شباك الدوائر معاناة لا تنتهي
حيدر حسين المشرف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لانجاز معاملة رسمية أياً كان نوعها في دوائر الدولة الحكومية ، يتوجب على المواطن الوقوف بطابور متزاحم طويل يقضي فيه ساعات مملة من الانتظار ، مصبّرا نفسه على حر الصيف وسمومه، وبرد الشتاء ومطره ، حتى يصل الى الموظف القاعد خلف شباك صغير, فيخاطب المراجع بصوت المتكبر المتعالي (اعطني معاملتك وقف جانبا بإنتظار دورك) ليعود المشهد الى نقطة الصفر من جديد.
ما يزيد الوضع سوءا، تفاقم ظاهرة الوساطة والمحسوبية ، فبعض المراجعين يدخلون مباشرة لغرفة الموظف المسؤول عن انجاز المعاملات، دون الانتظار كغيرهم ,الامر الذي يؤخر سير الطابور ويضاعف معاناة المواطن الغلبان .
قد لا تنجز المعاملة في اليوم نفسه بسبب كثرة المعاملات او نقص في الموظفين ، فبعضهم يتسرب من الدوام الرسمي لقضاء حاجاته الشخصية والتزاماته الاجتماعية ومنهم من يعرقل اجراءاتها ويتم ذلك باتفاق الموظف مع المعقب لغرض لجوء المراجع للمعقب الذي بدوره يسهل عملية أنجازها مقابل مبلغ من المال ،أوبقصد الضغط على المواطن حتى يضطر لدفع الرشوة لهم .
معظم بنايات الدوائر الحكومية بناؤها قديم ، ضيقة التصميم توضع مكيفات الهواء فوق الشباك المخصص لاستقبال المعاملات، لتصلي نارها جلود المراجعين.
اغلب الدوائر تقع في مركز المحافظة ، وفي ذلك مشقة وعناء على سكنة الاقضية والنواحي البعيدة ، خصوصا اذا تطلب الامر العودة للدائرة اكثر من مرة.
يبدو ان النية غير موجودة لانهاء هذه المعاناة ، رغم ما يرصد من موازنات مالية طائلة ، فليس من الصعب وبوجود هذه المبالغ استحداث بنايات جديدة ، او فروع لها في الاقضية والنواحي ، او تشييد قاعات استراحة تتوفر فيها اسباب الراحة للمواطنين ، او على الاقل بناء سقائف تقي من لهيب الشمس الحارقة صيفا ، والمطر شتاءا.
في دول الجوار وظفت كل امكانيات الدولة لخدمة الشعب ، فواكبت حكوماتها حداثة العصر وسعت جاهدة لرفاهية مواطنيها حتى على مستوى مراجعات الدوائر اسست لذلك حكومات اليكترونية من خلالها يتم ترويج وانجاز المعاملات ، عكس مايحدث في العراق من هدر للوقت والجهد بالوقوف بطوابير في دوائر اكل عليها الزمان وشرب.
العراق بلد غني منّ الله عليه بوفرة الموارد الطبيعية التي لو سخرت لخدمة ابنائه لاصبح بمصاف الدول المتقدمة ، ولكن الفساد الذي نخر اركان الدولة العراقية اضافة لسوء الادارة حال دون تقدم البلد وزاد من معاناة المواطن الذي ما انفك يحلم بيوم يرفع عنه الحيف الذي ألم به وينعم بخيرات وطنه المغتصبة ، وبانتظار هذا اليوم الذي قد لا ياتي في القريب يبقى العراقي يعاني الازمات والمرار.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
حيدر حسين المشرف

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat