الحاجة الملحة لتوفير متطلبات الزيارات المليونية
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باسل عباس خضير

اعتقد البعض بان الشعائر الحسينية التي اقيمت بعد 2003 ماهي الا ثورة عاطفية وسيزول مفعولها بعد تعويض حالة الحرمان التي كان يشعر بها الكثير , فمدن النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء المقدسة وخلال المناسبات العديدة التي تحتضنها تشهد حضور جموع مليونية ويتزايد عددها عاما بعد عام وتحولت من تواجد مناطقي الى تواجد وطني لتتحول فيما بعد الى تواجد دولي , وبموجب الاحصاءات الاولية التي صدرت من خلال تصريحات القائمين على الزيارة الاربعينية لاستشهاد ابا عبد الله الحسين ( ع ) التي تقام سنويا في كربلاء المقدسة , فقد اشارت الى بلوغ عدد الزائرين لأكثر من 20 مليون خلال العام الحالي منهم بحدود اربعة ملايين زائر من خارج العراق .
وتزايد اعداد الزائرين سنويا اصبح يتطلب حشد امكانيات استثنائية للإيفاء بمتطلبات تلك الشعائر , حيث يتم استنفار الجهد الحكومي بأشكاله كافة الى جانب جهود المنظمات والمؤسسات الدينية والمتطوعين في مجال الامن والخدمات والنقل والاعاشة والسكن وغيرها من المتطلبات الانسانية , وكما هو معلوم فان المدن المقدسة التي تتم فيها الشعائر غير مؤهلة من حيث البنى التحتية لتقديم الخدمات لأقل من هذه الاعداد بكثير , والمتغير الذي بات ينمو بشكل كبير هو توافد اعدادا كبيرة من خارج العراق سواء عن طريق الجو او البر فبعد ان كانت هذه الاعداد هي بالمئات تحولت الى ملايين , وهم بحاجة الى خدمات تختلف عن المقدمة للعراقيين من حيث توفير المطارات والفنادق والخدمات السياحية و السكن والمعيشة لأسابيع او ايام .
ورغم الجهود الكبيرة والمخلصة التي تبذل لإنجاح الزيارات الا ان الزائرين يؤشرون العديد من الملاحظات بعد انتهاء كل زيارة , سواء ما يتعلق بالتزاحم أو قلة بعض الخدمات او صعوبة العودة الى ديارهم بعد انتهاء مراسيم الزيارات , كما ان استنفار الجهود والعمل بالاستثنائية يؤدي الى اغلاق بعض الطرق وتعطل بعض الخدمات وقد يؤدي الامر الى تعطيل الدوام في بعض المناطق والمحافظات , آخذين بنظر الاعتبار الوضع الامني المعروف للجميع وقيام البعض للسعي لأفشال الزيارات واستهداف الزائرين انطلاقا من اهداف ونوايا دنيئة , وقد اصبح الكثير يؤشر وجود حاجة فعلية لتوفير المتطلبات التي تتناسب مع الزيادة في عدد الزائرين في المناسبات الدينية او الايام الاعتيادية فالحركة بهذا الخصوص اكثر بكثير من المخطط والمنفذ من المشاريع .
ومما لا يخفى على احد , فان الشعائر التي تقام في المناطق المقدسة قد ولدت بأحداثها وسوف لا تنقطع في يوم من الايام فهي آخذة بالتنامي , وباتت غير مقتصرة على طائفة او فئة محددة فمعاني التضحيات التي رافقت احداثها تستلهم الانسانية كافة بغض النظر عن القومية والدين والمذهب , وتلك ليست فرية او ادعاءات لان المعايشة اليومية تشهد توافد العديد من غير ( الشيعة ) , وخلال زيارة الاربعينية التي انتهت قبل ايام شاركت جموع من المذاهب والاديان , فالجامع بينهم هي إنسانية واقعة ألطف التي أعطت اعلى الامثلة في التضحية والتمسك بالمبدأ والترفع عن الملذات , دون ان ننكر وجود نسبة مهمة من الزائرين لأسباب عقائدية ومذهبية , ففي كربلاء المقدسة تتوحد القلوب والنفوس للتعبير عن الحب والاحترام الى آل بيت الرسول الاعظم ( ص ) .
لقد كانت الزيارات التي تمت خلال شهري محرم وصفر من العام الحالي , ردا عمليا على تخرسات اعداء الانسانية والاسلام من الكيان الداعشي الذي هدد وتوعد باستهداف هذه الشعائر , فزادت اعداد الزائرين لدرجة ان خطباء الجمعة في النجف وكربلاء من ممثلي المرجعية الشريفة قد طلبوا من المواطنين عدم ترك مناطقهم فارغة كي لا تكون اهدافا للمعتدين كما رفعت الحرج عن النازحين في اداء مراسم الزيارة , ولكن الحشود المليونية زحفت لتناصر الامام الحسين ( ع ) وتستلهم العبر من تضحياته لتحولها الى فعل في معارك الدفاع عن الوطن ومقاتلة الدواعش , كما فعل ابنائهم من القوات المسلحة وفصائل المقاومة الاسلامية والحشد الشعبي التي طهرت المدن وعبدت الطرق لمسيرة الزائرين بعد ان زينتها بدماء الشهداء , فتحولت تلك التضحيات الى شموع اضاءت طريق ( يا حسين ) ومنهم شهداء جرف النصر الأبطال .
ان استيعاب العدد المتزايد من الزوار المحليين والاجانب وتقديم الخدمات اللازمة لهم والاعتماد على السياقات بدلا من الاستثناء , يتطلب إعداد خطط مفصلة لإنشاء البنى التحتية من الطرق والمطارات والفنادق والمطاعم وغيرها من الخدمات على وفق اخر التقنيات العالمية , بما يناسب مكانة مقاماتنا العظماء وبشكل يسهل قيام الزائرين بتأدية شعائرهم ولا يؤثر على سير وانتظام الحياة في المناطق الاخرى , دون اهمال الجوانب الاستثمارية ومردوداتها الاقتصادية , فهناك دول تعتمد في تمويل نسبة مهمة من موازناتها على مردودات السياحة وهم ينفقون مبالغ كبيرة لجذب السياح ونحن يأتينا السائحون ولا نجد طريقة مناسبة لتقديم الخدمات لهم , وان مهمة من هذا النوع يجب ان تتشارك بها الجهات ذات العلاقة وبما يضمن تحقيق أعلى استثمار في هذا الجانب بهف خدمة الزائرين وتسهيل امورهم وليس ابتزازهم من قبل الشركات التي قد لا تفهم معنى المعتقدات .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat