صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الأوطان موجودات أرضية لا كيانات سياسية؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الوطن إبن الأرض ومن صلب كيانها وهويتها وملامح شخصيتها , وهي التي أوجدته على جغرافية بدنها , ولا يمكنها أن تغييره إلا بإرادتها , وحينما تقرر أو تلد نفسها من جديد , من رحم التفاعلات الجيولوجية الكامنة فيها.

ولهذا فأن الأوطان حالة ثابتة كثبات الأرض , وقد تتعرض لتقسيمات سياسية وعسكرية وثقافية وغيرها من معايير التقسيم , لكنها تبقى بذات كيانها الأرضي , مهما حاولت القوى أن ترسمها وفقا لمشيئة مصالحها.

فبولندا – على سبيل المثال – تقسمت بين القوى المفترسة لها وعلى مدى 135 عاما , لكنها عادت والتأمت وأعلنت عن هويتها الوطنية المرسومة جغرافيا بيراع الأرض الدوارة بنا.

والعرب عندهم وطن واضح ومعروف ويخضع لتقسيمات سياسية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى , لكنه ووفقا لإرادة الأرض لا بد له أن يعود لذاته الجغرافية , ويعبّر عن دوره الحضاري كوطن واحد , حتى ولو إمتد هذا التقسيم لقرون أخرى , فقوة الأرض نافذة لكنها صابرة ومؤكدة لإرادتها , وتعلم أن البشرية من نسلها ومن ترابها ومائها , وإرادتهم تكون بقبضتها مهما يتوهمون.

تلك حقيقة دورانية تصارعية ذات تداعيات تفاعلية مؤثرة في مسيرات الأجيال المتعاقبة , ولها مردوداتها المتنوعة وصياغاتها المتعددة الكفيلة بصياغة حالة الصيرورة الفاعلة في الحياة المعاصرة والغابرة.

ومن هنا فأن الساعين لتفتيت أي وطن ربما سيفلحون لبعض الوقت , لكنهم على المدى البعيد سيفشلون حتما , لأن الفاعلين لا يدومون والتغيرات قانون حتمي شديد الفعالية والتطبيق مهما كانت المعوقات والمصدات , كما أن الأفكار تتطور وتتوالد وتتأثر بمعطيات عصرها وروافد الأجيال المتجددة المياه والأمواج والرؤى.

ولهذا فليذهب إلى حيث يريد أي عقل تفتيتي قاصر مستعبد بأفكار مضطربة عدوانية النوايا والتطلعات , لأنه سيبوء بخيبته في حياته أو بعد حين , فلن ينتصر البشر على الأرض , ولن يلوي ذراع إرادتها , ويهينها ويتحكم بقواها الهائلة النتائج والعظيمة الفعل.

فأهلا وسهلا بداعاة تقسيم أوطانهم وتدميرها , وعليهم أن يسجلوا فوق التراب شواهد أميتهم وجهلهم وتبعيتهم وعدوانهم على ذاتهم ومصيرهم , وكلها ستمضي وتغيب , ولن يبقى ويسود إلا ما يصلح للأرض والناس أجمعين!!

تلك حقائق واضحة ساطعة في أروقة التأريخ , ودروس بليغة متكررة يؤكدها ما جرى في القرن العشرين , وتعيدها أحداث القرن الحادي والعشرين , لكن الكيرين يتغافلون عنها وبعمهون في ضلالات المطامع والعواطف المريضة المنحرفة , التي تأخذهم إلى سوء السبيل وخزي المصير , ولا يستيقظون إلا حينما يجدون أن كل تميمةٍ لا تنفع!!


د-صادق السامرائي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/06



كتابة تعليق لموضوع : الأوطان موجودات أرضية لا كيانات سياسية؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net