إيران .. وتشكيل الحكومة العراقية
غفار عفراوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إعتاد الشعب العراقي على تأخر إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العامة، كما إعتاد على تأخر التوافق بين الكتل السياسية على أسماء الرئاسات الثلاثة. وهذا "التعود" صار شيئا مفروغا منه ولا داعي للتبريرات والاعتذارات وكذلك التهم المتبادلة من قبل تلك الكتل فيما بينها.
إن الشعب وبكافة اطيافه وفئاته وتوجهاته يعلم علم اليقين ان معضلة اختيار رئيس الوزراء بالدرجة الأساس هي بيد اللاعبين الرئيسيين في العملية السياسية العراقية منذ بدايتها ولحد الان، وهما ايران والولايات المتحدة الامريكية. ولا يختلف عاقلان على ان الكتل السياسية حتى لو اتفقت فيما بينها على نوعية الرئيس ومواصفاته العامة فان لهذين اللاعبين الكلمة الفصل في اسم المرشح ومباركة عمله والبدء معه في جولة مباحثات اهمها المصالح الخاصة والعامة لهما.
في انتخابات 2014 نستطيع القول ان هناك تراجعا طفيفا من قبل الولايات المتحدة في إصرارها وتعنتها حول اسم المرشح والقبول باية شخصية تحقق مصالحها وتعمل وفق الخطط العامة المرسومة للسياسة الدولية في العراق.
اما الجمهورية الاسلامية الايرانية فهي اللاعب الأهم في هذه المرحلة من خلال سلسلة المباحثات التي أجرتها مع قادة الكتل السياسية الشيعية بالخصوص على اعتبار ان منصب رئيس الحكومة محجوز سلفا للتحالف الشيعي الذي يضم بين طياته أطرافا متناحرة ومتخالفة وهناك من وضع خطوطا حمراء على تولي اشخاصا بحد ذاتهم.
ايران الان تناقش الأطراف الثلاثة الأقوى في معادلة الأرقام ومعادلة الشارع الشيعي وهم ائتلاف دولة القانون (نوري المالكي) وائتلاف المواطن (عمار الحكيم) وائتلاف الأحرار (مقتدى الصدر). وهي لا تريد أن تخسر أيا منهم لاعتبارات عديدة طائفية وشعبية وتاريخية وغيرها.
ايران تلعب على جميع الإحتمالات، وتحاول الخروج بأقل الخسائر من هذه العملية المعقدة التي خلقتها الأرقام المتقاربة بين كتلتي (المواطن - الأحرار) و (كتلة المالكي)؛ إذ ان الارقام تشير الى عدم قدرة طرف دون آخر من تكوين حكومة، وكل كتلة تحاول إقناع ايران انها قادرة على جمع المناصرين من كتل اخرى لتشكيل الحكومة القادمة، فائتلاف دولة القانون يصر على تولي نوري المالكي ولاية ثالثة رغم رفض الحكيم والصدر لها بحجة انه قادر على استمالة عدد من الكتل الصغيرة المتفرقة - مهما كانت - لكي يشكل حكومة غير خاضعة وغير مقيدة بوزراء من كتلتي المواطن والاحرار بالشكل الذي يضعف حكومته كما حدث في الولايتين السابقتين.
اما ائتلاف المواطن - الأحرار فانه متمسك بعدة أوراق لاقناع ايران ان ترفع يدها عن ولاية ثالثة للمالكي ومن تلك الاوراق الفشل العام لحكومة المالكي على جميع المستويات وأهمها الأمنية والعلاقات الدولية، وكذلك الرفض الكبير من قبل كتل مهمة ومؤثرة في المشهد السياسي مثل التحالف الكردستاني وكتلة اياد علاوي وكتلة اسامة النجيفي وكتلة صالح المطلك وكتلة التحالف المدني الذي "تشكل" رفضا لحكومة المالكي، إضافة الى ورقة احتمالية تفكك التحالف الشيعي الذي باركته ايران وترغب ان يبقى لانه العمود الفقري للحكم الشيعي الذي تطالب به وتصر عليه ولا تفرط فيه أبدا، كما ان ورقة المرجعية الدينية لا زالت قوية ومؤثرة في الشارع العراقي وهي التي طالبت بتغيير المالكي والحكومة بشكل عام والاتيان بوجوه جديدة تعمل لمصلحة العراق وخدمته والتخفيف من معاناته المستمرة.
اتصور ان اللعبة الان بيد المفاوض السياسي الاكثر إقناعا للمفاوض الايراني، فلو استطاع ائتلاف المالكي اقناع ايران بوجهة نظره فانها ستمارس الضغط السابق الذي مارسته على التيار الصدري في الدورة السابقة ويكسب المالكي الولاية الثالثة. اما ان لم يستطع اقناعهم فانا اتصور انه سيلجأ الى تقديم التنازلات تلو التنازلات لجميع الكتل الصغيرة والصغيرة جدا من أجل جمع العدد اللازم للتصويت على رئيس الجمهورية ومن ثم رئيس الوزراء.
والامر ذاته بالنسبة "للمواطن والاحرار" في كيفية إقناع رؤساء الكتل الكبيرة بعدم الاستجابة للمغريات والمناصب التي ستقدم لهم من اجل التصويت للولاية الثالثة التي تعتبر من اولويات برنامجها الانتخابي الذي حاورت به الناخب طيلة الفترة السابقة.
اتمنى ان لا ننتظر كثيرا لعبة جر الحبل بين الكتل الشيعية المتصارعة، وأدعو الجانب الايراني أن يقول كلمته الفصل بأسرع وقت لان الشعب العراقي يعيش مرحلة صعبة وحرجة ومأساوية بسبب التعطيل العام للدولة العراقية.
2014/08/05
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
غفار عفراوي

إعتاد الشعب العراقي على تأخر إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العامة، كما إعتاد على تأخر التوافق بين الكتل السياسية على أسماء الرئاسات الثلاثة. وهذا "التعود" صار شيئا مفروغا منه ولا داعي للتبريرات والاعتذارات وكذلك التهم المتبادلة من قبل تلك الكتل فيما بينها.
إن الشعب وبكافة اطيافه وفئاته وتوجهاته يعلم علم اليقين ان معضلة اختيار رئيس الوزراء بالدرجة الأساس هي بيد اللاعبين الرئيسيين في العملية السياسية العراقية منذ بدايتها ولحد الان، وهما ايران والولايات المتحدة الامريكية. ولا يختلف عاقلان على ان الكتل السياسية حتى لو اتفقت فيما بينها على نوعية الرئيس ومواصفاته العامة فان لهذين اللاعبين الكلمة الفصل في اسم المرشح ومباركة عمله والبدء معه في جولة مباحثات اهمها المصالح الخاصة والعامة لهما.
في انتخابات 2014 نستطيع القول ان هناك تراجعا طفيفا من قبل الولايات المتحدة في إصرارها وتعنتها حول اسم المرشح والقبول باية شخصية تحقق مصالحها وتعمل وفق الخطط العامة المرسومة للسياسة الدولية في العراق.
اما الجمهورية الاسلامية الايرانية فهي اللاعب الأهم في هذه المرحلة من خلال سلسلة المباحثات التي أجرتها مع قادة الكتل السياسية الشيعية بالخصوص على اعتبار ان منصب رئيس الحكومة محجوز سلفا للتحالف الشيعي الذي يضم بين طياته أطرافا متناحرة ومتخالفة وهناك من وضع خطوطا حمراء على تولي اشخاصا بحد ذاتهم.
ايران الان تناقش الأطراف الثلاثة الأقوى في معادلة الأرقام ومعادلة الشارع الشيعي وهم ائتلاف دولة القانون (نوري المالكي) وائتلاف المواطن (عمار الحكيم) وائتلاف الأحرار (مقتدى الصدر). وهي لا تريد أن تخسر أيا منهم لاعتبارات عديدة طائفية وشعبية وتاريخية وغيرها.
ايران تلعب على جميع الإحتمالات، وتحاول الخروج بأقل الخسائر من هذه العملية المعقدة التي خلقتها الأرقام المتقاربة بين كتلتي (المواطن - الأحرار) و (كتلة المالكي)؛ إذ ان الارقام تشير الى عدم قدرة طرف دون آخر من تكوين حكومة، وكل كتلة تحاول إقناع ايران انها قادرة على جمع المناصرين من كتل اخرى لتشكيل الحكومة القادمة، فائتلاف دولة القانون يصر على تولي نوري المالكي ولاية ثالثة رغم رفض الحكيم والصدر لها بحجة انه قادر على استمالة عدد من الكتل الصغيرة المتفرقة - مهما كانت - لكي يشكل حكومة غير خاضعة وغير مقيدة بوزراء من كتلتي المواطن والاحرار بالشكل الذي يضعف حكومته كما حدث في الولايتين السابقتين.
اما ائتلاف المواطن - الأحرار فانه متمسك بعدة أوراق لاقناع ايران ان ترفع يدها عن ولاية ثالثة للمالكي ومن تلك الاوراق الفشل العام لحكومة المالكي على جميع المستويات وأهمها الأمنية والعلاقات الدولية، وكذلك الرفض الكبير من قبل كتل مهمة ومؤثرة في المشهد السياسي مثل التحالف الكردستاني وكتلة اياد علاوي وكتلة اسامة النجيفي وكتلة صالح المطلك وكتلة التحالف المدني الذي "تشكل" رفضا لحكومة المالكي، إضافة الى ورقة احتمالية تفكك التحالف الشيعي الذي باركته ايران وترغب ان يبقى لانه العمود الفقري للحكم الشيعي الذي تطالب به وتصر عليه ولا تفرط فيه أبدا، كما ان ورقة المرجعية الدينية لا زالت قوية ومؤثرة في الشارع العراقي وهي التي طالبت بتغيير المالكي والحكومة بشكل عام والاتيان بوجوه جديدة تعمل لمصلحة العراق وخدمته والتخفيف من معاناته المستمرة.
اتصور ان اللعبة الان بيد المفاوض السياسي الاكثر إقناعا للمفاوض الايراني، فلو استطاع ائتلاف المالكي اقناع ايران بوجهة نظره فانها ستمارس الضغط السابق الذي مارسته على التيار الصدري في الدورة السابقة ويكسب المالكي الولاية الثالثة. اما ان لم يستطع اقناعهم فانا اتصور انه سيلجأ الى تقديم التنازلات تلو التنازلات لجميع الكتل الصغيرة والصغيرة جدا من أجل جمع العدد اللازم للتصويت على رئيس الجمهورية ومن ثم رئيس الوزراء.
والامر ذاته بالنسبة "للمواطن والاحرار" في كيفية إقناع رؤساء الكتل الكبيرة بعدم الاستجابة للمغريات والمناصب التي ستقدم لهم من اجل التصويت للولاية الثالثة التي تعتبر من اولويات برنامجها الانتخابي الذي حاورت به الناخب طيلة الفترة السابقة.
اتمنى ان لا ننتظر كثيرا لعبة جر الحبل بين الكتل الشيعية المتصارعة، وأدعو الجانب الايراني أن يقول كلمته الفصل بأسرع وقت لان الشعب العراقي يعيش مرحلة صعبة وحرجة ومأساوية بسبب التعطيل العام للدولة العراقية.
2014/08/05
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat