سأفتتح مقالتي بسؤالين اساسيين ,ما هو تصور فرويد للدين ؟ وما دوافعه في ذلك؟ كثيرا ما ساد عند الناس ان فرويد كان ملحدا ودعا الى نبذ الفكر الديني وكل الممارسات الدينية شانه شان الماركسية التي قال واضع النظرية قولته المشهورة الدين افيون الشعوب ولماركس اسبابه الموضوعية .لكن فيما نحن بصدده هو الاجابة على راي فرويد في المسالة الدينية .يقول فرويد في كتابه ’’مستقبل وهم ’’ ما معناه (..لقد تمكنا بفضل مما رستنا للتحليل النفسي الى الوصول الى ادلة جديدة لضرب الحقائق الدينية .). وقد خلص الى اعتبار الدين مجرد عصاب للانسانية ايضا كما ورد على لسانه في كتاب ’’موسى والتوحيد’’ يقول (..ابحاثنا قادتنا الى استنتاج مفاده ان الدين ليس سوى عصاب للانسانية .). يتبين من خلال كلام فرويد انه ذهب الى الضرب بالدين عرض الحائط بل واعتبره مجرد ظاهرية مرضية تشبه في كل اعراضها تمظهرات العصاب والياته الدفاعية .
لكن وبحسب لافورك ر.فان موقف فرويد لا يخرج عن استراتيجية عامة اتبعها اليهود اللذين عاشوا في الشتات واشتغلوا بشتى الانشطة الفكرية وبرعوا فيها ويذهب احد الانتروبولوجيين ر بييننفلد الى اعتبار هذه الانشطة الفكرية هي بمثابة المساهمات الروحية للعقل اليهودي*** وهي مساهمات تمتح من اللاشعور الجمعي اليهودي الذي يمتح بدوره من التعاليم التلموذية وقد شكلت افكار ثلاث كالاخوة والمساواة واعطاء الاولوية للعلم والعقل المفاهيم النواة التي حركت العقل اليهودي في اوروبا .اذن من خلال هذه الارضية التي وجهت كل مفكري اليهود في اوروبا يمكن ان نفهم دوافع الدكتور فرويد في ضرب الفكر الديني لانه احتكم الى العقل والعلم والجواب نجده عند احد تلامذته اللذين زاروه في اخر ايامه التي قضاها بانكلترا يقول الدكتور لافورك ..(..ما الذي يميز فكر فرويد في ما يخص العلم ؟) متسائلا الا انه يجيب بما يلي ..(..هو ان فرويد لا يعترف الا بالحقيقة العلمية كشكل واحد عوض اله واحد فالعلم يتحقق باعمال العقل وهو اعدل قسمة بين الناس .)..لكن هل بقي فرويد ثابتا على نفس المبدأ والقناعة بخصوص ما كتبه عن الدين ؟ الجواب بقدمه لنا لافورك فقد اورد في احدى مقالاته ان فرويد عدل عن تصوراته للدين وللفكر الديني بل واعتبر ما صرح به في هذا الخصوص لا يخرج عن اطار فكر رجل يعاني من الشيخوخة او الخرف الفكري حسب ما صرح به فرويد عن نفسه للدكتور لا فورك ، يجزم لا فورك ان تراجع فرويد مبرر لعدة اسباب منها ان فرويد نهج نفس خطة ابناء جلدته كماركس وراتونو وغيرهم وهي التخلي عن ممارسة الشعائر الدينية في ارض الشتات والاشتغال بالعلم والعقل وتحريك العالم ومحاولة السيطرة عليه بالمباديء الثلات التي هي الاخوة والمساواة واعطاء الاسبقية للعلم والعقل وذلك لتحقيق فكرة استحقاق العيش في الارض وهي فكرة لا تخرج عن اطار الفكر المسياني .
الكاتب /عبد العزيز لمقدم.
______________________
المصادر والتوضيحات .
مستقبل وهم .سيجموند فرويد .
موسى والتوحيد .سيجموند فرويد.
au dela du scientisme .rene laforgue .
la religion des juifs sans religion .r.bienenfeld.
***بخصوص المساهمات الروحية لليهود في الحضارة الانسانية لا يتفق بعض المفكرين مع هذا الطرح كالدكتور غوستاف لوبون وربما هذا هو السبب الذي جلب عليه الكثير من التهميش الاكاديمي ونذرة الدراسات الاكاديمية المخصصة لافكاره .ونفس المذهب يذهب المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي الذي لا يقر باي مساهمة لليهود في الحضارة الانسانية من خلال دراسته ل 21 حضارة عرفتها البشرية ويذهب الى التاكيد على ان الحضارة اليهودية المزعومة هي من الحضارات المتحجرة .(مختصر دراسة التاريخ)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat