صفحة الكاتب : عبد الزهره الطالقاني

عين الزمان المدرسة المستنصرية والمشهد الثقافي في المتنبي
عبد الزهره الطالقاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المباني الاثرية والتراثية عادة تزخر بجمالية العمارة المحلية وخصوصيتها وطبيعتها وفن الزخرفة الذي استخدم في تلك المباني القديمة بشكل واسع .. لذلك تعتبر هذه المباني لوحدها متاحف قائمة .. كما ان اهمال هذه المباني وعدم استخدامها للاغراض الملائمة تجعلها عرضة  للاندثار والنسيان .. لذلك لا بد من ايجاد وظيفة مناسبة وملائمة ومنسجمة مع طبيعتها وسعتها وموقعها ، حتى تصبح معلماً دائما للمدينة ومقصدا سياحيا وثقافيا .. وتعتبر الوظيفة الثقافية الاكثر ملاءمة لمثل هذه المباني كأن تكون متاحف اومراكز فكرية وادبية وفنية..
ان الخطوة المباركة التي بدأها محافظ بغداد السابق د.صلاح عبدالرزاق بتخصيص الاموال لصيانة وتاهيل مبنيين تراثيين مهمين هما مبنى الحاكمية السابق الذي تحول الى مركز ثقافي بغدادي بامتياز تقصده الجموع يوم الجمعة لاقامة مختلف النشاطات الثقافية والفنية ، ومبنى القشلة الذي تم تأهيله من قبل المحافظة انذاك وبالتعاون مع وزارة السياحة والاثار ليصبح ساحة ثقافية بامتياز ايضا يأمها آلاف العراقيين كل جمعة .. والقشلة كلمة تركية تعني المكان الذي يمكث فيه الجند ، او الحصن , او القلعة , التي تضم دوائر الحكومة .. وقد بناها في قلب بغداد القديمة الوالي نامق باشا في بداية سنوات حكمه التي امتدت من (1861-1868) ولم تكتمل .. فاكمل البناء الوالي مدحت باشا الذي تولى امور بغداد للفترة (1868-1871) وقد زادها هذا الاخير طابقا ثانيا واقام برجا عاليا وسط ساحتها ووضع عليه ساعة كبيرة لايقاظ الجنود .. هذه الثلاثية , شارع المتنبي ، والمركز الثقافي البغدادي ، وقشلة بغداد اصبحت اهم تجمع للمثقفين البغداديين وزوار بغداد يوم الجمعة كما انها اصبحت مركزا لاقامة الفعاليات الثقافية (معارض ومحاضرات ومهرجانات وعزف للموسيقى ومعارض للكتب اضافة الى الخطابة وتجمعات التعبير عن الرأي) .. وقد جذب هذا التوسع في المساحة والتنوع في المباني والطرز العمارية التراثية كثيرا من العراقيين لزيارة هذا الموقع والتمتع بالمشاهد المحببة التي تسبب الارتياح للناظرين ، من هنا تأتي اهمية توسيع الرقعة الثقافية باضافة مبنى المدرسة المستنصرية الى المشهد الثقافي العراقي الذي بدأ يتسع ويأخذ ابعادا اخرى في اجواء الانفتاح والتمتع بالحريات وهذه الاضافة تستدعي جهودا مشتركة بين وزارتي السياحة والاثار والثقافة ومحافظة بغداد .. ان طبيعة مبنى المدرسة المستنصرية واثريتة وطرازه المعماري وتعدد مرافقه وحجره ورواقاته وجمالية المبنى ، كلها تجعل منه مقصدا ثقافيا مهما ووضعه وسط الاضواء مجددا ، كما تم من قبل لمبنيين تراثيين مهمين مجاورين للمستنصرية ، فهذا المرفق العلمي الذي انشئ في العصر العباسي يعد من اقدم الجامعات في العالم ويقع بجوار قصر الخلافة والمدرسة النظامية ، وهما مبنيان اثريان غاية في الروعة ، يمكن ضمهما الى المشهد الثقافي لاحقا بعد تأهيلهما وصينتهما .. وعودة الى المدرسة المستنصرية التي يمكن ان تصبح احد المراكز الثقافية المهمة ليس على صعيد العراق والمنطقة فحسب ، بل حتى في العالم .. فقد بنى هذه المدرسة الخليفة العباسي المستنصر بالله عام (620هـ)لتكون اول مدرسة مفتوحة تدرس فيها العلوم الدينية لجميع المذاهب الاسلامية .. اضافة الى مختلف العلوم الاخرى كاللغة والطب والفلسفة والصيدلة والرياضيات .
وكان الطالب الذي يقضي عشر سنوات دراسة في هذه المدرسة يمنح شهادة تؤهله للعمل في دواوين الدولة آنذاك .. ويتميز المبنى بعمارته الاسلامية المتميزة وزخارفه الجميلة .. وتقدر مساحته 
بـ( 4836م ) مربع ويضم في وسطه ساحة امامية .. وهي منطقة مفتوحة  وتحتوي على حدائق ، ويمكن الافادة منها في اقامة مختلف النشاطات وهكذا فان المبنى مهيأ بالتمام ليلتحق بركب الثقافة العراقية بعد ان عانى من العزلة امتدت الى مئات الاعوام .. خطوة جريئة من الوزارتين والمحافظة لاتخاذ مثل هذا القرار وضم المدرسة المستنصرية  الى جمعة المتنبي الثقافية فهل انتم فاعلون ..؟!!
القاهرة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الزهره الطالقاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/12



كتابة تعليق لموضوع : عين الزمان المدرسة المستنصرية والمشهد الثقافي في المتنبي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net