صفحة الكاتب : محمد الحسيني

سليمان بن صرد الخزاعي واتهامه عن نصرة مسلم بن عقيل
محمد الحسيني

هناك من يتهم سليمان بن صرد الخزاعي بانه تخلف عن نصرة مسلم ابن عقيل عليه السلام بلا عذر وانه كان ممن اطلقوا على الامام الحسن لقب مذل المؤمنين فما مدى مصداقية هذا الكلام..؟
الجواب
الشق الأول ( موقف ابن الصرد من الحسن ع ) :
1 – لم يرد في الروايات أن سليمان قد نادى الامام الحسن ع بمذل المؤمنين , بل ينسب ذلك إلى حجر بن عدي و سفبان بن ليلى .
2 - روى عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف عن أبي الكنود عبد الرحمن بن عبيدة، قال لما بايع الحسن عليه السلام معاوية أقبلت الشيعة تتلاقى بإظهار الأسف والحسرة على ترك القتال، فخرجوا إليه بعد سنتين من يوم بايع معاوية فقال له (عليه السلام) سليمان بن صرد الخزاعي:
ما ينقضي تعجبنا من بيعتك لمعاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة، كلهم يأخذ العطاء وهم على أبواب منازلهم، ومعهم مثلهم من أبنائهم وأتباعهم سوى شيعتك من أهل البصرة والحجاز، ثم لم تأخذ لنفسك ثقة في العهد ولا حظا من العطية فلو كنت إذ فعلت ما فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق والمغرب، وكتبت عليه كتابا بأن الامر لك بعده، كان الامر علينا أيسر. ولكنه أعطاك شيئا بينك وبينه لم يف به ثم لم يلبث ان قال على رؤوس الاشهاد أني كنت شرطت شروطا ووعدت عداة إرادة لاطفاء نار الحرب ومداراة لقطع الفتنة، فأما إذا جمع الله لنا الكلمة والألفة فإن ذلك تحت قدمي، والله ما عنى بذلك غيرك، ولا أراد بذلك إلا ما كان بينه وبينك، قد نقض. فإذا شئت فأعدت للحرب عدة، وأذن لي في تقدمك إلى الكوفة، فأخرج عنها عاملها وأظهر خلعه نبذه، على سواء أن الله لا يحب الخائنين.

وتكلم الباقون بمثل كلام سليمان، فقال الحسن عليه السلام: أنتم شيعتنا وأهل مودتنا، ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا أعمل ولسلطانها أربض وأنصب، ما كان معاوية بأشد مني بأسا ولا أشد شكيمة ولا أمضى عزيمة، ولكني أرى غير ما رأيتم وما أردت بما فعلت إلا حقن الدماء، فارضوا بقضاء الله وسلموا لامره والزموا بيوتكم وامسكوا. أو قال: كفوا أيديكم حتى يستريح برأ ويستراح من فاجر. وهذا كلام منه عليه السلام يشفي الصدور ويذهب بكل شبهة. أنساب الأشراف ج:3 ص:290ـ291

3 – ذكر بعض العلماء بخصوص ذلك ما يلي : ( وإذا كان كثير من الشيعة في الكوفة قد حاولوا حمل الإمام الحسن (عليه السلام) على الثورة والتغيير بعد نقض معاوية للعهد وسوء سيرته فيهم، فذلك منهم ناشئ عن فقدهم النظرة الموضوعية نتيجة تأجج عاطفتهم نحو أهل البيت (صلوات الله عليهم) وشدّة أسفهم لاعتزالهم السلطة، وإنكارهم سوء سيرة معاوية. ولذا لم يستجب الإمام (عليه السلام) لهم وإن طيّب خواطرهم وأثنى عليهم) .

أي أن المواقف التي صدرت من أصحاب الامام الحسن ع تجاهه لم تكن عن تمرد أو عدم ايمان به أو شك و تخاذل و انقلاب على الاعقاب و انما لشدة الأمر عليهم و عدم طاقتهم لحمله , و إن تخلف بعض القائلين عن نصرة الحسين ع في زمن يزيد و الذي كان اضعف من معاوية لعنهما الله لهو أدل دليل على بعد نظر الامام الحسن ع الى الاوضاع في حينها و دقة حكمه على الأمور .

الشق الثاني : ( سبب تخلف ابن صرد عن نصرة الحسين ع ) :
ذكروا لذلك احتمالات منها :
1- أنه كان مسجونا , سجنه ابن زياد مع ثلة من رؤساء الشيعة لمنعهم من الالتحاق بالحسين ع , و ذهب إلى ذلك الشيخ المامقاني في (تنقيح المقال) فقال :( ما قاله ابن الأثير من تخلفه عن نصرة الحسين عليه السلام من سهوه ، ضرورة أن ممّا اتفقت عليه كتب السير والأخبار أن ابن زياد أطلع على مكاتبة أهل الكوفة الحسين عليه السلام حبس 4500 رجل من التوابين من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وأبطاله الذين جاهدوا معه ، منهم سليمان هذا ).
والاعتراض على هذا الاحتمال أن أسم سليمان لم يرد في اسماء من سجنهم ابن زياد , كما أن خطبه عندما خرج في حركة التوابين تدل على الندم من التخلف عن نصرة الحسين ع , و لو كان مسجونا لكان معذورا و لا داع للشعور بالندم و طلب التوبة .
2- أنه تخاذل عن نصرة الحسين ع لأنه كان مضطربا في مواقفه بطيئا في أخذ القرارات الحاسمة كثير الشك و الريبة و يؤيد ذلك اظهار الندم وطلب التوبة بعد قتل الحسين ع .
والاعتراض على هذا الاحتمال انه لا بتناسب مع شخصية سليمان الذي كان من رؤوس الشيعة و كبارهم و موقفه مشهود في صفين في نصرة امير المؤمنين ع .
3 – انه و إن لم يكن مسجونا لكنه كان مراقبا بشدة من قبل جلاوزة ابن زياد يراقبون حركاته و سكناته باعتبار انه من وجوه الشيعة فليس من المعقول ان يتركوه بلا مضايقة و من المعلوم انه من اوائل الذين كاتبوا الحسين ع و التف حول مسلم ع عندما جاء الى الكوفة , و بالتالي لم يستطع ان يفلت من زمام الرقابة الشديدة و لم يستطع الوصول الى الحسين ع لينصره .
و لما وقعت معركة الطف علم ان بعض اجلاء الشيعة كحبيب بن مظاهر الاسدي و غيره قد تمكنوا من الوصول الى الحسين ع و استشهدوا بين يديه رغم الرقابة الشديدة شعر بالندم لأنه كان عليه ان يسعى بجهد اكبر للوصول الى الحسين ع .
4 – ان بعض الشيعة كانوا يعدون انفسهم لنصرة الحسين ع عند وصوله الى الكوفة , و لم يكن في حسبانهم ان تحسم المعركة في كربلاء , بل اقصى ما كانوا يحتملونه هو ان يأسر الحسين ع و يؤتى به الى الكوفة و كان يعدون انفسهم لهذا الاحتمال فتوانوا عن اللحاق به في كربلاء مع شدة الرقابة عليهم و التهديد بالقتل لكل من يظهر أي مجاولة للالتحاق بالحسين ع و مع توطين انفسهم لاحداث كان من المتوقع ان تجري في الكوفة و فوجئوا بقتل الحسين ع , و لعل ابن صرد كان واحدا من هؤلاء .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/03



كتابة تعليق لموضوع : سليمان بن صرد الخزاعي واتهامه عن نصرة مسلم بن عقيل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net