صفحة الكاتب : د . محمد ابو النواعير

ايران: تكون أو لا تكون!!
د . محمد ابو النواعير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    بعد مرور عامين من الصدام بين ايران ودول ال5+ 1 , اثمرا عن اتفاق مهم ؛ حيث باتت ايران بموجبه قوة إقليمية نووية, باعتراف مذيل بتوقيع الخمسة الكبار والاتحاد الأوروبي. الطريق الطويلة والشاقة وصبر ايران عبر سنوات الحصار والعقوبات الاقتصادية القاسية، أوصلت الإيرانيين إلى انتزاع الاعتراف الدولي بحقهم في تخصيب اليورانيوم بنسبة لاتقل عن5 %, وهي النسبة التي تحتاجها ايران لاغراضها السلمية, وتكريس اتفاق اعتبره الكبار من المحللين بانه« زلزال جيوسياسي»,  وانقلاباً في الواقع «الجيوستراتيجي» من آسيا الوسطى حتى ضفاف المتوسط، مروراً بدول الخليج.

 

   لقد أصبح من الصعب على أي قوة في المنطقة تجاهل إيران النووية، أو الاستمرار في الاستناد إلى عدائها مع الولايات المتحدة, لمواجهتها على مختلف الجبهات الإقليمية من أفغانستان الى العراق, الى سوريا الى لبنان الى امن الطاقة ومساراتها وحتى الى منظومة الامن الاقليمي للشرق الاوسط؛ وأصبح صعباً على إسرائيل ادّعاء خطر البرنامج النووي الإيراني لمهاجمتها عسكرياً، من دون أن يصبح ذلك عدواناً على برنامج مدني مشرع  دوليا.

 

   كل هذه المعطيات جاءت متزامنة مع ظرفية مهمة, جعلت من ملف التفاوض ينضج بطريقة لم يعهدها في السابق, منها المشاكل الإقتصادية الكبرى التي وقعت بها أمريكا وأوربا العجوز, خاصة بعد انسحاب الإهتمام الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط , نحو محيط الباسفيك وجنوب آسيا , للتصدي للعملاق الإقتصادي الصيني, والحد من توسعه وتضخمه, إضافة الى فشل مشروع الإسلام السياسي الذي عولت عليه الولايات المتحدة في الوطن العربي والذي تحول من مشروع سياسي لضبط المنطقة, إلى مشروع لتصدير الإرهاب في ليبيا وتونس ومصر وسوريا وغيره .

 

   سياسة الرئيس أوباما جاءت هادئة في لهجتها, لتمثل امكانية دوبلوماسية امريكية جديدة , في محاولة لحل أهم وأعقد وأصعب ملف في المنطقة, إلا وهو النووي الإيراني, خاصة بعد تصريحه الأخير بأن : "وحدها الدبلوماسية يمكنها أن تؤدي الى حل دائم للتحدي الذي يمثله البرنامج النووي الايراني, وأن هناك فرصة حقيقية اليوم للتوصل الى اتفاق شامل وسلمي." مما يدل على تغير منهج الولايات المتحدة الاميركية, في مقاربة المشاكل العالقة من اعتماد القوة, المغطاة بتفويض من الامم المتحدة او مجلس الامن, نحو اعتماد الحوار لحل الازمات الدولية. 

 

   لقد برز هذا التغيير بعد انكشاف عمق الازمة  الاقتصادية الاميركية, وبالتالي ظهر عجز اميركا عن الحروب وتغطية نفقاتها امام خصومها وحلفائها, مما حدى بخصومها تقديم مبادرات حلول, يدركون مسبقا ان اميركا لا تستطيع رفضها لانتفاء البديل لديها,ودفع بحلفائها الى الانفكاك عنها والاتجاه نحو روسيا والصين, بدءا من مصر الى السعودية الى تركيا واسرائيل.

 

    ليس هناك من خاسر، الكل رابحون؛ إذا تم تنفيذ الاتفاقية النووية مع إيران, فهذه الإتفاقية ستغطي مساحة واسعة من الحلول, لمشاكل دولية واقتصادية وعسكرية كثيرة, بل وستخفف الضغط عن العديد من الملفات الساخنة, كالملف السوري, والملف الأوكراني, وكذا ملف الغاز المصدر من روسيا الى أوربا.

 

   الدولة الممانعة وبشدة لحصول هذا الإتفاق, وحل هذه المشكلة هي اسرائيل, وفريقها الحكومي بقيادة نتنياهو, والأخير لم يأل جهدا في سبيل استمالة أقطاب الحزب الجمهوري في أمريكا, من أجل الوقوف بالضد من هذا الإتفاق, مما أدى الى حصول حالة ممانعة داخل الولايات المتحدة, لمنع امريكا من توقيع هذا الإتفاق مع إيران, إضافة إلى أن فرنسا التي هي من ضمن فريق الــ 5+1, تمثل الأكثر تشددا ضمن الفريق بالضد من برنامج ايران النووي, حيث كانت فرنسا احدى اكثر الدول معارضة لمطلب ايران, برفع كامل للعقوبات الإقتصادية المفروضة عليها بمجرد توقيع الإتفاقية, وهذا ما أدى الى تعثر المفاوضات في هذه العقدة في مؤتمر لوزان, المخصص لوضع الرتوش النهائية للإتفاق النووي الإيراني.

 

ما هو متحقق على الأرض, ينبأ بأن هناك انفراجا حقيقيا سيحصل في المنطقة, وإن الإرادة الدولية بشكلها العام, مقبلة نحو تحقيق هذا الإنفراج !


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد ابو النواعير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/03



كتابة تعليق لموضوع : ايران: تكون أو لا تكون!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net