هواء في شبك ( ياكل ويّه الذيب ، او يحرس ويّه الراعي )
عبد الله السكوتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الله السكوتي

كان مضيف الشيخ ( احمود المغامس ) قد امتلأ من الصباح الباكر ، وكان الرجال يأتون مجموعات لتسمع من بعيد نغم فناجين القهوة ، وهي تغرد كأن هناك تلوح في الافق بشائر نبأ جديد ، تناول الرجال وكالعادة وباسلوبهم السهل البسيط ، التطورات الاخيرة وماشهده العراق من تظاهرات واحتجاجات ، وماتداخلها من دعوات مختلفة ، وكان الشيخ المغامس قد بدأ حديثه فقال : ( بويه ربعنه شو السياسيين وكتلهم السياسيه ، كلهم يدعون همه امسوين التظاهرات ، جاهمّه بالحكومه يولا ) ، فرد عليه جامن ( امحفوظ تسمح من فضلك اسولف هاي السالفه )، وبدأ جامن حكايته ان راعيا جلب كلبا لحراسة اغنامه ، ودربه وعلمه على طرق الحراسة ، فتوقع ان يكون كلبا وفيا ، ولكن لاحظ الراعي المسكين ان اغنامه تتناقص يوما بعد آخر ، فاراد ان يضع حدا للامر ، فسهر ليلة من الليالي ولاحظ ان كلبه الوفي يسوق قاصية الغنم ويذهب بها الى ذئب مختف في احد الكهوف ليفترسا الشاة معا ، فلم يصدق عينيه وامهله ليلة اخرى فتكرر الامر ثانية ، فقام وقتل الكلب ، فاردف الشيخ احمود المغامس : ( اكلك جامن هوه هذا اليكلون عليه ، ياكل ويه الذيب او يحرس ويه الراعي ) ، نعم هناك من يأكل مع الذئب ويحرس مع الراعي ظانا انه لم يكشف ، يتسلمون الملايين ويدعون الى التظاهر والاعتراض والاحتجاجات ، ليصبحوا بهذا اول مثل يجود به التاريخ ، وهم يعلمون علم اليقين انه لايمثل اجهزة الدولة الفاسدة سوى المتنفذين فيها ، ولايمثل الحكومة سوى ثلة من الناس الذين يجهل ماضيهم الشعب العراقي ، اما الكتل السياسية فتلك مصيبة المصائب اصوات متداخلة تسعى الى حصد مكاسب شخصية او فئوية لايهمها بذلك اية طريقة لتحقيق هدفها ، لقد سعت هذه الكتل وهؤلاء السياسيون الى تمزيق العراق من خلال تمثيل اجنداتهم الفئوية او الطائفية ، وعندما بدا الشعب تظاهراته في سبيل تحسين الوضع المعيشي ، وتحقيق انسانيته شاركوه تظاهراته ليضعوها في جيوبهم ، وليسيسوا مايفيدهم منها تحت شعارات اسقاط الحكومة ، ظانين بذلك انهم سيحصدون ثمارها ويستطيعون ان يفوزوا بفوضى اخرى يكونون هم اسيادها من جديد ، قلنا فيما سبق : ان كل من يتقاضى راتبا فلكيا هو سارق من سراق الشعب ، وكل من يمثل اجندة فاسدة قصدها تدمير هذا البلد وبيعه الى جهات اجنبية فهو عدو الشعب الاول ، اما الحكومة فهي اظهرت عجزها امام تكالب الرأي العام عليها وانحياز الاعلام الى جهات اخرى فاسقط في يديها ولاتدري ماذا تفعل ، ان اجهزتها الادارية والامنية ماتزال هشة لاتعرف حتى طريقة التعامل مع المتظاهرين ، ولم تواجه من قبل حالة كهذه لتستطيع بتجربة معينة ان تستوعب طلبات المتظاهرين ، وكل هذا يأتي من جانب واحد ، هو ان الحكومة يصيبها التشرذم وقد قضت عليها المحاصصة في يوم تشكيلها ، هناك اطراف متعددة في الحكومة تتمنى زوالها ، وهي في هذا تأكل مع الذئب وتحرس مع الراعي ، لسنا هنا نريد الدفاع عن المالكي ولكن الملاحظ لسير التظاهرات وشعارتها ان جميع الاخطاء وجميع اوجه الفساد قد جيرت باسم المالكي فلا احد غيره في الصورة ، وهذا ينبع من نظام المحاصصة السيء الذي يحاول ومنذ تشكيل اول حكومة ، التلاعب في عواطف الشعب لتحقيق مآرب كتلية يعطيها الحق في اسقاط هذا واعلاء ذاك على حساب مصلحة الشعب ومشروعه الديمقراطي الفتي ، حتى الكثير ممن يقفون وراء تأجيج الوضع في العراق هم موظفون في مؤسسات حكومية ويتقاضون رواتب فلكية ، والاحرى بهم ان يشاركوا الشعب همومه في التنازل عن هذه المرتبات التي تعبر في احيان كثيرة الملايين العشرة ، وهناك من بقفون على الحياد في مراكزهم العليا لا لهم ولاعليهم في حين انهم يقفون على هرم السلطة في العراق ، كل هذا يحتاج الى مراجعة ومتابعة ، وكما قال الشاعر :
فاما ان تكون اخي بحق فاعرف منك غثّي من سميني
والا فاطّرحني واتّركني عدوا اتقيك وتتقيني
ونحن نقول بلسان عامي بسيط : ( لو ويّه الراعي ، لو ويّه الذيب ، ولحد يبقه ياكل ويّه الذيب ، او يحرس ويّه الراعي ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat