الحجاب الشرعي وسلبية تطبيقه عند النساء
احمد خالد الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد خالد الاسدي

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة على محمد واله الطاهرين وبعد:
قال تعالى في محكم كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم :
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُب...ْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور/31}
ان من أهم العادات والمفاهيم الخاطئة في مجتمعنا والمجتمعات العربية والإسلامية هي مسألة الحجاب الإسلامي وتحريفه من قبل النساء , لان اغلب نساء اليوم يتصورن إنهن اطعن الله سبحانه في الحجاب لكن ما نراه اليوم هو البعد الشاسع بين ما أمر الله سبحانه وبين ما ترتديه النساء اليوم . اذ ان المفهوم اليوم عن الحجاب هو ان تغطي المرأة شعر رأسها فقط , اما اذا غطت شعرها فهي محجبة بغض النظر عن زينة الوجه والعطر والملابس الغير محتشمة.
هذا المفهوم الخاطئ لمسألة الحجاب يحتم علينا ان نبين للمجتمع ما هو الحجاب لغة وشرعا وكيف نستطيع إيصال المفهوم الصحيح للحجاب الإسلامي عسى ان نكون ممن امر بالمعروف ونهى عن المنكر والله المستعان.
الحجاب لغة كما في كتاب العين للخوارزمي 3/86 في مادة حجب يقول الحجب كل شئ منع شيئا من شئ فقد حجب حجبا وفي كتاب مجمع البحرين 2/34 في قوله تعالى حتى توارت بالحجاب يقول يعني حتى غابت الشمس في الافق واستترت به والحجاب هو السور او الحاجز .
اذن الحجاب هو الذي يمنع الرؤية نقول قد حجب الجبل اشعة الشمس عنا اي اننا لم نعد نراها .
اما الحجاب شرعا فهو ستر المرأة لمفاتن جسمها من رأسها الى اخمص قدمها ما عدا الوجه والكفين بل يجب عليها ستر ظاهر قدمها عن الاجانب كذلك. اذن نستطيع القول بأن من ترتدي الحجاب اليوم حسب ما يراه الشارع المقدس قليل جدا,لان المجتمع اليوم يرى ان الحجاب هو القطعة المربعة او المستطيلة احيانا التي تغطي الرأس فقط, لكن الحقيقة ان الحجاب هو ما يستر كل مفاتن المرأة ,فنستطيع القول ان من تكشف عن شعرها او من تغطيه لكن قد ابرزت مفاتنها من لباس ضيق يبين ما تحته او زينة الوجه من ماكياج او غيره او اخراج خصلة من مقدم شعر الراس كما نراه اليوم بكثرة كل هذه الاصناف من النساء لا تعتبر محجبة بالحجاب الشرعي بل هي متبرجة سافرة خارجة عن التعاليم الإلهية , لان هناك حقيقة مهمة وهي ان الشعر ليس هو فقط مصداقا لزينة المرأة بل المرأة كلها زينة وتجلب الفتنة الا ما ظهر منها كما عبر القران الكريم وهو الوجه والكفين,نعم يجب ان تعرف النساء ان الله قد احل لهن ان تكشف زينتها لرجل واحد وحسب ضوابط مشددة من عقد ومهر وصداق معجل ومؤخر,لا ان يراه كل الرجال وكل من هب ودب لان الله سبحانه يريد ان يحفظ كرامة المرأة من الامتهان والذل فهي جوهرة فريدة لا يمكن ان ينالها الإنسان الا بعد ان يغوص في اعماق البحار حتى يرزقه الله بالمرأة التي يحل له ولها كل شئ. وعلينا ان نتكلم مع الرجال ايضا فالغيرة الصحيحة هي الحفاظ على المرأة من كل خطر محتمل ان يداهمها وهل هناك من خطر أعظم من ان تكون المرأة غير محجبة -- ونقصد الحجاب الشرعي وليس فقط غطاء الرأس-- تهاجمها أعين الرجال من كل صوب وحدب ويشتم عطرها الرجال الاجانب وكل منهم قد اشتعلت فيه نيران الشهوة بسبب استهتار زوجته, الا يفكر كم من شخص يرى زوجته وهي كاشفة عن بعض شعرها او قد برزت مفاتن جسمها بسبب اللباس الضيق او العطر النفاث , ألا يدور في خلده ان هؤلاء الرجال كل منهم يفكر بجزء من أجزاء زوجته. الله الله يا رجال عليكم بالحفاظ على ستر نساؤكم والله المستعان واليه المشتكى.
ومن وصية الامام علي للإمام الحسن عليهما السلام كما في نهج البلاغة 3 - 56 يقول أمير المؤمنين عليه السلام :" وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن وعزمهن إلى وهن. واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن فإن شدة الحجاب أبقى عليهن ، وليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن ، وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل . ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ولا تعد بكرامتها نفسها ، ولا تطمعها في أن تشفع بغيرها . وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم والبريئة إلى الريب".
يقول العلامة الشيخ مرتضى المطهري في بحث حول الحجاب نشرته مجلة الكوثر في عددها التجريبي ص 92 بان بعض العلماء يرى "بأنه من اجل حصر كل أنواع التلذذ بالحياة الزوجية وحدها ضمن نطاق العائلة, خدمة لصالح الرجل والمرأة والعائلة كلها, فرض الإسلام الحجاب على المرأة عند التقائها بالرجال الأجانب عنها".
اما المخرج السينمائي العالمي الشهير" الفريد هيتشكوك" يقول "ان المرأة الشرقية شديدة الجاذبية بذاتها, وكانت هذه الجاذبية تمنحها الكثير من القوة , ولكن على اثر المساعي الكبيرة التي بذلتها المرأة الشرقية لتتساوى مع اختها الغربية انزاح الحجاب شيئا فشيئا, فتضائلت جاذبيتها الجنسية شيئا فشيئا مع زوال حجابها".
يقول الباحث "ديل ديورانت" وهو يستعرض نظريات اصول السلوك الجنسي عند المرأة "لقد عرفت المرأة ان التبذل يؤدي الى الضعة والامتهان فعلمت ذلك بناتها " فهي بميلها الغريزي نحو العفة والحياء وستر الجسد ترفع من قيمتها وتعزز مكانتها عند الرجال.
واخيرا نقول بأنه ربما توحي كلمة "الحجاب" والتي تعني الستر الشرعي بمعنى سلبي وكأن الإسلام يريد للمرأة ان تحتجب عن المجتمع وتنعزل عنه,فلا تمارس دورها فيه وهذا ما ذكرته بعض الاحاديث الموضوعة,في حين ان الواقع التاريخي للإسلام لا يلتقي مع ذلك فلقد كانت المرأة المسلمة تخطب وتشارك في المعارك او مستنهضة للهمم وتساهم في النشاطات العامة بما لا يخرجها عن حدود الالتزام والعفة وخير مثال لدينا هو سيدتنا أم المؤمنين السيدة خديجة وسيدة نساء العالمين مولاتنا فاطمة الزهراء وابنتها جبل الصبر زينب الكبرى فخر المخدرات, لذلك فأن الأنسب في التعبير ان نقول " الستر الشرعي" لان مصطلح الحجاب لم يرد في اي من الكتب السماوية وإنما هو مصطلح عرفي نقصد منه الستر.فلماذا أراد الله من المرأة ان تتستر؟
لقد اجبنا عن ذلك فيما سبق بعض الإجابة وقد تأكد ان الإسلام يريد التركيز على إنسانية المرأة دون ان يلغي خصوصيتها الأنثوية ولم يحدد الإسلام شكلا معينا للستر بل تحدث عنه في الإطار العام,والمواصفات التي يجب ان يتصف بها لباس المرأة دون الخوض في تفاصيل اللون والشكل وتصاميم الأزياء وذلك ضمن هذه النقاط التالية:
اولا: اوجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفين وعلى بعض الآراء القدمين أيضا وذلك لغير الزوج او المحارم كالأب والعم والخال والإخوة, وأجاز النظر الى تلك المسافة المحدودة على اعتبار ان هذه المواضع "الوجه والكفين" هي ما تحتاجه المرأة من التعامل الاجتماعي.
ثانيا: اوجب عليها أن تستر فتحة الصدر لأنها من مواضع الإثارة وذلك هو قوله تعالى " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" والخمر جمع خمار وهو غطاء الرأس , والجيوب جمع جيب وهو فتحة الصدر من الثوب , فالواجب على الفتاة أو المرأة المسلمة أن تغطي رأسها بخمارها وأن تستر صدرها ونحرها وعنقها , حتى لا ينكشف شئ من هذه المفاتن لنظرات المتطلعين. وحتى لا تكون المرأة المسلمة كالمرأة المتبرجة في الجاهلية " وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" لأن التبرج لغة هو إظهار ما يجب إخفاؤه, ولقد كانت المرأة في الجاهلية تخرج متبرجة وتمشي بين الرجال .
ثالثا: أوجب عليها أن لا تبدي زينتها ألا ما ظهر منها والمراد من الزينة هنا هو الزينة الطبيعية كالشعر والمحاسن الجسمية , فيجوز أظهار ما بدا منها وهما الوجه والكفين, وأما الزينة الاصطناعية كالأصباغ والمساحيق فلا يجوز إظهارها " وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ". ولقد صدق من قال " لقد تساهل الإسلام مع المسنات وشدد على الشابات في مسألة الحجاب" ولكن جاء العمل على عكس ما أمر به القرآن الكريم, حيث نرى التبرج في الشابات والتحفظ من المسنات, فتساهلن فيما شدد الله وتشددن فيما تساهل . .
رابعا : في الستر الشرعي أراد الإسلام لملابس المرأة أن تكون موافقة لشروط معينة هي :
اولا: أن تغطي جميع الجسم عدا المستثنى منه" ما ظهر منها".
ثانيا: أن لا يشف ولا يصف ما تحته , أي أن لا يكون رقيقا يحكي البشرة ويبرزها .
ثالثا: أن لا يحدد أجزاء الجسم أو يبرز مفاتنه , أي أن لا يكون مثيرا للشهوات وذلك قوله تعالى " يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ” وأن لا يكون مصداقا للتبرج بأن ترتدي الفتاة أو المرأة لباسا يستر جسدها لكن " موضته" أي طريقة صناعته أو خياطته تخلق حالة من ألإثارة ربما تفوق أظهار المفاتن ,وهذا لا يتناسب مع الحجاب المعنوي الذي أراده الإسلام أن يكون ملكة خالدة في ذهن الفتاة .
نعم فيما ذكرناه كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد وحسبنا أن ذكرنا أن الذكرى تنفع المؤمنين , وهذا هو المعنى الصحيح والشرعي للستر والحجاب الذي يريده من نسائنا الله تبارك وتعالى والحمد لله رب العالمين.
المصادر:
-القران الكريم.
-الفقه للمغتربين فتاوى السيستاني.
- أحكام المرأة المسلمة للحاجة ام علي مشكور.
-نشرة المعرفة الصادرة من مسجد السيد الصافي في البصرة أبي الخصيب.
-برنامج النور وهو برنامج كومبيوتري.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat