لهفي على الـسبط ومـا ناله +++ قد مات عطشانا بكرب الظما
لهفي لمن نكـّس عن سـرجه +++ ليـس من الناس له من حمى
لهفي على بدر الهـدى إذ علا +++ فـي رمحه يحكيه بدر الدجى
لهفـي على النسوان إذ أبرزت+++ تسـاق سوقا بالعـنا الـجفا
لهفـي على تلـك الوجوه التي +++ أبرزت بعد الصون بين الملا
لهـفي عـلى ذاك العذار الذي +++ علاه بالـطف تـراب العـدا
لهفي علــى ذاك القوام الذي +++ أحناه بالـطف سيوف العدى
تختلط الدموع بالدماء في هذه الملحمة الخالدة..وتنتهك حرمات الحسين فيصبح صريعا بالعراء بينما تقاد النسوان كالإماء..لك أن تتخيّل المشهد..ولكن اعلم أنّه واقع ليس من الخيال في شيء:
كم دمـوع ممـزوجه بـدماء +++ سكبتها العيون في كـربلاء
لست أنساه في الطفوف غريبا +++ مفردا بين صحبه بالعـراء
وكأنـي بـه وقد خرّ في الترا+++ ب صريعا مخضبا بالدمـاء
وكأني بـه وقـد لحظ النسـ +++ وان يهتكن مثل هتك الإماء
ليس فعل النسيان لهذه الفاجعة بأقل جرم من فعلها..فالذين دعوا لنسيانها هم شركاء في الجرم شاؤوا أم أبوا..فلا تقادم في الجريمة حتى بالمقاييس الوضعية..فمادام الفكر الذي سوّغ لقتل الحسين لا زال يهيمن على الحجا فإنّ الإنصاف يقتضي ها هنا أنّ يقتصّ من هذا الفكر وتنزع منها كل شرعية..فكيف يا ترى ينسى حسين بعد كلّ هذا الذي وقع..يقول السوسي:
أأنسى حسينا بالطفوف مجدلا+++ ومن حـوله الاطهار كالأنجم الزهر
أأنسى حسينا يوم سير برأسه +++ على الرمح مثل البدر في ليلة البدر
أأنسى السبايا من بنات محمد +++ يهتـكن مـن بـعد الصيانة والحذر
فلغة كربلاء هي الدموع..والعين هنا لا بدّ أن تجود..فالحسين ألهم كل العيون دمعا وكل القلوب حزنا.. ومن جاد بروحه ليسود الحق ويسموا أهل الإباء يستحق أن تجود العين دمعا على مصرعه..
جودي علـى الحسين يا عين بانغزار+++ جودي على الغريب اذ الجار لا يجار
جودي على النساء مع الصبية الصغار +++ جودي على القتيل مطروحا في القفار
بكى السوسي حسينا بقلب صادق وأكثر التعبير الموحي بكل صنوف الحزن..ففي إكثاره هذا أعرب عن ولاء شديد للحسين وآل البيت..تراه يتحسّر قتئلا:
فيا بضعة من فؤاد النـبي +++ بالطف أضحت كثيبا مهيلا
قتلتَ فأبكيت عين الرسول +++ وأبكيت من رحمة جبرئيلا
ينعى السوسي مصاب الحسين وأهل البيت فيرى أنّ ذلك وجع لا يطاق..فكيف الصبر على من برح الديار..
ألا يا بـني الرسول لقد قل الاصطيار +++ ألا يا بني الـرسول أخلت منكم الديار
للسوسي أبيات أخرى تكاد تفيض دما..أشعار باكية وموغلة في البكاء..حسرة ولهفة ولوعة.. وهذا ديدن الشعر حينما يطوف بالطفوف..هنا الشعر يخلع نعليه ليدخل واد الحزن المقدّس..واد الحسين القتيل بكربلاء..