلى دعوته .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat