المرجعية حجة المعصوم (ع) علينا\"
اسعد الحلفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد الحلفي

انّ الحديث عَنْ المرجعية يعجزُ عنهُ البيان، ويكلُّ عنْ فضلها اللسان، لانّها حجةُ المعصومِ علينا ووصيتهُ فينا، والبابُ الموصلُ اليهِ في غيبته (عجل اللهُ تعالى فرجهُ الشريف) ولولا وجودُ المرجعية لتفرقت جموعُنا وتشتتَ ابناءُ مذهبِنا ولأصبحنا لُقمة سائغة يمضغها دعاةُ الضلال ويهضمها أئمةُ النفاقِ والدجلِ، فالمرجعية بدأت منذُ الغيبة الصُغرى والتي مثلّها النوابُ الاربعة رضوان الله تعالى عليهم حيثُ كانوا يحضون بالاتصالِ المباشر بالامامِ المهدي (عج) وسُمّيت نيابتهم بـ \"النيابة الخاصة\" وبعدها خُتمت الغيبةُ الصغرى وبدأت الغيبةُ الكبرى وانقطعت السفارة اي النيابة الخاصة وبدأت النيابة العامة والتي لا تشترط الاتصال المباشر بالمعصوم الغائب (عج) بل صرّحت انّ مَن يدعيها أي (السفارة والاتصال) هو كذابٌ مفترٍ، ولهذا برزَت النيابةُ العامة عَنْ الامام المهدي (عج) ولم يُسمِّ احداً باسمِهِ وإنما كانت الشروط التي وضعها الامام العسكري (ع) وهي ما روي عنه (ع) : ((فأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه)) هي الشروط الضرورية التي يجب ان تتوفر في ذلك النائب على مرّ الازمان وتعاقب السنين ومن دونها فلا، وهذه النيابة العامة هي المرجعية التي اقتدى بها اباءنا ونحنُ اليوم بها نقتدي ولم تأتِ اعتباطاً وانما بأمرِ المولى الغائب (عجل الله فرجه الشريف) في توقيع اسحاق بن يعقوب \" واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتى عليكم وانا حجة الله\" فتلك الحقيقة ثابته قبل ذلك ونفهم ذلك مما روي عن الامام الصادق (عليه السلام) وكما جاء في مقبولة عمر بن حنظلة :
((وفيها ينظران الى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فليرضوا به حكما فإنى قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله)) ، ومِن ابرز اوائل المراجع العظام هو الشيخ المفيد والسيد المرتضى علم الهدى والشيخ الطوسي (رضوان الله عليهم) وهكذا امتد هذا النهج الى يومنا هذا، حيثُ وجودُ المراجع العظام المعروفين وعلى رأسهم المرجع الاعلى الامام السيستاني (دام ظله) والذي يمثل المرجعية الكبرى في مذهب التشيع في زماننا هذا، كما مثلها المراجع العظام ممن سبقهُ فيما سلف، إذ لكُلّ زمانٍ رجلٌ يحمل راية المذهب ويسموا بها في عليين ويدفع بها البلاء ويخمد بها نيرانَ الفتنِ ويردُّ بها كيد الشياطين، والمُتتبع لتاريخ المرجعية ودورها سيعرف هذا المعنى وليس خافياً على البعض موقف الامام المجدد محمد حسن الشيرازي في اواخر القرن التاسع عشر الميلادي في قضية التنباك في ايران والذي ادى الى مواجهة الانكليز، ولا ننسى موقف المجاهد السيد محمد الطباطبائي في كربلاء في مواجهة المحتلين الروس لإيران، ولا ننسى الموقف الجهادي لعلماء النجف ضد الانكليز في العراق حيث اشعلوا ثورة العشرين الخالدة ولا ننسى موقف الشيخ جعفر كاشف الغطاء الذي قاد المقاومة المسلحة ضد الهجوم الوهابي على كربلاء في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، ولا ننسى موقف الامام الخوئي وقيادته للانتفاضة الشعبانية، وها نحنُ اليوم نعيش في فترةٍ سوف نُحسدُ عليها، انه زمانٌ قد عُلقتْ في سمائهِ اوسمة الشرف العظيم التي لا تُنشر في كلّ زمان، فلو ادركنا اهمية المرحلة التي نعيشها، لعرفنا عظمة الكرامة التي خصنا بها الله، فعن امير المؤمنين (ع) يقول: ((اغتنموا الفرص فانها تمرُّ مرّ السحاب)) لهذا يجب أنْ نعرف اننا محظوظون إذْ نعيشُ في مرحلةٍ هي الاهم منذُ 100 سنة قد مضت، اننا نعيشُ فتوى الجهاد، الذي هو بابٌ لا يفتحهُ اللهُ إلّا لخاصةِ اوليائه، والسعيدُ مَن اغتنم هذه الفرصة التي قد لا تأتي احداً بعد فواتِها لان السحاب اذا مرّ فلا يعود!
فانحتوا اسمائكم في سجل الخلود واطبعوها في سماءِ الصفوةِ المختارة، وانصروا الوطن والمرجعية التي بذلت الغالي والنفيس في حفظِ المذهب وابناءِ المذهب مِن الضياع، فلطالما تحمّلت الظلم والجور وتعذيب الزنازين والاقامة الجبرية والاضطهاد ولم تُبارح مكانها بل صمّمت على البقاء في هذا الوطن وحفظِ الحوزة الشريفة حتى يبقى شعاع نورِها نافذاً في كل العالم، فاقلام العظماء في العالم عندما تقفُ على باب المرجعية لِتُعرفها للناس تكتب: \"ان المرجعية عند الشيعة الامامية هي السلطة العليا التي يرجع اليها عامة الشيعة في تنظيم شؤون حياتهم اليومية\"
وليت الجميع يُدرك هذه الحقيقة التي ادركها الغرب بينما لا زال البعض منا يجهلها، نحن نتكلم عن مرجعية تخضعُ لها الاعناق ويأتيها الرؤساء مُتصاغرون، نتحدثُ عنْ مرجعية اذلّت مبغضيها بصمتِها واخرستهم بنُطقِها، نتحدثُ عنْ مرجعيةٍ تقودُ الملايين بلا فوضى، وتقفُ لذكر اسمها الطوائفُ فتُعظعمها، إذ ادركتْ انّها هي الملاذُ لها بكل نائبة، نتحدثُ عنْ مرجعية كلمتها امرٌ، يطوقها توفيق الله ويحفُّ بها تسديدهُ حتى تخترق الصعاب فتذللها، نتكلمُ عن مرجعيةٍ لا شيء يتم دون استحصال مباركتها، فطوبى لمن ادرك فتوى المرجعية العليا للجهاد والتي جعلت مِنْ العراقِ جيشاً مجنداً بملايين الارواحِ التي ارتدت القلوب على الدروع وهتفت لبيك داعي الحق، انّ فتوى الجهاد جاءت لتُصلح ما افسدهُ الخونة، وتحفظُ ما استباحته يدُ الشياطين، فلولا المرجعية العليا وفتواها الخالدة لتحطّم البلد وانتُهكت حرماتُ مقدساتِنا في يوم وليلة ولَرأينا انفسنا اليوم ونحنُ نُساقُ الى المسالخ والمذابح، واعراضُنا تُستباح، واطفالنا مصيرهم الهلاك، فشكراً لك سيدي السيستاني، وتباً لشانئيك وحاسديك، حفظك اللهُ مِنْ كُلّ شرٍ وكلُّ سوء، ولا حرمنا اللهُ مِن وجودِك المُبارك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat