من هو السياسي الأفضل من السيد المالكي
صاحب ابراهيم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صاحب ابراهيم

نطمح نحن كعراقيون أن يكون ساستنا على قدر من المسؤولية والحرص بحيث نشعر إننا في الأيادي الأمينة التي تسهر على مصلحتنا قبل أن نسهر عليها ، وتحمينا قبل أن نحمي أنفسنا، وتهتم بمستقبل أطفالنا قبل أن نهتم بهم .
أنا لا أتكلم عن الجمهورية الفاضلة الخيالية التي تكلم عنها أفلاطون ولا عن المدينة الفاضلة التي أرادها الفارابي ، ولكن أتكلم من منطق (على قدر المستطاع ) والأحلام التي تراودنا كشعب ذو حضارة عريقة سبقت الحضارات الأخرى بأساليب المعرفة الفكرية والمنطق والقانون المدني والتنظيم والعمران وغيرها من مقومات المجتعات البدائية الكاملة .
ساسة البلد هم الذين يجعلون شعوبهم تعيش في حالة من الطمأنينة والأمان ، وبمقدورهم أن يجعلوا الشعب يرزح تحت خط الفقر حيث المرض والعوز والجوع بغض النظر عن إمكانيات البلد المادية .
ربما يعتقد البعض أن وضع البلد المادي له دور سواء كانت حالة ايجابية أو سلبية دون أن يكون دور رئيسي للساسة معتمدين بنظرتهم على ما يتمتع به البلد من خيرات وأموال وإمكانيات .... هذا الكلام فيه من الصحة الشيء الكثير ، لكن لا ننسى إن الساسة هم قادة الربان وهم من يتحملوا نتيجة أفعالهم سواء كانت صالحة أو طالحة وحالهم كحال الضابط الناجح الذي يحقق الهدف بأقل ما يمكن من الخسائر البشرية .
سقت هذه المقدمة المقتضبة لكي أوضح للقراء الكرام عن حالة عاشها كل من كان في العراق وكان شاهدا حيا على أحوال العراق السياسية من زمن ما بعد الجمهورية وتحديدا من زمن أيام الزعيم عبد الكريم قاسم رحمه الله ولحد يومنا هذا .
لا أريد الولوج في صفحات التاريخ ولكن سوف اذكر القليل من المحطات المهمة في تاريخ ساسة العراق الذين حكموا البلد طيلة فترة الخمسين عاما خلت .
كل من حكم العراق له ميزات وصفات ولا أريد أن اذكر الحسنات لأننا لسنا بحاجة لذكر حسنات فلان من الناس لأنهم أصبحوا تحت الثرى والله وحده هو الذي يقرر ما في قلوب الناس وهو المحاسب لكل شاردة وواردة وتصرف معين وهو ارحم الراحمين ، لكن ما يهمنا هنا المقارنة بين ما قدمه السيد المالكي وبين ما قدموه ساسة العراق .
بعد انتهاء العهد الملكي في العراق وتحويل البلد من الملكية إلى الجمهورية بدأت المشاكل والقلاقل تظهر للعلن بحجج مختلفة وبدأ الشارع العراقي أكثر اضطرابا واقرب للفوضى لو تم المقارنة مع العهد الملكي لكن علينا أن نفهم إن وضع البلد كان مستقرا لو تمت مقارنته بزمن ما بعد الاحتلال الأميركي للبلد وفي كل العقود التي مرت بالعراق بعد الجمهورية وهذا يعني إن القيادة تكون أسهل بكل الأحوال من قيادة بلد انهار خلال أيام وبدأ ينهض من الصفر.
لو تم المقارنة ( بقلب ابيض وصاف ) بين ما قدمه السيد المالكي وما قدمه أي رئيس سابق لوجدنا أن السيد المالكي قد قدم ما لا يستطيع أن يقدمه أي من رؤساء العراق السابقين ولسبب بسيط جدا وهو أن ساسة الأمس حينما كانوا يستلمون دفة الحكم كان البلد مستقرا والمؤسسات الرسمية والوزارات جاهزة والأمور بصورة عامة تسير وفق خطة كاملة لا تحتاج لجهد لإكمال مسيراتها سوى أن تستبدل صورة الرئيس القديم بالجديد وهذا ما جرى بالفعل عندما استلم البكر رئاسة العراق بعد الرئيس عبد الرحمن عارف وخلال يومين فقط عادت الأمور لنصابها بعد أن استبدلوا الصورة الجديدة بدل القديمة ، وهذا يعني إن البكر حينها لم يقدم لنا أي مجهود سوى الجلوس أمام عدسة المصور الفوتوغرافي وبعدها يختار صورة واحدة من الصور التي يراها الأفضل ليقول لهم هذه هي الصورة التي أريدها أن تعلق في كل مؤسسات العراق .
لكن ما قدمه المالكي لا يستطيع احد من ساسة الأمس أن يقدموه حتى لو اجتمعوا كلهم في عهد واحد وتقاسموا الأدوار تقاسما صادقا لما استطاعوا حينها أن يقدموا لنا ما قدمه السيد المالكي .
ربما يجدني البعض متطرفا لهذا الرأي مدافعا بقوة عن السيد المالكي وهذا واضحا من خلال المقالات التي أرسلها لموقع كتابات الموقر ... والإجابة هنا تكمن في إني استلهم هذه القوة من خلال ما أحسست به لو لم يكن السيد المالكي على دفة الحكم في أكثر زمنا صعبا مر بالعراق وهو زمن الحرب الأهلية الغير معلنة في العراق قبل سنوات .
إني أرى بعين لا تنظر للأمور إلا من خلال نظرة مستقبلية ونظرتي كانت إن العراق قد دخل فعلا بنفق لا خروج منه ولا هروب منه ولا ربح لفئة ولا مفخرة لدين ولا قيمة لبشر ولا احتراما للإنسانية ولا يوجد في الأفق سوى الموت لأتفه الأسباب .
كان جهد السيد المالكي جهدا استثنائيا لا يستطيع كل من استلم الحكم بعد الجمهورية ولحد يومنا هذا ، وهذا هو سر إعجابي بشخص السيد المالكي ، لكن عقولنا دائما تنظر لواقع اليوم الذي نعيشه ولا تفهم معنى النظر البعيد وسوف يأتي يوما بعد أن يكمل السيد المالكي مشواره السياسي ويستلم كرسي الحكم غيره حينها ستقولون ما كان أفضل للعراق من السيد المالكي وستعودون لقراءة كتاباتي بحسرة حين تعلمون إنني أفضل من يقرأ المستقبل ويدرس الماضي ويفكر بالحاضر.
إذن لا يوجد من هو أفضل من السيد المالكي وهذا هو رأي عقلاء البلد إن تكلموا بصدق النيات بعيدا عن المزايدات الكلامية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat