من بطن الدجاجه الحلك ابو علي
عبد الله السكوتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الله السكوتي

هواء في شبك
( من بطن الدجاجه لحلك ابو علي )
يحكى ان امرأة فقيرة تمتلك بضع دجاجات ، تبيع بيضها للجيران ، فتتقوت بما يدر عليها البيض من ثمن ، وكان لهذه المرأة ولد اسمه (حسين ) وتدعوه ابو علي ، وهذا الولد يعمل في مدينة اخرى ، فلم تزل المرأة في بحبوحة من العيش ، حتى جاء ولدها ابو علي ليسكن معها ، وكان لسوء حظها يحب البيض ، فكان يستولي على البيض فيأكله ، وفي يوم من الايام جاءت جارة لها لتشتري منها البيض ، فقالت العجوز : ( والله يابه ماعدنه بيض ، وداعتج من بطن الدجاجه لحلك ابو علي ) .
اعتصرني الالم ، وانا اشاهد القنوات الفضائية تتسابق ، في اطعام الناس ، مرة فطور مجاني ومرة اخرى ، مساعدات مالية تتراوح بين خمسين الف دينار الى مئة الف ، ومنها من يوزع مولدة كهربائية او ثلاجة ، لبيوت من الصفيح ، تلتهب مع لهب حرارة آب ، ايتام وارامل ، ومعوقين ، وعوائل سحقها الزمن بعجلاته التي لا ترحم ، وجوه تنبيك عما بداخلها من الالم والثكل والفقد ، اضع يدي على وجهي ، وانا اسمع وارى التظلم والبكاء والمسكنة ، فاهزأ من جميع الشعراء الذين يصورون مآسي شعوبهم ، كل دمعة قصيدة ، تجعل الدماء الباردة التي تسكننا تثور على واقع فاسد صارت فيه البيضة ( من بطن الدجاجة لحلك ابو علي ) ، بينما يتضور الاخرون جوعا ، ويباع الفقراء في المزاد للذي يدفع اكثر ، هناك فضائية تدفع الملايين ، واخرى تختصر الطريق ، بمئة الف دينار لكل عائلة في مجمع يتألف من مئة بيت ، والاخرى تبحث عن المعاقين ، لترسلهم الى الخارج ، مشكورة هذه الفضائيات ، وعساها الا تزايد بجراح الاخرين .
ويحكى في هذا ان رجلا جاء الى الامام علي في طلب حاجة ، وكان لايقوى على ذكر حاجته ، فادار الامام وجهه عنه وقال اكتب حاجتك على الارض واذهب ، هؤلاء الفقراء لماذا يظهرون على شاشات الفضائيات ، وذل الحاجة ماثل في اعينهم ، لماذا هذه المتاجرة بجراح الاخرين على مسمع ومرأى من العالم اجمع ، انا اعرف مؤسسة ثقافية ، لااريد ان اذكر اسمها كانت تعطي الرواتب ، وتقرّب المحتاجين والمرضى بدون ذكر الاسماء ، فقط يتقدم المحتاج بطلب ويصون وجهه بان يتسلم المبلغ بظرف مختوم ، ومن الحسابات ، لا اريد ان اقول انها صدقة ، وانما هو حق للفقراء في اموال الاغنياء ، انها ارض الجميع وخيرها للجميع ، فليضع كل واحد منا ، نفسه موضع هذه العوائل ، ماكان سيفعل ساعتها ، ورحم الله ثوري الاسلام ، اباذر الغفاري حين قال : عجبت من لايجد قوت يومه كيف لايخرج على الناس شاهرا سيفه ؛ هذا التقسيم المنحط الذي جعل بعض الناس فوق بعض درجات ، بلا منهج واضح ودون تقنين ، فصار الغني ، والذي في الغالب الاعم جمع ماله من جوع غيره ، يتحكم بمشاعر الاخرين ، ويخرجهم على الفضائيات ، يبكون ويتذللون ؛ من اعطاك الحق ان تستلب هؤلاء كرامتهم بعد ان سلبت اموالهم ، ولو اردنا ان ننظر الى الموضوع من جانب آخر ، اهؤلاء الفقراء الذين يظهرون على الفضائيات ، هم بمفردهم الفقراء ام ان هناك غيرهم كثير ، وماقيمة ان تشبع جائعا بعد اذلاله من بين ملايين الجياع ، ولكن لمن نتكلم ومن يسمع (فالبيضه من بطن الدجاجه لحلك ابوعلي ) .
عبد الله السكوتي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat