مع إستقبالنا محرم لإحياء مناسبة عاشوراء نتمى أن يتوحد العالم الإسلامي تجاه هذه القضية
احمد علي الشمر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد علي الشمر

فى هذه الأيام ونحن نستقبل أيام عاشوراء الحزينة..عاشوراء إستشهاد أبي الأحرار، إمامنا الحسين عليه السلام..تبرزأمامنا قضية مازالت من أبرزالقضايا التى نتمنى أن يتوحد العالم الإسلامي تجاهها، ليس من منطلق طائفي ضيق ومقيت، وخلفيات تستدعى من خلالها احتقاناتنا التعصبية لأحداث هذه الواقعة، ولكن للإعتبارات التى توحد المسلمين من موقفهم تجاه هذه المأساة الأليمة لمقتل واستشهاد الإمام الحسين وثلة من أهله وأصحابه.
والواقع أن قضية عاشوراء وموقف العالم الإسلامي منها، خاصة مايتعلق فيها بحادثة إستشهاد سبط رسول الله صلى الله عليه وآله..الإمام الحسين بن علي عليهما السلام..
واقعا هذه القضية تعتبرمن أبرزالقضايا الإسلامية الشائكة، التى تؤرق العالم الإسلامي، خاصة فى موضوع وحدة العالم الإسلامي وموقفه من هذه القضية الهامة..!!
فقضية عاشوراء ﻻشك من القضايا التي ﻻزالت غائبة فى معظم العالم الإسلامي، ليس فقط من خلال تجاهلها من قبل وسائل الإعلام العربية والإسلامية، وانما أيضا للأسف من قبل الخطاب والنهج العام للخط الإسلامي والمناشط والمنابروالمدارس الثقافية والفكرية - التاريخية والمعاصرة - منها بشكل عام، التى غيبت وتجاهلت وﻻزالت تتجاهل بشكل متعمد، توثيق وإبرازهذه القضية بزخمها وصورمأساتها التاريخية المعروفة التى تبين وقائعها الأليمة التى إنتهت..بمقتل واستشهاد الإمام الحسين وثلة من أهله وأصحابه عليهم السلام..ورضوان الله تعالى عنهم.
فقضية الحسين لاشك هي قضية محورية لجميع المسلمين، وليست لطائفة دون غيرها، كما يحاول البعض أن يصورهذه القضية، لأسباب معروفة، ولكن مايجمع المسلمين جميعا رغم ذلك دون شك..هوموقفهم الرافض والموحد تجاه هذه ماحدث فى واقعة هذه المأساة.
فإذا كان موضوع تجاهل تراث أهل البيت عليهم السلام، وماناله من صور التشويه والتعتيم الثقافى والفكري والاعلامي، الذى مورس خلال حقبة تاريخية طويلة، لانريد اﻵن نبشها فى هذه العجالة..لطمس معالم هذا التراث الأصيل لمدرسة أهل البيت، ومحاولة إخفاء معالمها النورانية المضيئة لذات هذه المدرسة وهذا التراث والتاريخ المجيد..وهوتاريخ حافل وناصع لصفوة أهل البيت عليهم السلام، فإننا ندرك بأن معظم بل جميع تلك المحاولات ولله الحمد قد بائت بالفشل.
فبفضل الله تجلت قدرته وبفضل المؤمنين المخلصين، قد أصبحت هذه المدرسة اليوم واقعا حضاريا مشعا بأنواره المضيئة فى كل أرجاء الدنيا، رغم كل تلك الممارسات الهادفة للتعتيم على هذه القضية، وهذا من خلال الخطاب الإعلامي والمنبري الشامل لمدرسة أهل البيت، الذى يبث ويرسل عبرمختلف الفعاليات والمنابرالفكرية والإعلامية المختلفة، بجانب دعم وإنتشارالفضائيات، وتعدد وسائل الإتصالات ومختلف الوسائل الإعلامية المتنوعة التي تقوم بهذ الدور النشط والفاعل، أقول بفضل الله وبفضل كل المخلصين القائمين على هذا الإنجاز الضخم، لنشر المعرفة بهذا التراث الأصيل لهذه المدرسة، قد أصبحت معظم الفعاليات التى تبذل من خلال هذه المساعي الخيرة، أصبحت تسد العجزالحاصل، وتقوم بالتغطية الشاملة، لفك وإزاحة التعتيم ونشروابرازمعالم هذه المدرسة والتعريف بها فى مختلف أصقاع العالم، وهو العمل المثمرالذى أعطى لهذه المدرسة كل هذا الزخم الذى تتمتع به ونلمسه ونعاينه اليوم والحمد لله، ليس فى محرم فحسب، وإنما فى مختلف المناسبات التى تحيي فيها هذه المدرسة مناشطها المختلفة على مدارالعام، لإقامة وإحياء ذكرى مناسبات أهل البيت عليهم السلام.
ومن هذا المنطلق فإننا نعتقد جازمين بأن إلتقاء الأمة الإسلامية فى قضية أهل البيت، هي مصلحة عامة للملمة شمل وشتات الامة، لتلتقي من جديد على ما يوحد كلمتها ويؤلف قلوبها ويرفع شأنها والمحافظة على قيمها وتراثها، وخاصة فى مضمارهذه المدرسة، وهي مدرسة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وحتى يكون ذلك منطلقا لدعم أواصر المحبة والتلاحم والتآلف فيما بيننا جميعا، وعلى إختلاف أطيافنا الإسلامية، فمحبة الحسين وأهل البيت عليهم السلام..كما هومعلوم ليست حكرا على أتباعهم وشيعتهم، وإنما هي قضية عامة تخص المسلمين جميعا دون إستثناء.
