عشتك في يقظتي، بكامل وعيي وصحوتي، في ذروة عقلانيّتي وهدوتي منسلخاً من غنوصيّتي، متحرّراً من تخندقي واصطفافي وعصبيّتي، مسترخصاً أحاسيسي وعاطفتي، مستنفداً أدوات المنهج المعرفي والبحث العلمي.
بدءاً بالألف حتى الياء: فاحصاً، مستقرئاً، مقارناً، متمسّحاً، مبعثراً، حافراً، مراجعاً، قارئاً، مستنتجاً، غائراً في أعماق الزمن الغابر غور المحلّل المستنطق، مستشرفاً آتي الأيام استشراف العارف المتحقّق، مستوعباً آنات الحاضر استيعاب الخبير المدقّق.
حُكِمْتُ نهاية المطاف، حكمني لصالحك قاطع الدليل وساطع البرهان وباهر الحجّة، ناهيك عمّا للقرينة والشاهد والمؤيّد من تكثّر وحضور وعدّة، فهيمن على أفكاري وتبادر إلى خاطري نصّ المعرفة "يا علي لا يعرفك إلّا الله وأنا". واستيقنت أنّي مهما عرفتك فلم أعرفك إلّا كمعرفة النسبي إزاء المطلق، إذ هي حيال بحرك كالقطرة، كالحرف قبال قرآن ينطق.
حينها وجدتك أجمل ممّا في أحلامي وأوقع ممّا في أحاسيسي ومشاعري، وأثبت ممّا في رواشح أفكاري وقطوف أبحاثي، فيّاضاً فوق الأزمان، معطاءً أنّى رامك إنسان، غامراً فضاءاتنا حركةً لا تملّ، شاحذاً هممنا عزماً لا يكلّ، ناطقاً بلسان السماء نطقاً لا يخطأ ولا يزلّ.
فكيف لا تكون أنت يا علي معنى الفهم والاستيعاب والفعل والانعكاس بأدقّ العنوان، معنىً نصّبك به البارئ المنّان واختارك عدلاً للقرآن وإماما لكلّ الإنس والجان.
وكيف لا تكون أنت يا علي شاغل العقول وآسر القلوب، منغرساً في عمق الضمائر والأرواح، ضارباً فيهما ضرب الآخذ بهما إلى حيث مرابع الهدى ورياض الفلاح، كهفاً يلوذ بك مسكينٌ ويتيمٌ وأسير، مرفأً يرسو على ساحل إناستك وشاطئ جودك وبرّ كمالك طالبُ حقيقةٍ إليها يرنو ويسير، منقذَ مَهْويٍّ تشبّث بجناحك كي تحلّق به حيث الخلاص الأخير؟!
السلام عليك سيّدي ومولاي يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat