صفحة الكاتب : باقر العراقي

الأكراد وصبر أم الولد..!
باقر العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الأكراد هم سكان العراق الاصلاء، سكنوا كهوف جباله، واستوطنوا سفوحه منذ آلاف السنين، متجاورين مع إخوانهم الآشوريين، والايزيديين في الشمال، تآخوا مع إخوانهم البابليين في الوسط، وتصاهروا مع السومريين وأهل الاهوار في الجنوب، فكانت لهم الباع الطولى في القربى.
طوال التاريخ، بقي العراق محافظا على شكله الجغرافي، برغم تعاقب الحكومات المستبدة، التي ابتلي بها الشعب، خلال فترات الاحتلال العثماني والبريطاني، وما تلاه من ملكية وجمهوريتين مضرجتين بدماء العراقيين، التي كان للكرد النصيب الوافر منها على مدى عقود، مما حرك لديهم نزعة التمرد وطلب الانفصال، وأثمر كفاحهم حكما ذاتيا في عام 1970، ثم الإقليم المستقل بعيدا عن حكومة المركز لعقد من الزمن تقريبا.
 حلم دولة "مهاباد" الكردية الذي لم يدم الا اقل من عام، وبعد أن تبدد حلم الآباء عام 1946، لازال يراود الأبناء،  خاصة بعد التحولات الكبيرة في الاقليم بعد 2003، والتجارب الوفيرة التي حصل عليها، بشكل شبه ديمقراطي.
هذا الحلم بقي متداولا في دهاليز سياسة الأكراد، الى أن ظهر على شكل تصريحات واضحة، بعد صمود الاقليم، وتقهقر حكومة المركز، واحتلال داعش لمناطق قريبة من الإقليم، وقد يكون من أسباب ظهور الحلم، ضعف أدارة بغداد للدولة العراقية وكثرة الفساد، أو شعور الكرد بالقوة الآنية، ، مع أمنيات الحصول على مكاسب اقتصادية ونفطية، في ظل هذا الوضع المتأزم.
الآخرون في الوسط والجنوب بشكل عام، معترضون على رياح التقسيم الشمالية، التي تهب نسماتها كلما سافر رئيس الإقليم لدولة أوربية، لكن اعتراضاتهم أخذت أشكالا متعددة، فمنهم من يعترض على قرارات الإقليم وتصرفاته حد الإفراط، ولم يخفي تفضيله بانفصال الإقليم، على تلبية بعض مطالبه، حتى وان كانت دستورية، فضلا عن غيرها.
فصيل سياسي آخر يعترض على التقسيم، لكن ليس علنا، لأنه يعتبر الإقليم ملاذا آمنا له وقت الملمات، مع عدم ثقته بأهل الجنوب، لأسباب متعلقة بسنوات الفشل السابقة، وأسباب أخرى قد تكون طائفية.
هناك فصيل جنوبي وسطي معتدل، له علاقات تاريخية مع الإقليم، وسبق أن خسر كثيرا من مصالحه، لتمشية الأمور السياسية والحفاظ على وحدة البلد، وإرضاء الآخرين، وقد أُطلق عليه أم الولد، التي تركت ولدها عند غيرها، خوفا على حياته.
 "ان حلم الدولة المستقلة لأي مكون، هو حق مشروع، ولكن ليس كل الأحلام هي مشاريع ناجزه ، أو واقعية ، أو أنها ستكون قادرة على تحقيق السلام والتنمية والكرامة" هذا الكلام جاء من رئيس المجلس الأعلى، إزاء تصرفات قادة الكرد، كذلك فإنه وقبل الحكومة، استنكر تصريحات رئيس وزراء هنكاريا فيكتور أوربان المؤيدة لاستقلال الإقليم، معتبرا ذلك منطقا غريبا وغير مقبولا، يؤدي إلى تفكيك البلد وينمي النزعة الانفصالية.
هذا الرد الحكيم، الواضح الواقعي، يحذر قادة التحالف الكردستاني، من مغبة التلذذ بنزواتهم، بعيدا عن مصالح شعبهم، فالواقع شيء، والأحلام شيء آخر، وكما يفهم من الرد، أن زمن أم الولد لم يعد موجودا، وتصرفات وأفعال أخوان الوطن، هي كالجرائم يجب أن يتحملها مرتكبيها، وليس لمن يحمل هموم الوطن، أن يصبر ويتحمل كثيرا.  
  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/15



كتابة تعليق لموضوع : الأكراد وصبر أم الولد..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net