وأما إحياء ذكرى عاشوراء لدى أتباع أهل البيت عليهم السلام فى بلادنا العزيزة ، وخاصة فى المناطق التى يتواجد بها أطياف هذا المكون الكريم من أتباع هذه المدرسة، فلا شك بأنه رغم تنمية الوعي العام والتطورالكبيرالذى حدث فى مسألة التعاطي الإيجابي، لإحياء هذه المناسبة وما حدث بين الأمس واليوم..وفى مختلف المناحي والمجالات المختلفة ومن جميع الوجوه، فإننا لاشك نلمس هذا التطور الملحوظ فى كل مايتعلق بشئونها، ولكننا ونحن نحتفل هذه الأيام بإحياء ذكرى عاشوراء، فإننا نهيب بالجميع بأن يسهموا بالمحافظة على الهدوء والتنظيم وتلافى الإختناقات وإفساح المجال للأطراف الأخرى، سواء من النساء أوكبارالسن لمساعدتهم لأخذ طريقهم ضمن العمليات والفعاليات التنظيمية التى يشرف عليها أصحاب المجالس أوالجهات المنوط بها تقديم هذه الخدمات.
ولاشك أن هناك تطورواضح كما أشرت، قد حدث فى طبيعة إحياء هذه المناسبات، وخصوصا فى الجوانب التنظيمية، فالجهات القائمة على هذه المدرسة من أصحاب المجالس والحسينيات لا يألون جهدا، فى العمل المستمرمن أجل تحسين الخدمات وتجهيزتلك الأماكن بكافة الوسائل والتجهيزات اللازمة، وكذلك من خلال ما يقوم به العلماء الأجلاء من دورهام، عبرتضمين الخطاب الحسيني الموجه بكل ماينفع المتلقين فى دينهم ودنياهم، وإثراء هذا التراث الفكري والتاريخي لهذه المدرسة بكل ماينفع ويفيد المجتمع دينيا وأخلاقيا، وكذلك تحسين مضمون الخطاب الحسيني ذاته بما يوازن بين ماضي وحاضرالأمة ومستقبلها.
وأعتقد أن القفزة الحقيقية التى شهدناها فى غضون السنوات الأخيرة، كانت طفرة إعلامية ونوعية كبيرة وهائلة ومتميزة، أسهمت وإلى حد كبيرجدا، فى النهوص بهذه المدرسة وانتشارخطابها الإسلامي فى أنحاء مختلفة من العالم، وهذا لاشك هونتيجة إيجابية لانتشارمئات القنوات الفضائية، التى أنشئها أتباع أهل البيت ويتم بث واستقبال أثيرها فى مختلف أنحاء المعمورة.
وهوالأمرالذى كان له كبيرالأثرفى نشرقيم وتراث أهل البيت، والتعريف بفضلهم ومكانتهم وتراثهم، فى مختلف دياروربوع العالم الإسلامي، بالإضافة إلى الكثيرمن الأصقاع التى يصل إليها البث الفضائي.
والحقيفة أن تطورالمنبرالحسيني لمدرسة أهل البيت عليهم السلام..كان له الأثر الكبيرأيضا فى الإرتقاء والنهوض بمستوى الوعي والفكرالديني والإسلامي عموما، ليس على مستوى الطائفة فحسب، وإنما على مستوى العالم الإسلامي، وجميع الأفراد ومختلف شرائح وطبقات المجتمع الإسلامي عموما والشيعي خاصة، وبحيث أسهم ذلك فى تنمية الوعي الثقافي والفكري والإجتماعي لدى معظم تلك الشرائح ومنها شرائح مجتمعاتنا المحلية، وهوالأمرالذى إنعكس على طبيعة السلوك العام، فى الممارسات ودعم أواصرالألفة والمحبة والتواصل الإجتماعي، وكذلك فى بذل العطاء وأعمال البروالخيرلمختلف فئات وقطاعات المجتمع.
وحتى يمكننا المحافظة على هذه الإنجازات التى تحققت فى نهضة هذه المدرسة، والعمل على تحقيق المزيد من الإضاءات المشعة لهذ المدرسة، التى نتشرف ونتباهى ونفخربها كأتباع لهذه المدرسة، علينا بأهمية مواصلة الجهد والإلتزام بالمحافظة على أطرها الجميلة ونحن نستقبل أيام عاشوراء هذه الأيام، واحترام قيمها، عبر كل ممارساتنا وسلوكياتنا العامة والخاصة، لحسن آدائنا والتحلي بالأخلاق الحميدة وبذل وتقديم المساعدات لمن يحتاجها من كبارالسن والقاصرين والعجزة، والمشاركة فى مختلف الفعاليات التى تسهم فى إحياء هذه المناسبة، بصورة تنظيمية هادئة وجميلة، للعمل قدرالإمكان على تيسيرسبل السيرللمشاة والمركبات ومواكب العزاء، بقصد تفادي الزحام والإرباك والعرقلات المرورية، وحتى نتمكن فى النهاية من إظهارإحتفالنا بإحياء هذه المناسبة العظيمة، بما تستحقه من المظاهرالتى تليق بها وتستحقها..متمنيا للجميع التوفيث وحسن الآداء.
وعظم الله أجورنا وأجوركم..باستهاد أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه وعلى أهله وأصحابه المستشهدين بين يديه.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وأصحاب الحسين..السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته..أبدا مابقيت وبق الليل والنهار.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat