صفحة الكاتب : فلاح السعدي

شهر رجب عطاء أصب
فلاح السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الخالق ذو الشأن العظيم يهبنا النعم نعمة تلو النعمة بل نعمه لا تعد ولا تحصى وأكبر هذه النعم أن أخرجنا من حيز العدم إلى حيز الوجود, ثم بعث الأنبياء والمرسلين لينير لنا طريق الحياة والسعادة القصوى, وسخر لنا كل النعم, جعل كل المخلوقات مسخرة للإنسان الذي استخلفه على هذه البسيطة, وخدم الإنسان بالملائكة  فرفع منزل الإنسان على الملائكة, وخلقنا بأحسن تقويم, إلا أن الإنسان بجبروته ونكرانه لفي خسر (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ).
ومع كل هذا فالله جل وعلا خلق الخلق ليرحمهم بحكمته ونعمته فوفر لهم سبل الهداية والسلامة والأمان وابتكر لهم عطاءات جمة ليوصلهم إلى ساحل البركة والخير والسكينة, ومن بين تلك النعم التي بها يمكن للإنسان أن يكفر بها عن خطيئته ويتوب توبة العبد الذليل المسكين المستكين نعمة الاستغفار والذي هو الأمان الثاني والبديل من رحمة العالمين للعباد كما روى علي بن أبي طالب (عليه السلام): (كان في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رفع أحدهما، فدونكم الآخر فتمسكوا به: أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأما الأمان الباقي فالاستغفار، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (لأنفال:33)
 ومن بين تلك النعم ما أهداه الله للعباد من الأشهر والايام المباركة والتي فيها ضاعف الثواب والعطاء وغفر للإنسان حتى في بعضعها جعلها برحمته كيوم ولدته امه, وشهر رجب ونحن في أوله وهو يطل علينا, كنعمة كبرى وفرصة سريعة لا بد ان نضيعها.
والفرص تمر كما تمر السحاب في السماء, والوقت مثلما يذكرون كالسيف إن لم تقطعه قطعك, ولكن الله برحمته وفر لنا من الوقت ما هو يجدد لنا السير والمسير, ويخرج الإنسان به كالقماش الابيض وكالورقة التي كان عليها كتابات ومحيت فصارت ورجعت بيضاء.
شهر رجب يغسل منا الذنوب لترجع صحيفة أعمالنا بيضاء...وهو عين الرحمة الألهية...
روي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: « قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (من صام ثلاثة أيام من رجب كتب الله له بكل يوم صيام سنة ، ومن صام سبعة أيام منه غُلقت عنه سبعة أبواب النار، ومن صام ثمانية أيام منه فُتحت له أبواب الجنة، ومن صام خمسة عشر يوماً حاسبه الله تعالى حساباً يسيراً، ومن صام رجب كله كتب الله له رضوانه، ومن كتب الله له رضوانه لم  يعذبه».
فلاحظ أن الله يكتب للعبد بكل يوم واحد عمل شاق لمدة سنه ليؤجره أكبر وأكثر الأجر العطاء, فالحليم والحكيم هو من يعطي الفرصة حيزها في نفسه لتأخذ محلها في تنقيتها...
وهذا الشهر يستحب صومه كله، كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام): أنه يصومه ويقول: « رجب شهري، وشعبان شهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله), ورمضان شهر الله »
علي بن موسى بن طاووس في كتاب ( الإقبال ) قال: وجدنا في كتب العبادات عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : ( من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ).
وهي نعمة كبيرة وغاية قصوى لمريد القرب من الساحة الملكوتية التي لا يصلها إلا الأنقياء والأتقياء, وليس بالعمل الشاق بل لا بد أن يصاحبه اليقين.
فالخسارة لمن لم يعمل في هذا الشهر ويغترف من النهر سيبقى في عطش وحاجة وفقر, وسيظل حبيس الذنوب.
فالله الله في النفوس التي اودعها الخالق عندنا أمانة, هذه هي ساحة العطاء والنداء والهداية والثناء ...
وليس فحسب بل فيها ما ليس في غيرها من الساحات, روى السيد علي بن طاووس في الإقبال: عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، (أنه قال : " إن الله تبارك و تعالى، نصب في السماء السابعة ملكا، يقال له: الداعي، فإذا دخل شهر رجب، ينادي ذلك الملك، كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، ويقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، و من سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، و جعلت هذا الشهر حبلا بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به و صل الي), وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله) قال: ( من قرأ ( قل هو الله أحد ) ألف مرة جاء يوم القيامة بعمل ألف نبي وألف ملك، ولم يكن أحد أقرب إلى الله منه إلا من زاد عليه، وإنها لتضاعف في شهر رجب). إكراما لهذا الشهر وامتنانا لما فيه من البركات, حتى لمن أراد أن يعتمر فشهر رجب أفضل عمرة له كما رويّ عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه: ( سئل أي العمرة
أفضل: عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟  فقال: لا بل عمرة في شهر رجب أفضل ).
 فكم من الشكر والحمد للباري القدير الذي نقصّر عن تأديته, ولا نصل به حق الشكر مهما شكرنا وحمدنا.
اللهم وفقا لشهر رجب وجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, آمنا في أوطاننا, أرحم موتانا أرحم آبائنا أرحم عبادك فهم الفقراء إليك وأنت الغني.
 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
F_m1333@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/03



كتابة تعليق لموضوع : شهر رجب عطاء أصب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net